أوهام – منهزم – حول الإعجاز العلمي
الخميس/ديسمبر/2019
بقلم الأستاذ هشام طلبة
باحث وكاتب إسلامي ـ مصر
كأن جسد الأمة به موضع لم يرم أو يطعن بعد.. كأن لدينا فسحة لحرب داخلية عدا الحرب التى نتعرض لها خارجياً من كل صوب وإذا بكاتب نترفع عن ذكر اسمه يشن حملة من مقالات كتاب عن الإعجاز العلمى فى القرأن الكريم واصفا إياه بأنه “وهم” و أكذوبة و نصب وبهلوانية و سرطان و غير ذلك.
و قد أعزى ذلك الكاتب ظهور ما أسماه بـ ” وهم الإعجاز العلمي ” إلى عقدة النقص عند المسلمين ولكونهم – كما أردف بفظاظة فى مؤخرة العالم ” و نتحجج بأننا أكثر عفة و طهارة من غيرنا و هو محل شك ” !!
و حظائر الخنازير فى أوروبا أكثر نظافة من بيوت كثيرة موجودة فى بلادنا !!
هكذا تكون الهزيمة النفسية فالمسلمون عنده لكونهم متعطشين لأى تفوق يتشبثون بأهداب هذا : الوهم ” و لتعويض مركبات نقص مجتمعاتهم المتخلفة حسب زعمه أى ان المسلمين فى حالة هزيمة نفسية و الحق انه أول المهزومين على عكس مايدل اسمه بدليل تبريه من كل ثوابتنا تقريبا و امتهانه لها فالقرآن لم يصفه بأنه كريم إلا نادراً و حين يستشهد منه ترى الآيات القرانية مكتوبة بنفس حجم ” فنط ” بقية الكلمات ولا ذكر لكلمات مثل ( قال تعالى )… ومن أدلة هزيمتة النفسية كذالك و خروجه على الثوابت أنه لم يكتف بالطعن فى ” الإعجاز العلمى” كما يتضح من عنوان كتابه بل إنه بعد صفحات قليلة يوسع دائرة الهجوم فتطال السنة المطهرة. فالأحاديث النبوية عنده ليست ملزمة فى شىء و يجب أن تؤخذ على أنها تاريخ و تخالف العقل و التطور ثم طالب فى آخر كتابه العلماء بإعادة تنقية الأحاديث النبوية خاصة تلك التى فى البخارى الذى يحوى حسب زعمه أغلب الأحاديث التى تخالف العقل ثم ينزل الكاتب دركة بزعمه أن آيات القران الكريم تتحدث إلى المجتمع الذى نزلت فيه فحسب. و أنه مع السنة النبوية يتماشى مع ثقافة أهل زمانه فقط.
ثم نزل الكاتب الى الدرك الأسفل حين يشكك القارئ فى القران الكريم نفسه بخبث شديد إذ يذكرالمطعن أو الشبهة فى القرأن الكريم ثم يسخر من رد العلماء الذى يذكره مبتوراً مثل ذكره لقوله تعالى { و يعلم ما فى الأرحام} [ لقمان 34] رافضا بل ساخراً من أى تفسير يوسع دائرة المعرفة عن كون الجنين ذكراً ام أنثى ولا يدرى هذا الكاتب دارس الطب أن الجنين حتى الاسبوع الثامن لا يمكن أن يعلم نوعة فحسب بل إنه حتى ذلك الوقت ( الأسبوع الثامن) لا يمكن التفريق و لو تشريحاً بين جنين الإنسان و أربعة كائنات أخرى و نحيل ذلك الكاتب فى هذا الأمر إلى دائرة معارف ” فان نوستراندز العلمية van nostrand scientific Encyclopedia ” باب ” الجنين embryo” و هى موجودة فى مكتبة القاهرة بالزمالك إن أراد التثبت ولا يفوت ذلك الكاتب السخرية من الطب النبوى و خاصة ما أسماه ” جهل العلاج بالحجامة” و نسى المعاهد المتخصصة لها فى ألمانيا و أمريكا. ثم يسخر بعد ذلك من أى اعجاز فى مجال مراحل تكوين الجنين زاعما ان القابلات و الأمهات قد لاحظن هذة الملاحظات البسيطة أثناء الإجهاض !!
