التين فاكهة من الجنة


السبت/ديسمبر/2019
   

بقلم: د. مروة عزمي جنينة

قسم الحيوان الزراعي- كلية الزراعة -جامعة المنصورة

 [email protected]

التين فاكهة من الجنةحديثنا اليوم عن شجرة مباركة عربية أصيلة كشموخ العرب، وتعتبر من أقدم الأشجار التي عرفها الإنسان عبر تاريخ البشرية، فثمارها غذاء مفضل  صيفاً، وغذاء مجفف شتاءً. لقد عرفه الفينيقيون والفراعنة والإغريق كغذاء ودواء، وموطنها الأصلي جنوب شبة الجزيرة العربية، ثم انتقل إلى بلدان آسيا الصغرى في الأناضول، وتركيا وأفغانستان، ثم إلى أوروبا عن طريق الفينيقيين والإغريق، ثم انتقل إلى الشرق عن طريق سوريا حتى وصل إلى الهند.
إن شجرتنا المباركة أقسم الله عز وجل بها في كتابه الحكيم الذي لا ينطق عن الهوى، والله  عز وجل لا يقسم إلا بعظيم، وقسم الله تعالى لهو دليل حقيقي على أهمية هذه الشجرة، وإشارة هامة إلى أن لها فوائد ومنافع جمة. قال تعالى : (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ {1} وَطُورِ سِينِينَ {2} وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ {3} لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [سورة التين].

أعرفتم أحبائى شجرتنا المباركة التي نتناولها اليوم بالحديث إنها:

( شــجرة التين)

هيا بنا أحبائي نتعرف أكثر على شجرة التين، ونجيب عن بعض التساؤلات التي تدور في أذهاننا عن هذه الشجرة مثل:
ما هو الوصف النباتي  لشجرة التين؟
ما هي البيئة المناسبة لزراعتها؟
وهل هناك استخدامات لأوراق التين؟
وما هي القيمة الغذائية لثمارها الطازجة والمجففة ؟
وماذا ذكرت الأبحاث الطبية الحديثة عن ثمار التين؟

ما هو وصفها النباتي؟

التين شجرة كبيرة قد يصل ارتفاعها إلى أكثر من عشرة أمتار، متساقطة الأوراق. تأخذ أشكالاً مختلفة، من هرمية، إلى كروية، وقد تكون مفترشة. تخرج في العادة أفرع كثيرة وسرطانات من

صورة لشجرة التين المباركة

تحت الأرض حول الجذع. تعيش الشجرة بالمتوسط 50-70 عاماً وقد يصل إلى 100 عام في الظروف البيئية الملائمة.

الأوراق: بسيطة سميكة جلدية، كبيرة الحجم ذات شكل قلبي دائري زغبي الملمس، ذات لون أخضر إلى أخضر غامق للسطح العلوي، وأخضر فاتح للسطح السفلي.

الساق:  قائم وغير قابل للتشقق مع تقدم الشجرة بالسن، ذو لحاء سميك يختلف لونه من فضي إلى رمادي غامق، أملس أو خشن قليلاً.

المجموع الجذري: ليفي، يتوقف حجمه ونظام توزعه وتعمقه حسب الصنف وطبيعة التربة، وتركيبها وتوفر الرطوبة ، ولكنه بشكل عام متفرع جداً، ومتعمق، وكثيف، وهذا ما يسمح لشجرة التين بالعيش في المناطق الجافة جداً، ومقاومة الجفاف.

الثمار: مركبة كاذبة (تينية)، وتنمو الثمرة من نورة زهرية لها حامل زهري كبير، يحمل بداخله العديد من الأزهار، وكل زهرة لها أيضاً الحامل الزهري الخاص بها، والملتحم مع الحامل الزهري الكبير. ويتصل التجويف الداخلي لثمرة التين بالخارج عن طريق فتحة تسمى (العين)، حيث توجد في قمة النورة الزهرية، وتكون مغلقة بحراشف صغيرة، وتتميز هذه النورة بان أزهارها ليست ظاهرة من الخارج، مثل باقي النورات الزهرية.

