حوار علمي بين الشيخ الزنداني والبروفيسور نيلسون حول نهي النبي عن أكل كل ذي ناب من السباع

 
الجمعة/مارس/2022
   

الشيخ عبد المجيد الزنداني: الأمين الأول لهيئة الإعجاز العلمي، شغوف بمناقشة أكابر العلماء في شتى العلوم لإظهار سبق بيان نصوص القران والسنة للحقائق العلمية في الكون الإنسان وهذا الحوار هو أحد هذه اللقاءات العلمية والذي جرى بين فضيلته البروفيسور جورج ستانلي نيلسون أستاذ علم الطفيليات البريطاني الشهير وشارك فيه البروفيسور محمد يوسف سكر والدكتور محمد الصادق عرفة من جامعة الملك عبد العزيز بجدة، وسنقدم في هذا العدد من مجلة الإعجاز العلمي جزءاً من هذا الحوار الشيق والذي يتعلق بالطب الوقائي من الطفيليات والكائنات الدقيقة وحيث يظهر فيه بوضوح سبق نصوص السنة لما ثبت واستقر في هذا العلم.

الشيخ الزنداني :

ما هو رأي الدكتور نيلسون في أكل السباع والحيوانات ذات الناب بصفة عامة حيث نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع وذي كل مخلب من الطير ؟

د.نيلسون :

أنها هذه إحدى اهتماماتي الخاصة وهنا أقول: أن هناك ثلاث أنواع من ديدان التريكينيللا وهي تصيب كل الحيوانات ذوات الناب (أكلات اللحوم) وإحدى هذه الطفيليات قد اكتشفتها أنا شخصيا في شرق أفريقيا والتي سميت باسمي (تريكينيللا نيسوناي) ولكن الذي يهمنا هنا هو أن هذه الطفيليات تنتقل بين الحيوانات (أكلات اللحوم ) وبالتالي إلى الإنسان إذا أكلها الإنسان , ولذلك فإن النهي عن أكلها شي طيب؛ وقد عرفت قبائل شرق أفريقيا ذلك حيث أنهم يبتعدون عن أكل للحوم الحيوانات المفترسة .

الشيخ الزنداني:

ومتى اكتشفتم ذلك الطفيلي ؟ .

د.نيلسون :

منذ حوالي عشرين عاماً وطيلة هذه الفترة ظل بعض الناس يشك في أنه فصيلة مختلفة من فصائل التريكينيللا الأخرى ومع تطور في أساليب البحث تم اكتشاف كيماويات هذه الطفيليات مثل حامض الإكليك، والذي يختلف وجوده من طفيلي إلى آخر، وقد ثبت بذلك أنها من فصيلة مختلفة .

صورة للبروفسور جورج ستانلي نيلسون

الشيخ الزنداني :

هل كانت الشعوب في العالم على علم بوجود ذلك الطفيلي المعدي في الحيوانات أكلة اللحوم ؟ .د. نيلسون :

إن الناس بفطرتهم كانوا يتجنبون أكل لحوم تلك الحيوانات خوفاً من الإصابة بمرض ما ولكن لا يعرفون هذا المرض .

وإنني لم أجب بعد عن سؤال حول الطيور الجارحة فقد اكتشف مؤخراً نوع من طفيلي التريكينيللا (تريكينيللا سيدوسباروترس ) وذلك في الاتحاد السوفيتي ويعيش هذا الطفيلي في الطيور الجارحة كالنسور والصقور والبوم على سبيل المثال لذلك فإن الطفيلي لم يصل للإنسان .

الشيخ الزنداني :

هل يمكن أن يصيب الإنسان إذا أكل لحم تلك الجوارح ؟.

د . نيلسون :

لم تسجل بعد حالات إصابة بهذا الطفيلي بين الإنسان إلا أن كل الأدلة تشير إلى أنه يمكن أن يصيب الإنسان .

الشيخ الزنداني :

متى عرف أن أكل لحوم ذوات الأنياب وذوات المخالب يسبب الأمراض ومتى كان الإنسان قادراً على أن يعرفها ؟ .