ألا يدرى ذلك الطبيب أن خمساً من مراحل تكوين الجنين الست التى ذكرها القرآن الكريم تكون فقط حتى الأسبوع الثامن و أن وزن الجنين حينها لا يعدوا خمسة جرامات. ألا يعلم ذلك الطبيب أن علماء الغرب لا القابلات و الأمهات حتى القرن السابع عشر الميلادى لم يذكروا أساساً أية أطوار فى تخليق الجنين و كانوا يظنون أن فى رأس الحيوان المنوى قزماً صغيرا إنسان كامل التكوين يكبر فى الرحم شيئاً فشيئاً ؟ يجب علينا إذا ً أن نُنبّه كبار علماء الأجنة الغربيين – الذين أسلموا نتيجة هذة الفقرة تحديدا – إلى ما أشار إليه ذلك الكاتب الطبيب من أن القابلات و الأمهات كن على علم بمراحل تكوين الجنين !!
ومن أهم هؤلاء عالم الأجنة الأمريكى د / ” كيث مور ” و ليرجع ذلك الكاتب الطبيب إلى كتاب العالم سالف الذكر ” تطور الانسان ” يجب إذا ً أن نعلم هؤلاء أنهم قد أخطأوا بإسلامهم و أن علم القابلات سابق لعلمهم !!.
أما أبشع ما فعله ذلك الكاتب فتشكيكه فى المصدر الإلهى للقران الكريم مستخدما مصطلحات و أدوات غلاة المستشرقين من أمثال ” الحداد ” و ” لويس شيخو ” فاستشهد مثلهم بأبيات عربية شديدة الركاكة زعموا انها سابقة للإسلام و أنها من مصادر القرآن الكريم هى و الأساطير السومارية و البابلية و الفرعونية و الكتب المقدسة الأخرى. و نسى أو تناسى أنه لا يخلو كتاب واحد من الكتب السالفة الذكر من تفاصيل عديدة غير منطقية و تخاريف لا نجد أيا ً منها فى القرآن الكريم { أفلا يتدبرون القراّن و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيراَ} [النساء :82] ثم أنى له صلى الله عليه وسلم بعلم تلك الكتب و هو الأمى صلى الله عليه و سلم ؟ كما أن هذة الكتب لم
يعتبر البرفسور كيث مور أشهر عالم أجنة وتشريح على مستوى العالم وكتابه تطور الجنين هو المرجع العلمي الأول لعلم الجنين في كليات الطب في جميع أنحاء العالم والذي شارك الشيخ عبد المجيد الزنداني حفظه الله في إعداد هذا البحث القيم فجزاهم الله كل خير (غلاف كتاب تطور الجنين ـ كيث مور) |
يجدها أصحابها إلا على مدى قرون و قد كتب بلغات شتى ووجدت فى أماكن عدة و كان أغلبها مخفيا ً و مخطوطات لم تكتشف إلا حديثاً. ثم يفتن ذلك الكاتب القارئ فى قوله تعالى { و الشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم }[يس: 38] زاعما ً أن الشمس لا تجرى لأن الأرض هى التى تجرى حول الشمس ولا يعلم ذلك الكاتب أن الشمس تتحرك فعلاً حول ما يسمى ” بمستقر الشمس” ” النسر الواقع” ولا نشعر نحن بهذة الحركة لأن الارض هى و بقية الكواكب تتحرك مع الشمس نفس الحركة و هذا لا يتناقض مع حركة الأرض حول الشمس و ليرجع فى ذلك إلى عمل ” د : موريس بوكاى ” الأكاديمى الفرنسى المهتدى للإسلام و هو كتاب التوراة و الإنجيل و العلم الحديث ” بعد ذلك يتطاول على “ماء زمزم” فيقول : إن فائدته الطبية فيها شك مؤكد !!
يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن ماء زمزم ” خير الماء على وجه الأرض ماء زمزم فيه طعام من الطعم و شفاء من السقم “ثم يقول عنه هذا إن فائدته فيه شك مؤكد و يقول إن جزيئات الماء فى كل العالم مكونة من ذرات الأكسجين و الهيدروجين و كأنه لم يسمع بالمياه المعدنيه و فوائدها و أنواعها ( فقيرة أو متوسطة أوغنية بالمعادن ) و ماء زمزم من أشد ( إن لم يكن الأكثر) أنواع المياه غنى ً وتنوعا ً بالمعادن وهى تزيد فى ذلك على ماء ” إيفان ” الشهير ( خاصة فى الكربونات) و إذا كان الماء العادى كما اكتشف العالم اليابانى ” إيموتو” عام 1999 م يتأثر وجدانيا ً بما يقال له عند تناوله فلماذا نستبعد أن يكون لماء زمزم الذى لم ينضب عبر اّلاف السنين أن يكون به خواص أخرى كهربية أو غيرها ذات فائدة؟ و لنتساءل : ما الذى جناه ذلك المتجاوز مما كتبه بدءا بتسفيه العلماء من الشعراوى إلى د. زغلول النجار – الذى نال النصيب الأوفر من الهجوم – وغيرهما كثير مع استخدام كلمات و ألفاظ يعاقب عليها القانون كالنصب و البهلوانية و ” الدعبسة ” فى القرآّن الكريم و العبث فى اللحية و أصابع القدم و تفلية رأس الجار و تراكم الثروات بالمليارات ؟
و ليسأل هذا الكاتب كم يتقاضى د. زغلول من الأ هرام رغم أن مقاله يوم الإثنين يرفع بيع الجريدة إلى رقم عدد الجمعة الأسبوعى. أما هيئة الأعجاز العلمى فى السعودية التى يقول إنها تسرطنت و صارت مافيا تتحدث بالمليارات !! فلا تزيد ميزانيتها السنوية ( القائمة أصلاً على التبرعات) على المليون ريال لكل مكاتبها فى العالم أى أن الباحث فيها ينفق من ماله الخاص على البحث العلمى المكلف الذى يلومنا ذلك الكاتب على عدم سبقنا الغرب فيه فإن استشهدنا بما اكتشفة الغرب و الفضل ما شهد به الأعداء قال ذلك الكاتب و أمثاله : لماذا لا تبتكرون أنتم؟ إن حدث و توافر لنا مورد مالى لبحث قال : من يضمن لى أنكم صادقون؟ و أخيرا ً يجب أن نتساءل عن الهدف من هذا الكتاب و توقيت خروجه فى ظل هجوم أمريكى شرس على الإسلام و أهله:
* هل الهجوم على الإعجاز العلمى لأن العديد ممن يسلمون – خاصة فى الفترة الأخيرة -أسلموا من هذا الباب ؟
* هل لهذا علاقة بما أسمته الإدارة الأمريكية ” التغيير فى الإسلام ” بما شمله من هجوم لتغيير المناهج إلى ظهور كتاب ” الفرقان الحق” المزيف للقراَن الكريم إلى إمامة المرأة الرجال فى الصلاة إلى هجوم ” زكريا بطرس” على الإسلام و القرآن الكريم فى محطته الفضائية بدعم الأمريكان إلى انتشار التبشير فى العديد من بلدان العالم الإسلامى على أسنة الرماح الأمريكية؟
* هل لهذا علاقة بمركز التضليل الإعلامى الذى أنشأتة وزارة الدفاع الأمريكية و الذى يهدف إلى تجنيد إعلاميين عرب و مسلمين. * هل لهذا علاقة بإدارة ” ليزتشينى” فى الخارجية الأمريكية التى تتبنى ” حرب الأفكار” و تقرير مؤسسة “راند” عن “الإسلام المدنى الديمقراطى” ( الذى طالب بدعم الصحفيين الذين يهدمون و يهاجمون الشخصيات ” الرموز” الإسلامية) ؟
* هل لهذا علاقة بالمعهد الإسلامى التقدمي ( مركز التعددية الإسلامية ) الذى أنشأه المتطرف ” دانيال بايبس” ؟
* هل لهذا علاقة بحب الظهور والشهرة ليكون مثل صهره؟ و الحق إن هذا الكاتب قد كشف عن نفسه حين قال ” وهم ما لهم و مال تحليل و تحريم التعامل مع مجلس الحكم العراقى ؟ ”
{ إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون} [ الأنفال : 36] { يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم و يأبى الله إلآ أن يتم نوره ولو كره الكافرون } [ التوبة :32]
إعداد / هشام محمد طلبة
كاتب وباحث إسلامي
يمكن إرسال تعليقاتكم على المقال على الإيميل التالي: