تصريف الرياح وتسخير السحاب: آيات كونية تدعو للتأمل في عظمة الخالق
السبت/نوفمبر/2024
قال تعالى: “إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ” [البقرة: 164].
تشير الآيات إلى دلائل عظيمة في الكون تدعو العقل للتفكر والتأمل في قدرة الله وإتقانه لخلقه.
تصريف الرياح:
الرياح واحدة من الظواهر الطبيعية التي تتيح لنا فهم بعض الإشارات العلمية. ففي القرآن، يذكر “تصريف الرياح” مما يشير إلى أن الرياح تسير وفق نظم وتحكم دقيق، وليست حركة عشوائية. علميا”، يمكن تفسير هذا التصريف على أنه نتيجة لاختلافات الضغط الجوي، والتي تتغير بسبب حرارة الشمس والتفاوت في درجات الحرارة على سطح الأرض. الرياح تسهم في تنظيم المناخ، ونقل الغيوم، وتلقيح النباتات، وهي بذلك تحمل منافع متعددة للحياة، مما يعكس دقة التصميم الإلهي في تدبير هذه المنظومة الطبيعية.
تقوم الرياح بنقل الغيوم وتوجيهها إلى مناطق مختلفة حيث تفرغ حمولتها من الأمطار، وهي عملية تؤدي دورًا حيويًا في توفير الماء العذب للكائنات الحية، وتجديد المياه الجوفية، وري المحاصيل الزراعية. ولولا تصريف الرياح، لما انتقل بخار الماء من المحيطات والبحار إلى اليابسة، ولما استمرت دورة الحياة الطبيعية (Pal Arya, S. Introduction to Micrometeorology).
السحاب المسخر بين السماء والأرض:
أما عن “السحاب المسخر بين السماء والأرض”، فالسحب تتكون نتيجة لعمليات تبخر الماء من المحيطات والبحار، والذي يرتفع إلى السماء ويبرد مكونًا قطرات الماء أو بلورات الثلج حسب درجة الحرارة، ثم تتجمع هذه القطرات مكونة السحب. لكن ما يستدعي التأمل أن هذه السحب مسخرةٌ لا تتوقف في السماء بشكل دائم، بل هي مسيرة بأمر الله، تتحرك وفق أنظمة دقيقة ومرتبطة بحركة الرياح، وتحت تأثيرات الضغط الجوي والجاذبية الأرضية.
أيضًا، نجد أنَّ هناك أنواعًا مختلفة من السحب تتناسب مع كميات المطر، ودرجة الحرارة، وموسم السنة، مما يشير إلى تدبيرٍ محكم يتناسب مع احتياجات الأرض وساكنيها. وقد توصل العلم الحديث إلى تفاصيل دقيقة حول كيفية تكون السحب وحركتها، لكن الإشارة القرآنية كانت سابقة إلى هذا الفهم، مما يُعدّ دلالةً على التصميم الإلهي المتقن (Houze, R. A. Cloud Dynamics).
إشارات دالة على الله:
الآية تذكر هذه الأمور كآيات دالة على وجود الله وقدرته وعلمه، إذ إنَّ تسيير هذه الظواهر الطبيعية لم يتم بصدفة عشوائية، بل هو نتيجة لنظام بديع يشير إلى خالق حكيم قدَّر كل شيءٍ بدقة وإحكام.