رد على شبهة كن فيكون
السبت/ديسمبر/2019
قال تعالى سورة آل عمران: ” إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ(59) “. ولكن… أليس الأفصح أن يقول: كن فكان ؟
الجواب:هذا من التعبير بصيغة المضارع، لحدث في الماضي من باب استحضار الصورة.[1] حكاية للحال التي يُتَصَور يكون عليها آدم عليه السلام حين خلقه الله عز وجل.
وذلك تعرفه العرب، وتعده من البلاغة.[2]
ويجوز أن يكون على بابه من الاستقبال، بمعنى: ” فيكون كما يأمر الله أن يكون “. فأفعال الله Y منزهة عن التعلق بالزمان كالمخلوقات.
أما لو عبَّر عنه بالماضي كما يقترحون (فَكَانَ) فإن اللفظ سيكون قاصراً عن المراد بالمعنى؛ لأن دلالة الماضي الأصل فيها الانقطاع عن الوجود المستمر، فالماضي: ما دل على حدث وقع وانقطع قبل زمن التكلم.
وهذا غير مراد في حكاية الله كيفية خلقه لآدم، لأنه لو قيل: كن فكان. لصَدَقَ هذا التعبير عن وجوده لحظة واحدة من الزمن.
ولكنه لم يفد استمراره وتكراره، والعناية به بعد خلقه.
فالفعل الماضي يعني أنه خلقه، حتى لو كان قد مات لحظة خلقه.
أما ” كن فيكون ” فدلالتها استمرار وجوده حتى أنجب مَنْ أنجب من ذكور وإناث، وما بث منهما من آباء البشر وأمهاتهم، كما قال عز وجل: “.. وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً.. ” [النساء: 1].لأن دلالة المضارع تبدأ من الحال، وتستمر في الاستقبال. فالمقصود بالآية الكريمة إظهار فضل الله جل جلاله على الإنسان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وقد عبر القرآن الكريم عن الإعجاز في خلق المسيح بقوله في سورة آل عمران “ قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ {47} “.
وعبر بتعبير آخر… ” إنما الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ” (النساء:171) .
ألقى كلمته: وهي كلمة (كن)، ” أي خلقه بالكلمة التي أرسل بها جبريل عليه السلام إلى مريم، فنفخ فيها.. فكان عيسى بإذنه عز وجل، وكانت تلك النفخة التي نفخها في جيب درعها، فنزلت حتى ولجت فرجها، بمنزلة لقاح الأب والأم. والجميع مخلوق لله عز وجل، ولهذا قيل لعيسى: إنه كلمة الله وروح منه؛ لأنه لم يكن له أب تولد منه، وإنما هو ناشئ عن الكلمة التي قال له بها: ” كن “، فكان “.[3]
– خلقه كخلق آدم عليه السلام : لأنه وُلد اعتماداً على كلمة (كن) فقط دون الأسباب المادية الدنيوية المعهودة.
وتشبيه خلق سيدنا عيسى عليه السلام بخلق سيدنا آدم عليه السلام لا يقتضي أن يكون كل منهما يشبه الآخر في كل شيء، وإلا لكانا شخصاً واحداً. بل التشبيه يحصل هو في وجه شبه واحد عادة.
مثلاً: إن قال لك شخص إنك كالأسد في الشجاعة، لا يجوز أن تغضب وتقول: أنا لست حيواناً، أنا بلا ذيل، أنا لا آكل الميتة… الخ
وهنا ينبغي الإشارة إلى شبهة تتردد كثيراً في منتديات الحوار الديني، ألم يكن من الأبلغ أن يشبه القرآن الكريم خلق عيسى عليه السلام بخلق حواء ؟ فوجه الشبه بينهما أقرب، حيث ولد كل منهما بغياب أحد الوالدين، وكذا بالنسبة لإسحق ويحيى عليهما السلام، على اعتبار أن الزوجة العاقر العقيم كأنها غير موجودة.
الجواب: من الثابت علمياً أن الحيوان المنوي للرجل يحمل زوجاً فيه نوعين مختلفين الصفات المورثة وتدعى الكروموسومات وهما: (X ,Y) والمرأة الزوج واحد متشابه: (X , X).. فإن التقى (Y) من الرجل مع (X) من المرأة كان المولود ذكراً. وإن التقى (X) من الرجل مع (X) من المرأة تكون المولودة أنثى.[4]انظر الشكل التالي:
وعلى هذا، فإن الخلق بكلمة (كن) وحدها دون تدخل أي عامل آخر لن يتحقق إلا في خلق آدم وعيسى عليهما السلام.
لأن كل منهما ذكر، والذكر يحتاج (Y) من الأب (فقط) حتى يكون ذكراً، لأن الحصول عليه من الأم مستحيل.. والأب في كل من حالتي آدم وعيسى عليهما السلام غير موجود.
فلو كان المولود لمريم أنثى لما تحقق الإعجاز الأعظم، لأن العلم أثبت بأن الحصول على الكروموسوم (X) كافٍ لتكوين جنين ـ حتى لو كان مشوهاً ـ ويرمز له بالرمز XO)[5]). ولا يوجد دليل علمي على أن الكروموسوم (Y) كاف لتكوين جنين حتى لو كان مشوهاً، فلا يوجد ما يسمى (YO).
تلخيص ما سبق:
خلق الله جل جلاله كل من الكروموسوم (Y)و(X) في كل من آدم وعيسى ـ عليهما السلام ـ بكلمة ” كن ” فقط.
أما حواء: فقد حصلت على (X) من آدم عليه السلام .
وكذا بالنسبة لإسحق ويحيى عليهما السلام، فقد حصلا على (Y) من أب كل منهما ـ عليهم السلام ـ.
خلقُ كل منهم الخمسة (آدم عليه السلام ، حواء، إسحق عليه السلام ، يحيى عليه السلام ، عيسى عليه السلام ) معجز في حد ذاته. ولكن، لا يُقارَن الإعجاز في خلق آدم وعيسى ـ عليهما السلام ـ، بلا أب. بكل من الإعجاز في خلق حواء (الأنثى) بلا أم، والإعجاز في خلق إسحق ويحيى ـ عليهما السلام ـ من أب كبير السن، وأم عقيم، أصبحت ولوداً بقدرة الله تعالى.
بهذا يتبين أن كلمة ” كن ” في خلق كل من آدم وعيسى ـ عليهما السلام ـ استقلت عن أي مؤثر آخر تدخل في خلقهما، فكان الأنسب أن يكون وجه الشبه بينهما هو الأقرب.
وسبحان منزل القرآن !
ولكن …
كيف يكون المسيح عليه السلام كلمة الله جل جلاله وروح منه ؟
تحرير محل الشبهة: يستشهدون بقوله تعالى: ” إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ” [النساء: 171]. على ما يلي: ” هذا المسيح النازل من السماء لم يأت من زرع بشر ونتاج الشهوة بل جاء من الله فهو كلمة الله وروحه، وقد تجسد في شكل إنساني بمعجزة فريدة من نوعها, وأصبح صورة الله غير المنظور وليجعله منظوراً في شخصه المبارك, ولن يستطيع أحد من البشر أن يتوصل لمعرفة الله إلا بالمسيح لأنه هو والله واحد “.
الجواب:
أولاً: إن ” كلمة الله ” مركبة من كلمتين: ” كلمة ” و ” الله “. فهي مركبة من مضاف ومضاف إليه؛ وإذا كان الأمر كذلك، فإما أن نقول: إن كل مضاف لله تعالى هو صفة من صفاته، أو نقول: إن كل مضاف لله ليس صفة من صفاته. وبعبارة أخرى، إما أن نقول: إن كل مضاف لله مخلوق، أو إن كل مضاف لله غير مخلوق.
وإذا قلنا: إن كل مضاف لله صفة من صفاته، وهو غير مخلوق، فإننا سنصطدم بآيات في القرآن، وكذلك بنصوص في الإنجيل، يضاف فيها الشيء إلى الله، وهو ليس صفة من صفاته، بل هو مخلوق من مخلوقاته، كما في قوله تعالى: ” نَاقَةُ اللَّهِ” [الأعراف:73] وكما نقول: ” بيت الله “، و ” أرض الله “.. وغير ذلك.
وإذا عكسنا القضية وقلنا: إن كل مضاف لله مخلوق، فإننا كذلك سنصطدم بآيات ونصوص أخرى؛ كما نقول: ” علم الله “، و “حياة الله “، و ” قدرة الله “.. إذن لا بد من التفريق بين ما يضاف إلى الله جل جلاله ؛ فإذا كان ما يضاف إلى الله جل جلاله شيئًا منفصلاً قائمًا بنفسه، كالناقة والبيت والأرض فهو مخلوق، وتكون إضافته إلى الله تعالى من باب التشريف والتكريم؛ أما إذا كان ما يضاف إلى الله شيئًا غير منفصل، بل هو صفة من صفاته، فيكون من باب إضافة الصفة إلى الموصوف. ومن البديهي أن يكون هذا غير مخلوق، إذ الصفة تابعة للموصوف ولا تقوم إلا به، فلا تستقل بنفسها بحال .
وإذا عدنا إلى الجزء الذي معنا هنا فإننا نجد أن (كلمة الله) هي من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، فـ (الكلمة) هي صفة الله تعالى، وليست شيئًا خارجًا عن ذاته حتى يقال إن: المسيح هو الكلمة، أو يقال: إنه جوهر خالق بنفسه كما يزعم النصارى .
فخلاصة هذا الوجه أن (كلمة الله) صفة من صفاته، وكلامه كذلك، وإذا كان الكلام صفة من صفاته فليس هو شيء منفصل عنه، لما تقرر آنفًا من أن الصفة لا تقوم بنفسها، بل لا بد لها من موصوف تقوم به. وأيضًا فإن ( كلمة الله ) ليست هي ـ بداهة ـ جوهر مستقل، فضلاً عن أن تتجسد في صورة المسيح، كما يزعم النصارى .
ثانياً : إن أبى المعرضون ما سبق، وقالوا: بل المسيح هو (الكلمة) وهو الرب، وهو خالق وليس بمخلوق، إذ كيف تكون الكلمة مخلوقة ؟ فالجواب: إذا سلمنا بأن المسيح هو (الكلمة) وهو الخالق، فكيف يليق بالخالق أن يُلقى ؟! إن الخالق حقيقة لا يلقيه شيء، بل هو يلقي غيره، فلو كان خالقًا لَمَا أُُلقي، ولَمَا قال الله تعالى: ” وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا ” ؟ .
ثالثاً: إن المراد من (كلمة الله) يشتمل على معنيين، كلاهما صحيح، ولا يعارض أحدهما الآخر:
الأول: أن قوله: ” وَكَلِمَتُهُ ” الكلمة هنا من باب إضافة الصفة إلى الموصوف؛ ومعنى الآية على هذا: أن كلمة الله – التي هي صفته – ألقاها إلى مريم عليها السلام لتحمل بعيسى عليه السلام، وهذه الكلمة هي الأمر الكوني الذي يخلق الله به مخلوقاته، وهي كلمة: ” كن” ولهذا قال تعالى في خلق آدم: ” إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ” [آل عمران:59] كما أن آدم عليه السلام خُلِق بكلمة: ” كن” فكذلك عيسى عليه السلام ، فـ(الكلمة) التي ألقاها الله إلى مريم هي كلمة: ” كن”. وعيسى عليه السلام خُلق بهذه (الكلمة) وليس هو (الكلمة) نفسها.
المعنى الثاني: أن قوله (كلمته) هو من باب إضافة المخلوق إلى خالقه، فـ (الكلمة) هنا عيسى، وهو مخلوق، لأنه منفصل، وقد بينا سابقًا أن إضافة الشيء القائم بذاته إلى الله، هو من باب إضافة المخلوق إلى خالقه، فيكون المراد بـ (الكلمة) هنا عيسى، وأضافه الله إلى نفسه تشريفًا له وتكريمًا. فإن قلتم: كيف يسمي الله تعالى عيسى (كلمة) والكلمة صفة لله ؟ فالجواب: أنه ليس المراد هنا الصفة، بل هذا من باب إطلاق المصدر، وإرادة المفعول نفسه، كما نقول: ” هذا خلق الله “، ونعني: هذا مخلوق الله؛ لأن خلق الله نفسه فعل من أفعاله، لكن المراد هنا المفعول، أي المخلوق، ومثل ما تقول أيضًا: ” أتى أمر الله “، يعني المأمور، أي ما أمر الله به، وليس نفس الأمر، فإن الأمر فعل من الله تعالى .
والمعنى الثاني للآية راجع ـ عند التحقيق ـ إلى المعنى الأول؛ فإننا إذا قلنا: إن عيسى (كلمة الله) بمعنى أنه نتيجة (الكلمة) ومخلوق بـ (الكلمة) فهذا يدل على (الكلمة) أساسًا، وهو فعل الله، ويدل على عيسى عليه السلام ، وهو الذي خُلق بـ (الكلمة).
فحاصل هذا الجزء من الآية أن (كلمة الله) تعالى ألقاها الله إلى مريم، وكانت الكلمة هي أمر التكوين، أي قوله: ” كن” فكان عيسى عليه السلام ، ومن هنا صح إطلاق الكلمة على عيسى من باب إطلاق المصدر على المفعول، وكما يسمى المعلوم علمًا، والمقدور قدرة، والمأمور أمرًا، فكذلك يسمى المخلوق بالكلمة كلمة .
هذا جواب ما يتعلق بالجزء الأول من الآية، أما الجزء الثاني، وهو قوله تعالى: ” وَرُوحٌ مِنْهُ ” فليس فيه أيضّا دلالة على ألوهية المسيح أو بنوته، وبيان ذلك فيما يلي:
أولاً: إن قول الله سبحانه: ” وَرُوحٌ مِنْهُ ” ليس فيه ما يدل على أن عيسى جزء من الله تعالى، أو أن جزءًا من الله تعالى قد حلَّ في عيسى؛ وغاية ما في الأمر هنا أننا أمام احتمالين لا ثالث لهما: فإما أن نقول: إن هذه (الروح) مخلوقة، وإما أن نقول: إنها غير مخلوقة؛ فإذا كانت الروح مخلوقة، فإما أن يكون خلقها الله في ذاته ثم انفصلت عنه، ولهذا قال عنها: ” منه ” أو خلقها الله في الخارج؛ فإذا كانت هذه الروح غير مخلوقة، فكيف يصح عقلاً أن تنفصل عن الله تعالى لتتجسد في شخص بشري ؟ وهل هذا إلا طعن في الربوبية نفسها، لتجويز التجزء والتبعض على الخالق جل وعلا؛ وإذا كانت الروح مخلوقة، وخلقها الله في ذاته ثم انفصلت عنه، فهذا معناه تجويز إحداث الحوادث المخلوقة المربوبة في ذات الإله سبحانه، وهذا عين الإلحاد والزندقة، أما إذا كانت الروح مخلوقة وخلقها الله في الخارج، فهذا يدل على أن الله تعالى خلق الروح، ونفخها في مريم، ليكون بعد ذلك تمام خلق عيسى عليه السلام ومولده، وهذا هو عين الصواب، أما ما سوى ذلك فهو مجرد ترهات تأباها الفِطَر السليمة، فضلاً عن العقول المستقيمة.[6]
ثانيًا: ما دمتم تقرِّون أنه ليس ثمة أحد يحمل صفات الألوهية أو البنوة لله تعالى إلا المسيح عليه السلام ، وتستدلون على ذلك بقوله تعالى: ” وَرُوحٌ مِنْهُ ” فحينئذ يلزمكم أن تقولوا: إن آدم أحق بالبنوة من عيسى ـ عليهما السلام ـ، حيث قال الله في آدم عليه السلام : ” سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي” [الحجر:29] ولا شك أن القول بهذا حجة عليكم لا لكم؛ فإذا كان قوله سبحانه: ” مِنْ رُوحِي ” في حق آدم معناه الروح المخلوقة، وأن هذه الروح ليست صفة لله عز وجل، فهي كذلك في حق عيسى، إذ اللفظ واحد، بل إن الإعجاز في خلق آدم بلا أب ولا أم أعظم من الإعجاز في خلق عيسى بأم بلا أب، وحسب قولكم يكون آدم حينئذ أحق بالبنوة والألوهية من عيسى، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا .
ثالثاً: لو سلمنا بأن الروح في الآية هي جزء من الإله، فهذا يقتضي أن يكون في الإله أقنومان – حسب اعتقاد النصارى – أقنوم الكلمة، وأقنوم الروح، وفي هذا تناقض في موقف النصارى، إذ إنهم لا يقولون إلا بأقنوم (الكلمة) ولا يقولون بأقنوم (الروح).
رابعاً: لو كان معنى ” مِنْهُ ” أي: جزء من الله جل جلاله ، لكانت السماوات والأرض وكل مخلوق من مخلوقات الله جزءاً من الله سبحانه وتعالى؛ ألم يقل الله تعالى: ” وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ” [الجاثية:13] وقال تعالى: ” وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ” (النحل:53) ؟
إن معنى ” مِنْهُ ” وفق السياق القرآني، أي: منه إيجادًا وخلقًا، فـ ” من” في الآية لابتداء الغاية، وليس المعنى أن تلك الروح جزء من الله تعالى عما يشركون علواً كبيراً “.
والحمد لله رب العالمين
[1] عبّر عن ذلك الزمخشري في الكشاف1/395 بقوله: حكاية حال ماضية.
[2] ومن ذلك قول تأبط شراً يصف ضربه لغولة: ” فَأَضرِبُها بِلا دَهَشٍ فَخَرَّت صَريعاً لِليَدَينِ وَلِلجِرانِ “. انظر: الإيضاح في علوم البلاغة، جلال الدين القزويني، ص149 وقال معلقاً عليه: ” قال: ” فأضربها ” ؛ ليصور لقومه الحالة التي تشجع فيها على ضرب الغول، كأنه يبصرهم إياها، ويتطلب منهم مشاهدتها، تعجيباً من جراءته على كل هول، وثباته عند كل شدة. ومنه قوله تعالى: ” إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ” إذ قال كن فيكون دون كن فكان، وكذا قوله تعالى: ” وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ” [الحج: 31] “.
[3] تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ص 497.
[4] Biology,by Claude A. Villee, CBS college publishing, NY. 1985, p.220
[5] يُقصَد بهذا الرمز XO : وجود الكروموسوم X ، مع عدم وجود أي كروموسوم آخر ـ لا Y ولا X ـ وهذا يسمى علمياً: Turner syndrome . وتجدر الإشارة إلى أن الكروموسوم Y لا يحمل إلا الصفات الجنسية المحددة لجنس الجنين: الذكورة بينما الكروموسوم X يحمل بعض الصفات الجسمية كالصلع وعمى الألوان.. انظر:
Biology,by Claude A. Villee, CBS college publishing, NY. 1985, p.267-270.
[6] يعرف العهد القديم إضافة الروح إلى الرب إضافة تشريف، انظر مثلاً النصين التاليين: ” يا ليت كل شعب الرب كانوا أنبياء، إذا جعل الرب روحه عليهم” [سفر العدد 11/29]. ” يقول الله: ويكون في الأيام الأخيرة إني أسكب من روحي على كل بشر، فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويرى شبابكم رؤى ويحلم شيوخكم أحلاماً ” [سفر الأعمال 2/17].