وجعلنا السماء سقفا محفوظا
الثلاثاء/ديسمبر/2021
لقد ذكرت في كتابي (بداية الخلق في القرآن الكريم ) أن الحياة على هذه الأرض لم يكن لها لتظهر لو لم يتم خلق جميع أجزاء هذا الكون بتقدير بالغ في جميع مراحل خلقه حيث أن خللا بسيطا في خلق مرحلة ما من هذه المراحل قد يحول دون أن تكون الأرض بالشكل والمواصفات التي هي عليها الآن. وإن كان هناك من يعتقد أن هذا الكون قد خلقته الصدفة فقد تبين لنا اليوم بعد أن عرفنا القوانين التي تحكم الصدفة أنه يستحيل أن تتفق ملايين الصدف خلال هذه الرحلة الطويلة التي مر بها خلق الكون لكي توفر بالنهاية شروط ظهور الحياة على الأرض. وممّا يدل على أن هذا القرآن قد أنزل من لدن عليم خبير هو كثرة الأيات التي تدعو البشر للتفكير في أوجه هذا التقدير البالغ في عمليات خلق الأشياء من حولهم. فلا يمكن لمثل هذه الدعوة أن تصدر عن رجل أمي عاش في وسط أمة أمية بل إنها صدرت عن من أحاط علمه بكامل تفصيلات هذه المخلوقات ويعلم أن كل ما في هذا الكون من مخلوقات قد تم خلقها وفق تقدير بالغ وصنع متقن مصداقا لقوله تعالى “وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا” الفرقان 2 وقوله سبحانه “وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ” الرعد 8 وقوله تعالى “إنّا كلّ شيء خلقناه بقدر” القمر 49 وقوله تعالى “صنع الله الذي أتقن كلّ شيء” النمل 88،
ومن أوجه التقدير العجيبة التي أشار إليها القرآن الكريم هي ما جاء في قوله تعالى “وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ” الأنبياء 32. فهذه الآية جاءت بعد عدة آيات تتحدث عن مجموعة من آيات الله عز وجل في هذا الكون وتدعو البشر وخاصة الكفار منهم للتفكر في أوجه التقدير فيها ولعل ذلك يقودهم إلى الاقتناع بأن وراء خالقها مبدع لا حدود لإبداعه وذلك في قوله تعالى “أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ * وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ * وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ” الأنبياء 30-32. فآية السقف المحفوظ تتحدث عن ظواهر في السماء لا يمكن للبشر أن يدركوها بحواسهم بل ترك الله عز وجل للبشر استخدام العقول التي وهبهم الله إياها لكشف أسرارها وذلك مصداقا لقوله تعالى “سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) “ فصلت وقوله سبحانه “وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93)” النمل.. وما يفهمه القاريء لهذه الآية أن السماء تقوم بحفظ شيء ما من خطر شيء ما وأن في هذا الحفظ آيات أي معجزات لا ينتبه البشر لها وهم معرضون عنها إما بسبب جهلهم بها أو بسبب عدم الإيمان بمن قام بصنعها إذا ما عرفوها.
وبعد أن فتح الله عز وجل على البشر في هذا العصر أبواب شتى أنواع العلوم والمعارف عن هذا الكون أصبح تفسير هذه الآية وغيرها من الآيات التي تتحدث عن الظواهر الكونية أمرا سهلا. ولقد تبين للعلماءأن الحياة على الأرض لم تكن لتظهر ولا لتدوم لولا حماية الأرض وما عليها من حياة بوسائل مختلفة من شتى مصادر الخطر في هذا الكون. لقد اكتشف العلماء أن الغلاف الجوي والغلاف المغناطيسي اللذين أحاط الله عز وجل بهما الأرض هما اللذان يقومان بحفظ الأرض من الأشعة والجسيمات القاتلة الصادرة عن الشمس وبقية نجوم الكون وكذلك من ملايين الكويكبات والمذنبات والنيازك التي تسبح في فضاء المجموعة الشمسية ومن البرودة القاتلة للفضاء المحيط بالأرض. ومما يؤكد على وجود تقدير بالغ في تصمميم سبل حماية الحياة على الأرض هو توصل العلماء إلى القناعة بأن الأرض قد تتفرد بظاهرة الحياة في هذا الكون الشاسع الذي يحوي مئات البلايين من المجرات وما تحوي كل منها من مئات البلايين من النجوم وما يتبعها من كواكب كما شرحت ذلك في مقالة “دراسة تؤكد أن الأرض قد تتفرد بالحياة في هذا الكون”.