د . نيلسون:

من خلال التاريخ فإننا نعلم أن الإنسان قد أصيب بالطفيليات والأمراض التي تسببها منذ الأمد القديم حيث ثبت ذلك من تحاليل القبور والموميات المصرية القديمة منذ أربعة آلاف عام ؛ حيث وجدت البلهارسيا ولم يبدأ أحد قبل مائة وخمسين عاماً في دراسة دورة حياة تلك الطفيليات وبعد اكتشاف المجهر (الميكروسكوب) فإنه أدى إلى تغيير شامل في توجه الإنسان في التعامل مع الجراثيم وتطور فكرة دراسة دورة حياة الطفيليات ولم يحدث ذلك إلا منذ 150 عاماً مضت فقط ودعني أضرب مثلاً على ذلك فبالنسبة لطفيلي البلهارسيا فقد اكتشفه عالم ألماني كان يعمل في مصر عام 1852م فعرفنا عن وجود الطفيلي حيث استطعنا رؤيته عبر المجهر إلا أن دورة حياة بلهارسيا المجاري البولية وبلهارسيا المستقيم لم تكتشف إلا في عام 1914م أي بعد حوالي 140 عاماً ولكن اليابانيين اكتشفوا طفيليا آخر قبل ذلك بعام واحد أي أن تفهم المرض لم يحدث إلا قريباً جداً .

الشيخ الزنداني :

عندما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :(لا يبولنّ أحدكم في الماء الراكد الذي لا يجري ثم يغتسل فيه ) في هذا الحديث يربط هذا التوجيه النبوي بين البول في الماء الراكد وبين عدم الاغتسال فيه هل هناك حكمة في ذلك ؟.

د. نيلسون:

كل ما نستطيع قوله هو أننا الآن نعرف أن الاغتسال في الماء المتبول فيه ينقل الأمراض وتجنب ذلك يمنع انتشار الأمراض .

الشيخ الزنداني:

في ذلك الزمان أي زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم هل كان العقل البشري يربط بين عدم التبول في الماء الراكد و عدم الاغتسال فيه .

د. نيلسون:

يوجد الكثير من الطب الوقائي منذ عهد الفراعنة وعهد موسى عليه السلام وعهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم لمنع الأمراض واعتقد أنه كانت هناك خبرة ما بحيث لو فعلت كذا ستصاب بالمرض وأعتقد أنه شيء يمكن ملاحظته حيث إن البول والماء الراكد كل ذلك ذو علاقة بالمرض .

الشيخ الزنداني:

لكنك قلت منذ قليل أن الإنسان لم يعرف دورة الطفيليات إلا عام 1912م لأنها لا ترى بالعين المجردة فكيف يمكن تمييز شيء لا يرى إلا تحت الميكروسكوب ؟ فهل هناك إمكانية لإنسان أن يعرف العلاقة بين البول والماء الراكد والإصابة بالمرض وهذا طفيلي لا يرى بالعين المجردة والمراقبة لم تتيسر للإنسان ولم تعرف إلا عام 1912 ؟ فكيف نقول إن ذلك تم بالملاحظة والمراقبة ؟ أي ملاحظة لشيء لم يرى بالعين ؟ وهل سجل في التاريخ أن من بال في الماء الراكد قد أصيب بمرض؟ .

د.نيلسون:

لا يوجد ما يفيد بذلك .

الشيخ الزنداني:

هل تتوقع أن هناك إمكانية لملاحظة هذا من الأولين بدون الميكروسكوب؟ .

د.نيلسون:

لم أقصد أنهم لا حظوا الطفيليات ولكن ربطوا الأسباب والمسببات فمثلاً لا حظوا أن من يأكل الحيوانات ذوات الناب يصاب بالأمراض فتجنبوا أكل لحومها.

الشيخ الزنداني:

لكن قبل اكتشاف الحقيقة وطريقة المرض والعدوى وطريقة انتقاله إلى الإنسان يبقى الإنسان في خيالات أبعد منها إلى الحقائق قد يعللها مثلاً لوجود شياطين وقد يعللها بأنه أصيب بشوكة أو أن أمه غاضبة عليه أم انه شرب من دم كذا فليس عنه شيء يضبط الأمر .

د. نيلسون:

عملت في كينيا في مكان بدائي وقد وجد مرض يسبب العمى ويسبب مرضا جلديا سيئاً ولم يعرف إلا في عام 1929م بواسطة الميكروسكوب والعلم الحديث أن الذي يسبب المرض ذبابة تنقله من الماء إلى الأشخاص إلا أن الناس في ذلك المكان وقبل معرفة أي شيء عن دورة حياة الطفيليات لا حظوا أن من يتعرض للدغت تلك الذبابة أو يذهب إلى ذلك الوادي يصاب بالعمى فابتعدوا عنه بدون أي معرفة عن العلوم الحديثة.

الشيخ الزنداني:

ولكنكم قلتم إنكم لا تعرفون توثيقاً علمياً على أن هناك علاقة بين البول والأمراض الناتجة عن الاغتسال في الماء الراكد فهل يمكن اعتبار هذا الحديث هو أول وثيقة في هذا الباب منذ أربعة عشر قرناً من الزمان .

د.نيلسون :

نعم يمكننا القول بأنه إشارة إلى علاقة الماء والبول بالإصابة بالأمراض ولكن علاقته بالبلهارسيا لا يمكن توثيقها لأنه لم يذكر مرضاً في ذلك ولكن يمكننا القول بان الإنسان إذا تجنب التغوط بالماء أو العراء كان هذا ادعى لمنع انتشار الأمراض.

الشيخ الزنداني :

هناك شيء آخر الآن القط والكلب عندنا حيوانان يعيشان مع الإنسان نرى بعض تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن إدخال الكلاب البيوت ونهى عن استعمال أي شيء بعد الكلب، ولكنه سمح باستعمال فضل الماء الذي تشرب منه القطط إذن التفريق واضح بين الحيوانين وقد شرحتم من الناحية الطبية الأمراض التي تنشأ عن ذلك، وما كان أحد في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم معرفة هذا الفرق، فنريد أن نسأل من الناحية التاريخية هل هناك من ذكر هذا التفريق بين الكلب والقط؟ .

د.نيلسون:

إنه لم تعرف الأمراض التي تنقلها الكلاب أو القطط إلا منذ حوالي مائة عام والمرض الذي عرف هو داء (سعار الكلب) هذا هو المرض الوحيد الذي عرف قبل مائة عام .

الشيخ الزنداني :

وهل جميع الكلاب تنقل مرض سعار الكلب؟.

د.نيلسون:

نعم بل كل الحيوانات ذوات الناب تنقل ذلك الداء.

الشيخ الزنداني:

هل هناك من فرق تاريخياً في معاملة الإنسان لهذين الحيوانين؟

وبعبارة أدق هل هناك تعاليم من الناحية التاريخية أو الطبية سمعتموها تفرق بينهما أو تحث الإنسان على اجتناب الكلب والإذن بعدم اجتناب القط؟

صورة من اللقاء من مجلة الاعجاز العدد 7

 

د.نيلسون:

لا بل إن هذا الشيء الواضح الذي ذكر في الحديث النبوي ولم يسبق أن قطع به أو أخبر به أي شخص على الإطلاق.

الشيخ الزنداني:

الآن من الناحية الطبية قد عرفنا العلل فهل كان من الممكن أن تعرف هذه العلل في تلك الأزمنة أو الأمراض التي تسببها الكلاب ؟.

د.نيلسون:

لا.

الشيخ الزنداني:

فما تفسيركم لذلك إذن؟.

د.نيلسون:

لا أدرك بالضبط فقد أستأنس الإنسان الكلب منذ عشرة آلاف عام وقد استأنسها للتوقي من الذئب أصلاً، فكان الكلب ملازماً للإنسان في حياته سواء في الصيد ألاً حتى إن بعض الناس اعتادوا على النوم مع الكلاب للدفء و لا أعتقد أن إنساناً قد استبعد الكلب ومنعه من الدخول إلى المنزل إلا منذ عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

الشيخ الزنداني:

لقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أخبر به عن طريق الوحي.

د.نيلسون:

اعتقد أننا لا بد أن نقبل نبياً جاءته الرسالة من الله ولكن جاءت الرسالات لأنبياء آخرين وفيها كلام عن أمراض أخرى أيضاً فكما قال الرسول بعدم أكل لحم الخنزير فقد أرسل أيضاً إلى موسى عليه السلام بالنهي عن أكل لحم الخنزير أو لمس جيفته الميتة لذا فإن بعض تلك المعرفة يرجع إلى فترة إدراك وجود الله الواحد .

الشيخ الزنداني:

ونحن نؤمن كذلك لأن الرسل جميعاً ترسل من عند الله سبحانه وتعالى، ولكن لنا فقط بعض التحفظات حول نقل المعلومات عنهم لأنه حدث فيها تغيير.

د.نيلسون:

نعم.

الشيخ الزنداني:

فإذا انتقلنا أيضاً إلى الحيوانات الجلالة التي تأكل العذرة فإننا نسأل هل سبق في التاريخ من نهي عن أكل لحم مثل تلك الحيوانات؟.