ما هي البيئة المناسبة لزراعتها؟

إن شجرة التين تنمو وتثمر في أماكن لا يمكن لأي نوع شجري مثمر آخر أن يعيش فيها، فنجدها في الأراضي الصخرية والمتحجرة، على الجدران، في الكهوف وعلى حواف الطرق. إن قدرتها على التأقلم والعيش في ظروف التربة المختلفة لا حدود لها. التربة المفضلة لزراعتها هي التربة المتوسطة الطينية الرملية الدافئة والخصبة، وجيدة البناء والصرف. تفضل درجات الحرارة المرتفعة، أما الانخفاض في درجة الحرارة عن 70م يؤدي إلى موت المجموع الخضري.

هل هناك استخدامات لأوراق التين؟

نعم أحبائي إننا نتحدث عن شجرة مباركة تحمل اسم سورة كاملة في القران الكريم، فقد وجدت الدراسات العلمية أن أوراق التين الخضراء قبل سقوطها تستخدم كعلف للحيوانات، بالإضافة إلى مخلفات الثمار الطازجة والجافة، فقد وجد أن 100 كجم من مخلفات ثمار وأوراق التين المجففة تعادل 186 كجم من تبن القمح و110 كجم من تبن البرسيم، و97 كجم من النخالة، و85 كجم من الشعير، و89 كجم من القمح، و50 كجم من كسبة بذور القطن.

صورة لثمرة تين طازجة صورة لثمرة تين مجففة

 

ما هي القيمة الغذائية لثمار التين الطازجة والمجففة؟ 

شجرة التين غزيرة الإنتاج، وتتميز الثمار بقيمة غذائية كبيرة، وهي ذات طعم ونكهة لذيذة مميزة، إن الله جل وعلا أمدنا بكل المواد الضرورية التي تحتاجها أجسامنا في هذه الفاكهة، والتي تعتبر ذات مستوى غذائي متكامل لصحة الإنسان. وتستخدم ثمار التين في كثير من الصناعات الغذائية، كالمربيات، والحلويات، وتؤكل مجففة أيضا وخاصة في شهر رمضان الكريم. لكن هل هناك اختلافات في التركيب الكيمائي للثمار الطازجة والمجففة؟ نعم هناك بعض الاختلافات الكيمائية بينهما والتي يوضحها الجدول التالي:

المركبات

100 جرام تين طازج

100 جرام تين جاف

ماء

81.9 %

19.4 %

القيمة الحرارية

47 كالوري

242 كالوري

بروتينات

0.9 جرام

3.5 جرام

مواد دهنية

0.2 جرام

2.7 جرام

سكريات

11.2 جرام

58 جرام

ألياف

0.2 جرام

8.4 جرام

الفيتامينات والمعادن

ب1

0.03 ملجم

0.14 ملجم

ب2

0.04 ملجم

0.10 ملجم

قيتامين ج

7 ملجم

0 ملجم

قيتامين ا

15 ملجم

8 ملجم

البوتاسيوم

232ملجم

680ملجم

الماغنسيوم

17 ملجم

68 ملجم

الفوسفور

67ملجم

232ملجم

الكالسيوم

43 ملجم

186 ملجم

الصوديوم

1 ملجم

10 ملجم

حديد

0.5 ملجم

3 ملجم

النحاس

0.1 ملجم

0.3ملجم

الزنك

0.2 ملجم

0.5 ملجم

السلينيوم

0.2 ملجم

0.6ملجم

 

وماذا ذكرت الأبحاث الطبية الحديثة عن ثمار التين؟

يعتبر التين من أكثر الفواكه والخضروات التي تحتوي على نسبة عالية من الألياف، حيث تحتوي حبة واحدة من التين على جرامين من الألياف (20% من الاحتياج اليومي الموصى به).

ويوجد بالتين نوعين من الألياف؛ وهي الألياف القابلة للتحلل والذوبان في الماء، والألياف الغير قابلة للتحلل والذوبان في الماء. وقد أظهرت الدراسات خلال أكثر من خمسين سنة مضت أن الألياف الموجودة في الأغذية النباتية تؤدي دوراً فعالاً في تنشيط أداء الجهاز الهضمي، ولها دور هام في أداء وظيفته الطبيعية، وأيضاً تساهم في التقليل من خطورة الإصابة ببعض أنواع السرطانات. وبما أن التين يعتبر غنياً بالألياف فقد وصفه مختصوا  التغذية كطريقة مثالية لزيادة نسبة ما يحتاجه جسم الإنسان من الألياف. حيث تعمل الألياف الغير قابلة للتحلل على تهيئة الطريق للمواد بالخروج من الجسم من خلال الأمعاء، وذلك بإضافة الماء إليها، وبالتالي تساهم في زيادة سرعة الجهاز الهضمي، وتكفل استمرار وظيفته الطبيعية. ولقد ثبت أيضاً أن الغذاء المحتوي على الألياف الغير قابلة للذوبان تمتلك أثراً وقائياً ضد سرطان القولون. ومن ناحية أخرى فقد ثبت أن الغذاء ذو الألياف القابلة للذوبان تقلل من مستوى الكولسترول في الدم بنسبة أكثر من 20 %. وعليه فإنها تعتبر ذات أهمية كبيرة في الحد من خطورة الإصابة بالنوبات القلبيةلذا فإن تواجد الألياف القابلة للذوبان والغير قابلة للذوبان في التين يجعل هذه الفاكهة ذات أهمية كبيرة.

وفي دراسة أخرى للدكتور أوليفر الباستر مسؤول جمعية الوقاية من الأمراض في المركز الطبي التابع لجامعة جورج واشنطن إلى أن التين المجفف والذي يعد من أكثر الفواكه الغنية بالألياف أن فيه مستوى عالي من مركب phenol(الفينول)، والذي يتوفر بنسب كبيرة في التين، ويستخدم كمطهر لقتل البكتيريا والجراثيم.

وأظهرت دراسة أخرى أجرتها جامعة رتجرز في نيوجرسي أن التين المجفف يحتوي على المركبين   omega-3( اوميجا 3)  و omega-6(اوميجا 6) وهما يلعبان دور كبير في التقليل من نسبة الكولسترول، ولقد  ثبت أيضاً  أن المركبين السابقين لا يمكن للجسم إنتاجهما لكنهما يُمتصان مع الغذاء. كما أن التين يعتبر كعلاج  يمد الجسم  بالقوة والطاقة لأصحاب الأمراض المزمنة الذين يريدون استعادة صحتهم، حيث يحتوي التين على أكثر  العناصر الغذائية أهمية ألا وهو السكر، ويوجد السكر في جميع الفواكه  بنسبة 51-74% إلا أن النسبة الأعلى توجد في التين.

والجدير بالذكر أن نسبة الكالسيوم الموجود في التين عالية جداً، حيث يحتل التين المرتبة الثانية بعد البرتقال فيما يتعلق باحتوائه للكالسيوم، كما تزود علبة من التين المجفف الجسم بالكالسيوم  نفس ما تزوده علبة من الحليب.

إن ما قدمناه من منافع للتين لهو بيان على سعة رحمة الله تعالى بخلقه، فالله جل وعلا أمدنا بكل المواد الضرورية التي تحتاجها أجسامنا في هذه الفاكهة، والتي تعتبر سائغة المذاق، وذات مستوى غذائي متكامل لصحة الإنسان. وذكرها في القران الكريم يدل على أهمية هذه الفاكهة لبني آدم، والتي أثبت الطب قميتها وأهميتها الغذائية والطبية، ومازالت الأبحاث مستمرة لتبرز لنا المزيد والمزيد من فوائد ثمار التين، والتي توضح  أن القرآن الكريم هو كلام الله العليم القدير الذي لا ينطق عن الهوى.
حقا أحبائي إنها ثمار من جنة الله.
ندعو الله عز وجل أن يدخلنا فسيح جناته ويمتعنا بالنظر إلى وجه الكريم.. آمـين.

ملاحظة: تم نشره في مجلة المجاهد، عدد شعبان 1428هـ. 


الوسوم:

مقالات ذات صلة