لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر … وجُمع الشمس والقمر!


الثلاثاء/مارس/2022
   

قال تعالى في سورة يس { لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ وَلاَ ٱلَّيلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }، هذه الآية تتحدث بشكل علمي بحت بأن للشمس فلك (مدار) وللقمر فلك (مدار ) وأن هذان المداران لا يتقاطعان، وبالتالي، فإنه لا ينبغي للشمس ان تدرك القمر، وهذا كلام منطقي ومقنع ويتطابق مع ما يقوله العلم الحديث، فالقمر يدور حول الارض دورة كل 27 يوم وبسرعة 3،700 كيلومتر/ساعة وبالنسبة لناظره من الارض، فإنه يدور مرة كل 29.5 يوم. وتدور الارض حول الشمس كل 365.25 يوم بسرعة 107،000 كيلومتر/ساعة وتدور الشمس حول مركز المجرة كل 250 مليون سنة تقريبا بسرعة 758،000 كيلومتر/ساعة. ولكن، في سورة القيامة، حدث العكس، فقال تعالى { وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } فكيف لهذا التناقض الواضح أن يحدث في كتاب الله.

الشكل يوضح مدار الشمس والقمر والشمس التي لا تتعداها

ما يزيد الموضوع تعقيدا وحيرة أنه ورد في سورة الانفطار أن من احداث الساعة ان الكواكب ستنتثر وتخرج من مداراتها { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ }، والنثر كما ينثر المزارع القمح عند الزراعة وهو وصف غاية في الدقة كون الكواكب تسير بمدار دائري حول الشمس وهو يشبه الحركة القوسية التي يقوم بها المزارع. ولكن رسول الله، الذي لا ينطق عن الهوى، قال “تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق ، حتى تكون منهم كمقدار ميل …”، فلماذا ستنثر كافة الكواكب ما عدا الأرض، حيث أنها كوكب يدور حول الشمس مثل باقي الكواكب وليست لها مواصفات خاصة بالحجم أو بالمدار.

العامل المشترك

انتثرت

لم يستخدم تعالى ذكره لغوياً أدوات النفي في سورة يس، بل أكد في آيات اخرى ما يتناسق مع ذاك النص بأن هذا الجريان محدود المدة “وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى” في سورة فاطر 13 و الزمر 5. من الواضح أن العامل المشترك بين الحدثين اللذان سببا التناقض (جمع الشمس والقمر، ودنو الشمس يوم القيامة) هو انهما مرتبطان بأحداث الساعة والقيامة، هذا يعني أن هناك ظروف خاصة ستحدث في ذلك الوقت ستساعد في تحليل هذا التناقض، فما هي؟

يحصل خسوف القمر عندما تتوسط الارض بين الشمس والقمر أو بمعنى آخر، يختبيء القمر خلف الأرض

فقد روى مسلم في صحيحه حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ وفيه: ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة. وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ أُهْبِطَ مِنْ الْجَنَّةِ وَفِيهِ تِيبَ عَلَيْهِ وَفِيهِ مَاتَ وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَمَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَهِيَ مُصِيخَةٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ حِينِ تُصْبِحُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ شَفَقًا مِنْ السَّاعَةِ، إِلَّا الْجِنَّ وَالْإِنْسَ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ.

تسلسل الاحداث

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي العين فليقرأ: إذا الشمس كورت، وإذا السماء انفطرت، وإذا السماء انشقت.

ورد في سورة التكوير { إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ سُيِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْعِشَارُ عُطِّلَتْ } فمعنى التكوير: الشَّمْسُ كَوِّرَتْ أزيل ضياؤهَا أو لُفَّتْ وطُويَتْ بينما معنى الكدر: الكَدَرُ: نقيض الصفاء، ومعنى العشار عطِّلت: النّوقُ الحواملُ اهْمِلَتْ بلا رَاعٍ.

انفجار نجم شبيه من ناحية الحجم بشمسنا

أمّا الإنفطار: فطَرَ الشيءَ أي شقه، فهو الحدث التالي وهو إنشقاق السماء في منطقة شمسنا وتفسير الانشقاق في قوله تعالى: {إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ} “أي ٱنصدعت، وتفطرتْ بالغَمام، والغَمام مثل السحاب الأبيض، وكذا رَوَى أبو صالح عن ٱبن عباس. وروي عن عليّ عليه السلام قال: تُشَقّ من المجرة. وقال: المُجَرَّة باب السماء”.

نهاية الحياة الدنيا على كوكبنا محسومة في القران منذ خلقها، اذ اخبرنا بديع السموات والارض بان هذا الامر لا مفر منه وانه أحد اشراط الإيمان، هذا الحدث تم التخطيط له مسبقا من حيث الوقت والاحداث المسببة له والتي سنقوم بسردها بناء على ما ورد في القرآن الكريم والاحاديث النبوية. لا علم لنا بوقتها، ولكنها ستحدث يوم الجمعة، ويكون القمر على موعد مع خسوف.

رأي العين

تدخل شمسنا في حدث فريد، اذ ترسل شمسنا عاصفة شمسية دخانية “النجوم انكدرت” ثم يبدأ نور الشمس بالاضمحلال ويصغر حجمها تدريجياً وكأنه رمي بها، وصف رسول الله حال الأرض عند وصول العاصفة بأنها ستجعل “الأرْض كالسَّفِـينَةِ الـموبَقَةِ فـي البَحْرِ تَضْرِبُها الأَمْوَاجُ تُكْفَأُ بأَهْلها، أوْ كالقِنْديـلِ الـمُعَلَّقِ بـالعَرْشِ تُرَجّحُهُ الأَرْوَاحُ فَتَـمِيدُ الناسُ عَلـى ظَهْرِها فَتَذْهَلُ الـمَرَاضِعُ، وَتَضَعُ الـحَوَامِلُ“. فعند وصول العاصفة الشمسية الى الارض، تحدث حركات عنيفة في قشرة الارض على شكل زلازل غير مسبوقة بحيث ان الانسان لا يستطيع الوقوف، واذا وقف، فسيكون حاله حال “السكارى وما هم بسكارى”.

بعد فترة وجيزة، وقد تكون ساعة، تنفجر شمسنا بحدث عظيم فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) بحيث تتشقق السماء وتنسف الجبال بحيث تصبح ارضا ملساء من الشدة وتنتهي الحياة على كوكب الارض.

تغيّر مسار القمر Slingshot

عند انفجار الشمس وقذفها لقشرتها الخارجية، تبدأ الأرض وكما سيحدث لباقي الكواكب، بالانتثار من شدة انفجار وتبدأ بالتحرك بعيدا عن الشمس، وحيث ان القمر مختبئ خلفها مباشرة، فان العاصفة الشمسية لا تطاله ويستمر في دورانه حول الارض. اقتراب الارض من القمر يزيد الجاذبية بينهما بـ 400 ضعف حيث ان قوة الجاذبية تتناسب عكسياً مع مربع المسافة بينهما، ما يمنع القمر من ملامسة الارض هو حركته الدائرية حولها، والتي، ومع اقتراب الارض من القمر، تبدأ سرعة القمر بالازدياد نحوها ويمر بجانبها، ويخرج القمر من مداره حول الارض متجها مباشرة نحو الشمس، مثل المقليعة slingshot، وهذا الحدث الخاص هو ما يجمع الشمس والقمر. حركة القمر هذه باتجاه الشمس تقوم بعملية جذب الارض بعكس اتجاه الانفجار مما يعيد تثبيت الارض في مدارها حول الشمس.

قال صلى الله عليه وسلم “تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق، حتى تكون منهم كمقدار ميل …“. وعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ “مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ قَالَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا قَالَ أَبَيْتُ قَالَ أَرْبَعُونَ شَهْرًا قَالَ أَبَيْتُ قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً قَالَ أَبَيْتُ قَالَ ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ لَيْسَ مِنْ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلَّا يَبْلَى إِلَّا عَظْمًا وَاحِدًا وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ“

ينزل الله من السماء ماء على الارض وينبت الانسان كما ينبت البقل ويبدأ الحساب. وهكذا تدنى الشمس من الناس يوم القيامة وتكون بمقدار ميل كما اخبرنا رسولنا الكريم، حيث تدخل شمسنا بمرحلة يسميها العلماء بالعملاق الاحمر بعد قذفها لقشرتها الخارجية، ويصل وهجها – كما يقول العلماء – الى مدار الأرض. دقة الوصف في الحديث النبوي مبهرة، فالشمس هي التي تدنى من الأرض وليس العكس!

سبق وكتبنا في مقالتنا “فاذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان” تفاصيل واحداث الساعة بتعمق، وتأتي هذه المقالة بعد ست سنوات لتؤكد ما توصلنا اليه في حينه، كما وأنها تؤكد دقة التوقيت وتناسق الاحداث في القرآن الكريم، علماً بأن القرآن الكريم لم ينزَّل دفعة واحدة، بل خلال عقدين ونصف من الزمان، وتفاصيل الاحداث وردت وفي سور مختلفة وأزمنة مختلفة، كما ووردت أيضاً أدلّة مساندة في الأحاديث النبوية، فلا يمكن لهذا الكلام أن يأتي من شاعر أو ساحر أو مجنون أو حتى عبقري، { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } * { ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي ٱلْعَرْشِ مَكِينٍ } * { مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ } * { وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ } * { وَلَقَدْ رَآهُ بِٱلأُفُقِ ٱلْمُبِينِ } * { وَمَا هُوَ عَلَى ٱلْغَيْبِ بِضَنِينٍ } * { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } * { فَأيْنَ تَذْهَبُونَ }

{ فَأيْنَ تَذْهَبُونَ }
لا مفرّ من الحساب

بقلم: حسين أحمد كتّاب

 


الوسوم:

مقالات ذات صلة