لماذا يعجز العلماء عن تركيب الإنسان؟ تأملات علمية وإيمانية

 
الخميس/يوليو/2025
   

إن الإنسان مخلوقٌ عجيب، خلقه الله تعالى في أبهى صورة وأحسن تقويم، ويُذكِّره القرآن الكريم بهذه الحقيقة في قوله تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ [الانفطار: 6-8].

والتركيب في الآية يعني الجمع والتنسيق والتشكيل وفق هيئة معينة أرادها الله تعالى.

تركيب الإنسان من عناصر متعددة

يتكون الإنسان من عناصر كيميائية عديدة، أبرزها:

  • الكربون، الهيدروجين، الأكسجين، النيتروجين، الكالسيوم، الفوسفور، البوتاسيوم.

ومن جزيئات حيوية أساسية، منها:

  • البروتينات مثل: الكولاجين، الهيموغلوبين، الأنسولين.
  • الدهون مثل: الدهون الفوسفورية، الكوليسترول.
  • الكربوهيدرات مثل: الجلوكوز، الجليكوجين.
  • الأحماض النووية مثل: DNA و RNA.

ومن خلايا متنوعة، منها:

  • خلايا عصبية.
  • خلايا عضلية.
  • خلايا دموية.
  • خلايا جلدية.

ومن أعضاء متعددة متناسقة، مثل:

  • القلب.
  • الدماغ.
  • الكبد.
  • الرئتين.

تفكيك الإنسان ممكن وتركيبه مستحيل

يمكن للعلم تفكيك الإنسان إلى عناصره الكيميائية الأساسية، أو إلى خلاياه أو أعضائه المفردة، بل ويمكن تحليل أدق تفاصيل مكوناته العضوية والخلوية. إلا أن إعادة تركيب هذه العناصر والأعضاء والخلايا ليعود الإنسان كما كان أمرٌ مستحيل، وذلك لأسباب عديدة جداً، أبرزها:

  1. فقدان الترتيب الحيوي
    العناصر الكيميائية يمكن فصلها وتحليلها، لكن ترتيبها الدقيق داخل الخلايا والأنسجة يفوق قدرة البشر.

    كل عنصر له موقع ووظيفة ضمن نظام محكم لا يمكن استعادته بعد التفكيك.
  2. التناسق الوظيفي للأعضاء
    كل عضو في جسم الإنسان يعمل بتناغم مع بقية الأعضاء في شبكة متكاملة.

    إعادة هذه المنظومة للعمل ككل واحد بعد فصل مكوناتها أمر مستحيل علمياً.
  3. استحالة محاكاة الجمال والتناسق الشكلي
    خلق الإنسان يتسم بتناسق بصري وهيئة متوازنة لا يمكن للآلة صناعتها.

    حتى أدق تقنيات الجراحة والتجميل تعجز عن بلوغ هذا التناسق الطبيعي.
  4. الهوية الوراثية الفريدة
    كل إنسان له شفرة جينية لا تتكرر، تحدد شكله وصفاته وسلوكياته.

    إعادة إنتاج هذا التطابق الوراثي الكامل غير ممكن بأي تقنية حالية.
  5. الخضوع لقوانين دقيقة لا يمكن التحكم بها
    أداء الخلايا والأعضاء يعتمد على ظروف فيزيائية وكيميائية شديدة الحساسية.

    أدنى تغير في هذه الظروف يعطّل الوظائف الحيوية ولا يمكن ضبطها بدقة بشرية.
  6. الوعي والروح والغيب
    لا يمكن للعلم تفسير كيف تنشأ الذات أو الوعي أو أين تذهب الروح عند الموت.

    وهذه الجوانب الغيبية هي سر الحياة الذي يبقى بيد الله وحده.
  7. استحالة بناء الجهاز العصبي المعقد
    العصب البصري وحده يحتوي أكثر من مليون ليفة دقيقة متصلة بالدماغ.

    إعادة هذا النظام العصبي بدقة إلى وضعه السابق خارج نطاق الإمكانات البشرية.
  8. الذاكرة والتجارب الشخصية
    كل إنسان يحمل ذاكرة فريدة ناتجة عن تجارب لا يمكن نقلها أو صناعتها.

    حتى لو أعيد بناء الجسد، فلن تعود معه الذكريات والهوية الشخصية.
  9. البرمجة الخلوية الداخلية

كل خلية في جسم الإنسان تحمل تعليمات دقيقة لكيفية أداء وظيفتها والتفاعل مع بيئتها،
هذه البرمجة تتم في مراحل مبكرة من التكوين ولا يمكن استنساخها أو ضبطها خارجيًا.

  1. البيئة الحيوية الدقيقة
    كل نسيج في جسم الإنسان يعيش في بيئة ميكروية دقيقة من مواد كيميائية وسوائل وإشارات.

    أدنى اختلال في هذه البيئة يُعطّل عمل الخلايا ولا يسمح بإعادة التشغيل السليم للجسم.
  2. غياب البُعد النفسي والعاطفي
    الإنسان ليس مجرد جسد؛ بل يحمل مشاعر، وضمير، وانفعالات لا يمكن تركيبها ماديا.

    لا يمكن لأي تقنية أن تزرع الحُب أو الألم أو الضمير داخل بنية صناعية.

مثال عملي على استحالة التركيب: العصب البصري

لو فرضنا أن العصب البصري لدى الإنسان قد تم قطعه، فإن العلم الحديث لا يستطيع إعادة توصيله ليستعيد وظيفته بالكامل، وذلك بسبب استحالة إعادة التركيب الدقيق للوصلات العصبية المعقدة التي تصل بين ملايين الخلايا العصبية في العين والدماغ.

ولو افترضنا -جدلًا- أن العلم نجح في إعادة التركيب المادي لجسم الانسان مع ان هذا مستحيل فإنه لن يستطيع أبداً إعادة الروح الى الجسم.

مشيئة الله تعالى في تركيب الإنسان

لقد ربط الله عز وجل تركيب الإنسان في صورته النهائية بمشيئته المطلقة، فهو سبحانه الوحيد القادر على جمع هذه العناصر والخلايا والأعضاء في كيان حي كامل متكامل. وهو وحده القادر على إعادة تركيب الإنسان يوم القيامة كما قام بتركيبه في الدنيا، مصداقًا لقوله تعالى:

﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)﴾ [القيامة].


الوسوم:


مقالات ذات صلة