د.نيلسون:

لا أدري إلا أن حقيقة الإنسان لديه إحساس بالجمال وإحساس بالنظام والشـــعر وإنه لمن شيء غير المحمود أن توجد كائنات تأكل البراز، وأنا متأكد أنه كان هناك اشمئزاز تجاه الحيوانات التي تأكل البراز.

الشيخ الزنداني:

مع احترامي لما قلتم فالإنسان ينقل سماده إلى الزرع والزرع يؤتي ثماراً ولكنه يتحول فكما يقبلها الإنسان في الزرع يقبل ذلك في الحيوان.

د.نيلسون:

إنني أدرك المشكلة فالبراز استخدم كمخصب للتربة واستخدم أطباء الصحراء بعض المواد المستخلصة من البراز في أفريقيا على سبيل المثال في علاج بعض الأمراض الموجودة عندهم وعلى ما أتذكر فإنه حتى في بريطانيا وأوربا وليس من زمن بعيد قرأت أن (مارتن لوثر) وكان واحداً من أكبر رجال الدين في أوروبا القديمة عولج من مرض الملاريا بأن أكل براز الفرس.

الشيخ الزنداني:

إذن فهذه الفكرة الأخيرة تشوش على الفكرة الأولـى وذلك أن الناس قد يكرهون أن حيواناً قد أكل برازاً ولكن مثل تلك الأفكار تقرب لهم تلك الحيوانات.

د.نيلسون:

لا. ليس كذلك فالأمر ليس مقبولاً من الناحية الحسية .

الشيخ الزنداني:

إذن فمن الناحية العلمية التاريخية هل تعرف أنه قد سجل في التاريخ العلمي أو في التاريخ البشري أن هناك من نهى عن أكل لحوم الحيوانات الجلالة؟

د. نيلسون:

لا أدري ولكن لابد أن أقول بأنني لست مؤرخاً ولكني أعتقد أننا لو بحثنا ملياً في الكتابات الفرعونية (المصرية القديمة) أو الرومانية أو الإغريقية أو الآشورية القديمة لوجدنا ما يدل على الاشمئزاز من تلك الحيوانات التي تأكل البراز.

الشيخ الزنداني:

أسـألك في إطار العلم متى نهى الأطباء عن أكل الحيوانات الجلالة ؟ أما أهم ما يزالوا إلى الآن لم ينهوا؟ .

د.نيلسون:

إن اكتشاف أول طفيلي ينتقل بهذه الطريقة (أي من الحيوانات الجلالة على الإنسان) كان عام 1838م عندما اكتشف الباحث(بدجت) طفيلي (التريكينيلا) وقام الباحث (زنكا) باكتشاف دورة حياة ذلك الطفيلي في 1858م إي منذ أكثر من مائة عام واكتشف زنكا وفيك الألماني أن الخنزير ينقل طفيلي التريكينيلا إلى الإنسان وكل ذلك منذ حوالي مائة وثلاثين عام فقط وفي نفس الوقت تقريباً اكتشف كل من كيكين مايس وفيك أوف وآخرون دورة حياة نوع من الديدان الشريطية تعرف باسم ( تينياساجيناتا) و(تيناسوليام)، حيث تصل الديدان إلى مرحلة التكيس وإذا أكل الحيوان محتويات البراز – ولا زلنا بذلك نتحدث عن مرحلة الخمسينات من القرن التاسع عشر.

د نيلسون:

اعتقد أنكم تعلمون بأنني اعلم طلابي الاقتباس من الأحاديث التي أظنها هامة عن العامة، وبعد النظر مرة أخرى في بعض الأحاديث معكم فقد تعلمت أن هناك الكثير من الأحاديث الأخرى لا أزال جاهلا بها، إلا أنني انتهيت إلى نتيجة عامة وهي أنه لو اتبع الناس في جميع أنحاء العالم أحاديث النبي محمد –صلى الله عليه وسلم- لاختفى الكثير من الأمراض التي تسببها الطفيليات.

الشيخ الزنداني:

شكراً وننتقل إلى موضوع الطيور والجوارح والنهي عن أكل الحيوانات مما كان له ناب من السباع أو مخلب من الطير، مرة ثانيه من الناحية التاريخية هل هناك تسجيل علمي لهذا؟ أم فقط المشاهدة التي شاهدتموها في أفريقيا ؟

د .نيلسون :

لا؛ ليس هناك تسجيل يمكن الاستشهاد به ولن التقليد المتعارف عليه بين الناس أنهم لا يأكلون الطيور ذوات المخالب من النسور والصقور مثلا ومعظم الناس في العالم لا يأكلون الطيور الجارحة.

