إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ (( أَسْلِمْ )) قَالَ (( أَسْلَمْتُ )) لِرَبِّ الْعَالَمِينَ
الأحد/ديسمبر/2019
|
||||||
إعداد الأستاذ هشام طلبة الباحث في الإعجاز القرآن والبشارات ذكرت الموسوعة اليهودية Encyclopaedia Judaica في باب Abraham أن التعبير (( مسلمين )): (( أولئك الذين يكرِّسون Dedicate أنفسهم لله )) يعود إلى التوراة الآرامية ” ترجوم أُونْكِلُيوس ” ( تكوين 17: 1 ). حيث أمر الله إبراهيم أن يكون مستسلمًا ( مكرَّسًا ) له ، “”Become Shelim أي أن الكلمة تنطق بالآرامية ” شِليم “(1) والمعروف أن اللغة الآرامية التي كتب بها الترجوم قريبة جدًّا من اللغة العربية ، وتنطق هي وأختها العبرية ” السين “: ” شينًا ” فمن اليسير إذاً أن تنطق الكلمة ” سليم ” وهي قريبة جدًّا من لفظ ” مسلم “. · العجيب أن الفقرة المذكورة في ” الترجوم ” حيث يقول الله لإبراهيم: ” كن مسلمًا ( مستسلمًا ) لله” نجدها في القرآن الكريم: { وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) } [ البقرة ]. · هذا ما نقرأه تمامًا في ( التوراة الآرامية ) ” الترجوم ” (تكوين 17: 1 ): And God said to Abraham be shelim “” – والقرآن ينص على أن هذا المصطلح (( إسلام )) (( مسلمون )) لم يكن محمدٌ عليه الصلاة والسلام أول من استخدمه. بل إن إبراهيم هو أول من استخدمه ، { هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ } [ الحج: 78 ]. – وفي ذلك ردٌّ على المستشرقين الذين استدركوا على القرآن في رفضه أن يكون إبراهيم يهوديًّا أو نصرانيًّا واحتجاج القرآن على ذلك بأن التوراة والإنجيل ( كتابا اليهود والنصارى ) لم تنزلا إلا من بعد إبراهيم ، ثم يذكر القرآن أنه كان مسلمًا. فكيف ذلك والإسلام أحدث من هاتين الملتين ؟ : { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } [ آل عمران ]. – والحق أن هذا ليس هو الموضع الوحيد في كتب أهل الكتاب الذي يذكر المصطلح “إسلام” فإن الإنجيل نفسه يذكره ولم يبدل معاني هذا اللفظ إلا عدم الدقة في الترجمة والأمانة فيها. يذكر لوقا في إنجيله ( 2 – 1: 20 ) نشيدًا للملائكة سمعه رعاة غنم في ليلة مولد عيسى… * المجد لله في الأعالي* *وعلى الأرض السلام * * وفي الناس المسرة* ” هذه الترنيمة ليست لسوء الحظ سوى ترجمة غامضة عن النص اليوناني الذي لا يمكن الركون إليه أو الوثوق به ؛ لأنه يبين لنا الكلمات الأصلية في اللغة التي رتل بها الملائكة والتي فهمها الرعاة العبرانيون. ومن المسلَّم به كحقيقة أن الحشود السماوية أنشدت أنشودتها المفرحة بلغة الرعاة ، وأن تلك اللغة لم تكن اليونانية بل العبرية العامية.. “(2). والجميع يعلم أن اللغة التي كتب بها أقدم مخطوطات الأناجيل كلها هي اليونانية ، ولنتساءل مع البروفيسور عبد الأحد داود ( القسيس دافيد بنجامين كلداني – سابقًا – ) “لماذا لم يكتب هؤلاء الرسل اليهود والإنجيليون بلغتهم الأصلية ، بل كتبوا جميعًا باليونانية ؟ ” وأين تعلم الصياد ( شمعون كيفا ) ” سمعان بطرس ” ويوحنان ( يوحنا ) ويعقوب (جمس ) والجابي ميثامي ( متى ) أين تعلم هؤلاء اللغة اليونانية من أجل كتابة سلسلة من الكتب المقدسة ؟ (3). كلمة ” السلام ” المذكورة في نص ” لوقا ” سالف الذكر أصلها اليوناني “Eiriny ” مرادفة للكلمات السامية ” شالوم ” و” شلاما ” و” إسلام “ (4). لكن المترجم يختار الترجمة التي تمشي حسب هواه وحسب عقيدته فيقول سلام ولا يقول إسلام – مع أن اللفظ كما أسلفنا نجد ذكره في ” ترجوم أونكليوس ” ( التوراة الآرامية ). · لم يكن ما ذكرناه آنفًا كل المواضع في كتب أهل الكتاب التي يذكر فيها اللفظ ” إسلام “. · فإن كتاب ” الكنزاربا ” المقدس لدى طائفة الصابئة [ الذين يعتبرون أنفسهم أتباعًا للنبي يحيى ] يعبر عن المؤمنين به بالمسلمين: ” أيها المسلمون المؤمنون وأيها المؤمنون المسلمون لا تتراجعوا عن عهدكم الذي عاهدتم الله عليه ” (5) كذلك تعتبر كتب الصابئة المقدسة إسماعيل ” أبو جميع المسلمين ” (6). الإسلام هو المشروع الإلهي الجديد: · كذلك يتضح بشكل قاطع من النبوءات المسيحانية ( أي المتعلقة بالمسيح المنتظر أو نبي آخر الزمان ) أنه فيما يتعلق به هناك أمر جديد أو مشروع آخر يختلف عما سبقه في أمور أهل الكتاب السابقة ” ها أنا أنجز الآن أمرًا جديدًا ينشأ الآن ، ألا تعرفونه ؟ أشق طريقًا في البرية ” ( إشعياء 43: 19 ). * (1) فهناك مكان آخر للسجود لأتباع ذلك النبي.. ( أي القبلة التي يكون فيها المعبد الأعظم قدسية )… “.. فقال لها المسيح: إن الساجدين الحقيقين لن يكونوا في أورشليم ولا جبل جرزيم “. ” قالت المرأة يا سيد أرى أنك نبي.. تعبَّد أباؤنا في هذا الجبل ( جبل جرزيم) ، وأنتم ( أي اليهود ) تقولون إن المكان الذي فيه يجب التعبد هو أورشليم ( القدس ) ، قال لها يسوع: صدقيني أيتها المرأة.. تأتي ساعة فيها تعبدون الأب ( أي الله ) لا في هذا الجبل ولا في أورشليم… “(7) ( يوحنا 4: 19- 21 ).
* (2) وهناك تعميد(8) آخر للمؤمنين أتباع ذلك النبي ( صبغة ) ” أجاب يوحنا الجميع قائلًا: أنا أعمدكم بالماء ، ولكن سيأتي من أقدر مني، من لا أستحق أن أحل رباط حذائه: هو سيعمدكم بالروح القدس وبالنار ” ( لوقا 3: 16 )(9). المعروف أن النصارى حتى الآن يعمدون بالماء ولم يتغير الحال.. أما في القرآن فتقرأ: { فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138) } [ البقرة ]. أي أن الصبغة الإلهية أو التعميد الإلهي هو ما آمن به المسلمون ؛ وهو إذن تعميد معنوي لا حسي مثل الماء كما أشارت الفقرة الإنجيلية. * (3) وهناك لغة أخرى يخاطب الله بها اليهود من ذلك النبي ” سيخاطب الرب هذا الشعب بلسان غريب أعجمي ” ( إشعياء 28:11 ) (10). * (4) وهناك شعب آخر يخرج منه ذلك النبي ويتبعه ، يقول عيسى مخاطبًا اليهود: “ إن ملكوت الله سينـزع من أيديكم ويُسلم إلى شعب يؤدي ثمره ” ( متى 21: 43 ) ” ملكوت الله أو مملكة الله هو نبي آخر الزمان وأتباعه”. ” هكذا قال السيد الرب إني أنزع العمامة وأرفع التاج ، هذه الحال لا تبقى بل أعلي السافل وأسفِّل العالي ، وأجعل انقلابًا على انقلاب على انقلاب ، هذه الحال لا تكون وذلك إلى أن يأتي ” شيلوه ” [ الذي له الحكم ] فأجعله له ” ( حزقيال 21: 26 ، 27 ). واضح تمامًا توافق المعنى بين فقرة حزقيال هذه وسابقتها فقرة متى ، فالنـزع هو النـزع ، إذًا ” العمامة والتاج ” هما ” ملكوت الله ” أي الملك والنبوة ، وذلك منطقي. فالتاج معروف أنه رمز الملك ، وذلك أيضًا تفسير النصارى في هذه الفقرة ، لكنهم يقفون عند تفسير العمامة التي لابد أن تكون ترمز للنبوة – وقد ذكر ذلك بعض علماء الأديان المسلمين السابقين – أي أن بني إسرائيل ينـزع منهم الملك والنبوة وليس الملك فقط كما أراد تفسير النصارى لهذه الفقرة إذ فسرها لزوال ملك اليهود على يد بختنصر البابلي وغيره إلى أن يأتي نبي آخر الزمان ” شيلوه ” ولكن أليس لليهود اليوم ملكًا قبل مجيء المسيا الذي ينتظرونه ؟ الحق أنه جاء وتغافلوا عنه صلى الله عليه وسلم. من صفات هذا الشعب أنه: أ ) من إخوة بني إسرائيل (( لهذا أقيم لهم نبيًّا من بني إخوتهم مثلك(11) ( مثل موسى ) وأضع كلامي في فمه )) ( التوراة – تثنية 18: 18 ) أي من بني عمومة اليهود وهم بنو عيسو أو بنو إسماعيل. من صفات هذا الشعب كذلك أنه: ب ) شعب وثني ” ثم رأيت رجلًا ( المسيا )يخرج من وسط الوثنيين.. سوف أقيم هذا الرجل من نسلك ( نسل إبراهيم ).. كثير من الوثنيين سوف يثقون فيه.. “ ( مخطوطات البحر الميت – رؤيا إبراهيم – فصل 29 )كذلك في التوراة ( إشعياء 65: 1 – 3 ) “وجدني من لم يطلبني.. شعب يثابر على إغاظتي في وجهي ، إذ يقرب ذبائح لأصنام “. من صفات هذا الشعب المتبع للنبي الآخر كذلك أنه: جـ ) شعب يسكن الصحراء ” ها أنا أنجز الآن أمرًا جديدًا ينشأ الآن ، ألا تعرفونه ؟ أشق في البرية طريقًا وفي الصحراء أنهارًا ، فيكرمني وحش الصحراء: الذئاب والنعام لأني فجرت في القفر ماءً وفي الصحراء أنهارًا لأسقي شعبي الذي اخترته وجبلته لنفسي ليذيع حمدي ” ( إشعياء 43: 19 – 21 ) العجيب أن الصحراء تذكر في أغلب النبوءات المسيحانية. من صفات ذلك الشعب أيضًا أنه: د ) لم يرسل فيه نبي قبل.. هذا يتضح تمامًا من فقرة سفر إشعياء المذكورة آنفًا.. إذ قصد كذلك بالصحراء أنه لم يكن في العرب ساكني الصحراء من قبل نبيًّا وقصد بالأنهار – كما هو واضح – رسالة السماء. من صفات ذلك الشعب أيضًا أنه: هـ ) متمرد وضال وأحمق.. “ بسطت يدي اليوم لشعب متمرد سلك في طريق طالح ، ضالًّا وراء أوهامه… ” ( إشعياء 65: 2 ).. ” لذلك سأثير غيرتهم بشعب متوحش وأغيظهم بأمة حمقاء ” ( تثنية 32: 21 ) لم يكن هناك أشد تمردًا ولا أحمق ولا أجهل من العرب قبل الإسلام.. وذلك بشهادة التوراة نفسها.. “.. قد جلست لهم على قارعة الطريق كالأعرابي في البادية ودنست الأرض بزناك وعهارتِك.. ” ( إرميا 3: 2 ) بينما رأى العهد الجديد في اليونان وهم المتبعون الجدد للنصرانية أنهم أهل حكمة..”.. إذ إن اليهود يطلبون آيات ، واليونانيين يبحثون عن الحكمة.. ” ( كورنثوس 1: 22 ). · (5) وهناك اسم آخر يطلق على الداخلين في دين النبي الآخر.. يقول إشعياء في الإصحاح الخامس والستين في آخر نبوءة طويلة عن شَعب جديد يتقرب إلى الله بعد أن كان جاهلًا كافرًا يبتعد عن الله هكذا يقول في آخر النبوءة غائظًا اليهود. ” وتخلفون اسمكم لعنة على شفاه مختاري(12) ويميتكم الرب ويطلق على عبيده اسمًا آخر ” ( إشعياء 65: 15 ). ** لا يمكن أن يقبل تفسير النصارى أن هذا الاسم هو ” المسيحيون ” لأن – هذا الاسم لم يطلق إلا متأخرًا بل إنهم كانوا يعتبرون في أول الأمر فريقًا من اليهود. نقرأ في العهد الجديد سفر أعمال الرسل: ” وفي أنطاكية أطلق على تلاميذ الرب أول مرة اسم المسيحيين ” ( 11: 26 ). الحق أن هذا إشارة إلى الإسلام ، كما أشرنا إلى ذلك في بداية المقال نقلًا عن التوراة الآرامية ( الترجوم ): ” وقال الرب لإبراهام كن مستسلمًا ( مسلمًا ) لله “ يمكن التواصل مع المؤلف : [email protected] |