الإعجاز العلمي في تعاقب الليل والنهار: تفسير آية “نسلخ منه النهار
فراس وليد
الأحد/سبتمبر/2024
الأحد/سبتمبر/2024
الآية الكريمة “وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ” (يس: 37) تحمل إشارات علمية مدهشة وتفسيراً بلاغياً غنياً يشير إلى العمليات الكونية التي تتعلق بتعاقب الليل والنهار. إذا تأملنا في معنى كلمة “نسلخ”، نجد أنها تُستخدم في اللغة العربية للإشارة إلى عملية نزع أو فصل شيء عن آخر، كما يحدث عند سلخ الجلد عن الجسم. هذه الدلالة البلاغية تحمل في طياتها معاني علمية مرتبطة بتدرج الانتقال من النهار إلى الليل.
دلالة “السلخ” في الآية
كلمة “نسلخ” تشير إلى التحول التدريجي من النهار إلى الليل، وهو ما يحدث بصورة طبيعية عند غروب الشمس. هذه العملية تتم بصورة غير مفاجئة، حيث يبدأ الضوء في التلاشي تدريجياً حتى يحل الظلام الكامل. هذا المفهوم ينسجم مع الحقيقة العلمية المتعلقة بدوران الأرض حول محورها، مما يؤدي إلى هذا الانتقال التدريجي بين النهار والليل.
الليل كغطاء رقيق
فهم “السلخ” كعملية نزع طبقة، قد يشير إلى أن الليل، مثل الجلد الذي يغطّي الجسم، هو بمثابة غطاء رقيق يغطي الأرض. علمياً، يمكن فهم الليل على أنه جزء من تفاعل الضوء مع الغلاف الجوي المحيط بالأرض، حيث أن تأثير الضوء والظلام يحدث داخل نطاق محدود نسبياً من الغلاف الجوي تتعلق بشكل أساسي بطبقة التروبوسفير (Troposphere)، وهي الطبقة الأقرب إلى سطح الأرض، والتي تحدث فيها معظم الظواهر الجوية، بما في ذلك التغيرات في الإضاءة بين النهار والليل. هذه الطبقة، التي تمتد إلى حوالي 10-15 كيلومتراً فقط، هي المكان الذي يتفاعل فيه الضوء القادم من الشمس مع جزيئات الغلاف الجوي والذي يشكل طبقة رقيقة جدا من العلاف الجوي الذي يحيط بالأرض والذي يمتد لاكثر من 1000كم.
الظلام كحالة طبيعية
الآية تشير أيضاً إلى أن الظلام ليس حالة استثنائية، بل هو الحالة الطبيعية للأرض في غياب ضوء الشمس. هذه الإشارة تنسجم مع ما نعرفه علمياً، حيث أن الليل يحدث نتيجة غياب الشمس عن جزء من الأرض، بينما يظل ذلك الجزء مغموراً في الظلام حتى يعود الضوء تدريجياً مع شروق الشمس.
في الختام، تعكس الآية الكريمة “وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ” إعجازاً علمياً وبلاغياً في تصوير التحول التدريجي بين الليل والنهار. يتجلى فيها التوافق الدقيق بين النص القرآني والحقائق العلمية الحديثة حول دوران الأرض والغلاف الجوي. هذا يبرز عمق التفسير القرآني في وصف الظواهر الكونية.