الشيخ الزنداني:

إذن هل نستطيع اعتبار هذا الحديث أول توثيق للنهي عن أكل لحوم الطيور ذوات المخالب؟

د.نيلسون:

إنها إشارة مبكرة وبالرغم من أنني شخصياً لا أعلم بعد الأمراض التي يسببها أكل لحوم تلك الطيور ولكن ربما نكتشف في المستقبل أنواعاً جديدة من الأمراض المعدية التي تنتقل نتيجة أكل لحم هذه الطيور.

الشيخ الزنداني:

هذا موضوع بحث علمي.

د.نيلسون:

إنني مهتم بمعرفة ذلك الطفيلي (سيدوسبابدس) الذي ثبت وجوده في تلك الطيور ولم يثبت وجوده في الإنسان بعد، غير أنني متأكد أن الطفيلي معدٍ للإنسان إذا أكل لحم تلك الطيور ولن أقوم بالطبع بأجراء تلك التجربة على نفسي.

الشيخ الزنداني:

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “واخمروا الآنية وأجيفوا البواب (يعني أغلقوا) وأطفؤا المصابيح”فما تعليقكم على ذلك من الناحية الطبية ؟ وهناك حديث آخر للرسول صلى الله علية وسلم أيضا في البخاري: “أطفئوا المصابيح بالليل إذا رقدتم وأغلقوا الأبواب وأوكئوا الأسقية (أحكموا تغطيتها ) وخمروا الطعام والشراب”(1).

د.نيلسون:

نعم فإنه لو لم يتغطى الناس في البيوت -أو في الطريق – آنية الماء الذي يشربونه؛ فسينزل فيه البعوض والبعوض في المنزل تسبب نقل المرض الحمى الصفراء وتلك تنتقل عن طريق وضع البعوضة بيضها في إناء الماء .. وهذا أولا

الشيء الثاني: هو أن الطعام قد يتلوث بكثير من الطفيليات عن طريق الفئران وان لم تتم تغطيته واعتقد أن إغلاق الباب لا يسمح بدخول الفئران ولا البعوض إلى داخل المنزل، أيضا فإن إطفاء الضوء يمنع دخول الحشرات والبعوض المسببة للأمراض، التي تنجذب بطبيعتها إلى الضوء داخل المنزل.

الشيخ الزنداني :

بالنسبة للفأر فقد اعتبره الرسول–صلى الله عليه وسلم– من الفواسق الخمس التي تقتل حيث قال – – كما في البخاري:”خمس من الدواب لا حرج على من قتلها الغراب والحدأة والفار والعقرب والكلب العقور”(2).

د.نيلسون:

لا ادري عن الغراب ولكن أهم تلك الأشياء الفأر حيث انه سبب في نقل الكثير من الأمراض فهي في السعودية- على سبيل المثال – تسبب نقل عدد من الطفيليات مثل (هين ليفنز) والليشمانيا(حبة بغداد ) وعدد كبير من الأمراض لذا في قتل الفئران يعتبر شي ضروري.

الشيخ الزنداني :

إنك مختص في دراسة العلاقة بين الإنسان والحيوان وقد رأيتم بعض التعاليم, فهل يمكن أن تعلق على هذه التعاليم الإسلامية؟؟

د.نيلسون

إن الحيوانات التي ذكرت قد تم اختيارها على نحو خاص وإنني اعرف ما للكلب العقور من أضرار وكذلك الفأر ولكنني لا أعرف عن الغراب وعلى أي حال فإنه ربما نكتشف في المستقبل أن الغراب مسئول عن نقل بعض الأمراض الأخرى, لأنه في كل عام نكتشف أمراضاً جديدة تنتقل عن طريق الحيوانات وأخرى عن طريق الطيور إلى الإنسان.

الشيخ الزنداني :

هل يمكن جعل هذا الموضوع بحث علمي أيضاً؟ .

د.نيلسون :

نعم، اعتقد كذلك، فالطيور أكثر شي تم تجاهل دراسته من حيث نقله للأمراض إلا من قبل علماء بحث ودراسة الفيروسات ( كانت الطيور) وقد ثبت أن الطيور تنقل الكثير من الفيروسات المهمة جدا التي لم تنقل بواسطة البعوض.

تعليق الدكتور محمد صادق عرفه

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين وبعد:

في الحقيقة فإن هذه المناقشة الشيقة التي تمت بين فضيلة الشيخ عبد المجيد الزنداني والبروفيسور نيلسون شيقة للغاية وقد كشفت عن جوانب كثيرة تشير إلى صدق الأحاديث النبوية الشريفة بخصوص أكل لحوم بعض الحيوانات وغير ذلك ومدى علاقتها بأمراض الإنسان وخاصة الأمراض الطفيلية التي كانت موضوع هذا الحديث، فمن الجلي والواضح أن هذه الأحاديث النبوية الشريفة قد أشارت إلى كثير من الحقائق الهامة قبل أن يعرفها العلم الحديث، وكما تفضل البروفسور نيلسون في الحقيقة أن معظم هذه الاكتشافات قد تم اكتشافها في القرن التاسع عشر الميلادي فهي معروفه حديثا، وقد أشارت إليها الأحاديث النبوية الشريفة من ذو أربعة عشر قرناً فهذا من الإعجاز في الحقيقة الذي يدل أنه صلى الله علية وسلم ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.

ثم وجه حديثه للدكتور نيلسون فقال إن الشيخ الزنداني يشكركم عرفانا منه على هذا الحديث الشيق وهذا الفيض من المعرفة الذي سمعناه اليوم والذي شرحتم فيه الكثير من الأمراض المنتشرة.

د.نيلسون:

وأنا أيضاً اشكر الشيخ عبد المجيد الزنداني وأقول بأنني تعلمت الكثير من هذه الجلسات التي عقدتها معه كما أقدر جدا تقديمه لوجهات جديدة للقرآن لم أكن أعرفها من قبل.

المرجع: مجلة الإعجاز العلمي العدد السابع تاريخ صدور العدد 2000-08-02مجلة الاعجاز العدد 7

 جورج ستانلي نيلسون( George Stanley Nelson): ولد في عام 1923 وتوفي في 2009م  كان  أستاذًا في علم الطفيليات في كلية ليفربول للطب الاستوائي. درس الطب في جامعة St Andrew’s قام بتغيير اهتمامه المتخصص إلى علم الطفيليات ودرس الجذام وداء كلابية الذنب وداء البلهارسيات ، بينما كان يعمل أيضًا على إكمال أطروحة دكتوراه في الطب. خلال هذه السنوات وجد وقتًا للدراسة في Liverpool DTM & H. عند الانتهاء من الحصول على دكتوراه في الطب في عام 1956 ، انضم إلى الخدمة الطبية في كينيا كعضو في قسم الأمراض المنقولة بالنواقل ، والتي كانت مركزًا مشهورًا للبحث في الأمراض الطفيلية. في عام 1959 ، بينما كان لا يزال في نيروبي ، التحق بدورة الدبلوم في علم الطفيليات التطبيقي وعلم الحشرات (DAP & E) في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي (LSHTM) ، والتي اجتازها في العام التالي. عند مغادرته كينيا في عام 1963 ، عُرض على نيلسون منصب قارئ في علم الطفيليات الطبية في LSHTM. في عام 1966 أصبح أستاذًا ورئيسًا لقسم أمراض الديدان الطفيلية. في السنوات الـ13 التي قضاها في لندن ، شكل فريقًا متميزًا وجعل القسم مركزًا رئيسيًا للدراسات في داء البلهارسيات وداء الفيلاريات وداء كلابية الذنب ومرض العدارية وداء التنينات. بدا الانتقال إلى كلية طب المناطق الحارة في ليفربول في عام 1980 خيارًا مفاجئًا للبعض ، ولكنه كان المكان الذي درس فيه طب المناطق المدارية في البداية في عام 1953. المدرسة والترويج لمجموعة أبحاث العداريات بالتعاون مع كينيا ، حيث كان هناك أعلى معدل لانتشار المرض في العالم

(1) – صحيح البخاري، 3 / 1205، برقم: 3138، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما رفعه قال: “مروا الآنية وأوكوا السقية وأجيفوا الأبواب واكفتوا صبيانكم عند العشاء فإن للجن انتشارا وخطفة وأطفئوا المصابيح عند الرقاد فإن الفويسقة ربما اجترت الفتيلة فأحرقت أهل البيت”

(2) – صحيح البخاري، 2 / 649، برقم: 1731.


الوسوم:

مقالات ذات صلة