الغلاف الجوي وحفظه للأرض
الغلاف الجوي للأرض هو الطبقة الغازية التي تحيط بالكرة الأرضية والتي تمتد إلى إرتفاع قد يصل إلى سبعمائة كيلومتر فوق سطح الأرض إذا ما استثنينا طبقة الإكسوسفير والتي قد تمتد إلى عشرة آلاف كيلومتر. وتبلغ كتلة الغلاف الجوي أو الهواء ما يزيد قليلا عن خمسة ملايين بليون طن وهو يتكون من خليط من أربع غازات رئيسية وهي النيتروجين الذي تبلغ نسبته ثمانية وسبعين بالمائة والأوكسجين الذي تبلغ نسبته واحد وعشرين بالمائة والآرغون الذي تبلغ نسبته ما يقرب من واحد بالمائة وثاني أكسيد الكربون الذي تبلغ نسبته ثلاثة من مائة بالمائة وكميات قليلة جدا من غازات الهيدروجين والهيليوم والميثان. ويعتبر بخار الماء مكون مؤقت من مكونات الغلاف الجوي حيث تتغير نسبته في الهواء باستمرار حسب الظروف الجوية ويشكل ما نسبته 25 من مائة بالمائة في المتوسط من حيث الوزن. وتقل كثافة الهواء وكذلك ضغطه بشكل أسي مع الارتفاع بحيث تشكل كتلة الهواء في أول مائة كيلومتر فوق سطح البحر ما نسبته 99.99997 بالمائة من الكتلة الكلية. أما درجة حرارة الغلاف الجوي فتتغير بطريقة عجيبة فهي تهبط بشكل كبير في الطبقة الأولى ثم تزيد في التي تليها ثم تهبط في الطبقة الثالثة ثم تزيد في التي تليها ثم تهبط في الطبقة الأخيرة إلى أن تصل للصفر المطلق في الفضاء الخارجي. وأما توزيع تركيز مكوناته المختلفة مع الارتفاع فيتغير حسب دوال مختلفة تحددها الأوزان الذرية لعناصر وجزيئات هذه المكونات مما يعطي هذه الخصائص العجيبة للغلاف الجوي.
وقد قام العلماء بتقسيم الغلاف الجوي إلى خمسة طبقات رئيسية تتمايز في خصائصها الكيميائية والحرارية والضوئية وطريقة توزع مكوناتها مع الارتفاع. فطبقة الغلاف المتقلب أو التروبوسفير (troposphere) والتي تمتد من سطح الأرض إلى ارتفاع 12 كيلومتر في المتوسط تحتوي على ثلاثة أرباع كتلة الهواء وفيها تجري معظم عمليات الطقس. فهذه الطبقة دائمة التغير أو التقلب من حيث حركة الرياح السطحية والتيارات الهوائية الصاعدة والنازلة وتشكل مختلف أنواع الغيوم الماطرة وغير الماطرة وتكون المنخفضات والمرتفاعات الجوية وغير ذلك من الظواهر. وفي هذه الطبقة تنخفض درجة الحرارة مع الارتفاع بمعدل ستة درجات مئوية لكل كيلومتر لتصل إلى 60 درجة مئوية عند حدها الأعلى. أما الطبقة الثانية فهي طبقة الغلاف الطبقي أو الستراتوسفير (stratosphere) والتي تمتد من 12 إلى 50 كيلومتر وتشكل طبقة الأوزون النصف الأسفل منها, وفي هذه الطبقة تزداد درجة الحرارة مع الارتفاع على عكس طبقة التروبوسفير حيث تزيد من 60 درجة تحت الصفر حتى تصل إلى الصفر عند أعلاها, ويعود السبب في ارتفاع درجة الحرارة في هذه الطبقة لقدرتها على امتصاص معظم الأشعة فوق البنفسجية خاصة في طبقة الأوزون منها. وأما الطبقة الثالثة فهي طبقة الغلاف الوسطي أو الميزوسفير (mesosphere) والتي تمتد من 50 إلى 85 كيلومتر وفيها تنخفض درجة الحرارة مع الارتفاع حيث تنخفض من الصفر حتى تصل إلى 90 درجة مئوية تحت الصفر عند أعلاها. وأما الطبقة الرابعة فهي طبقة الغلاف الحراري أو الثيرموسفير (thermosphere) والتي تمتد من 85 إلى 700 كيلومتر وفيها تزداد درجة الحرارة مع الارتفاع حيث تزيد من 90 درجة مئوية تحت الصفر إلى 1500 درجة مئوية عند أعلاها. وأما الطبقة الأخيرة فهي طبقة الغلاف الخارجي أو الإكسوسفير (exosphere) والتي تمتد من 700 إلى 10000 كيلومتر وفيها تنخفض درجة الحرارة مع الارتفاع حيث تنخفض من 1500 درجة مئوية حتى تصل إلى الصفر المطلق أي 273 درجة مئوية تحت الصفر عند أعلاها. ويطلق اسم الطبقة المتأينة أو الأينوسفير (ionosphere) على المنطقة الممتدة من 50 إلى 1000 كيلومتر والتي تشمل كل من طبقتي الغلاف الوسطي والحراري وجزء من طبقة الغلاف الخارجي وذلك لأن مكونات الهواء تكون في حالتها المتأينة بسبب امتصاصها للأشعة الشمسية عالية الطاقة. وتقوم هذه الطبقة بعكس الموجات الراديوية التي تقل تردداتها عن 30 ميجاهيرتز ولذلك تستخدم في أنظمة البث الإذاعي بعيدة المدى.
يعتبر الغلاف الجوي معجزة من معجزات الخالق سبحانه وتعالى فالحياة على أي كوكب من كواكب هذا الكون لا يمكن أن تظهر أو أن تدوم بدون وجود غلاف جوي يتم تصميم أبعاده ومكوناته بشكل بالغ الدقة. فقد تبين للعلماء أن الغلاف الجوي للأرض يقوم بمهام بالغة الأهمية لحياة الكائنات الحية وبقائها لم تكن لتخطر على بال البشر . فحياة الكائنات الحية تقوم على وجود ثلاثة من مكونات الغلاف الجوي فثاني أكسيد الكربون التي تمتصه النباتات والطحالب من الهواء هي المادة الخام التي منها يتم تصنيع المواد العضوية من خلال عملية التركيب الضوئي. وتستخدم خلايا الكائنات الحية عنصر الأوكسجين في عملية حرق المواد العضوية لاستخلاص الطاقة المخزنة فيها للقيام بعملياتها الحيوية المختلفة بينما يتم تثبيت عنصر النيتروجين التي تحتاجه النباتات من قبل الكائنات الحية الدقيقة في التراب وكذلك البروق. أما الانخفاض المتدرج لدرجة الحرارة مع الارتفاع في طبقة الغلاف المتقلب أو التروبوسفير فيعمل على تحويل بخار الماء المنبعث من أسطح المحيطات إلى غيوم ومن ثم إلى ماء ليعود إلى اليابسة لتقوم عليه حياة جميع الكائنات الحية البرية. وكذلك فإن انخفاض درجة الحرارة إلى ما دون 60 درجة مئوية تحت الصفر يعمل على تكثيف كامل بخار الماء في الهواء وضمان عودته إلى الأرض. ولولا هذا التقدير البديع في تصميم الغلاف الجوي لاختفى الماء من الأرض منذ زمن بعيد حيث أن بخار الماء أخف كثافة من الهواء ولذلك فإنه سيصعد إلى الأعلى ويتسرب إلى الفضاء الخارجي كما حدث مع بقية الكواكب.
ومن المهام بالغة الأهمية التي يقوم بها الغلاف الجوي هي عزل سطح الأرض عن الفضاء الخارجي الذي يحيط بها والذي تقترب درجة حرارته من الصفر المطلق وذلك للحفاظ على درجة حرارة مناسبة للكائنات الحية. فالغلاف الجوي مصمم بحيث يسمح بمرور الطاقة الشمسية إلى سطح الأرض أثناء النهار بينما يمنع بشكل جزئي مرور الإشعاع الحراري الذي ينبعث من سطح الأرض الساخن إلى الفضاء الخارجي. ولكي تبقى الأرض في حالة اتزان حراري فإنه يلزم أن تكون كمية الطاقة المستلمة من الشمس تساوي كمية الطاقة المنبعثة من الأرض إلى الفضاء الخارجي. وقد وجد العلماء أن هذا الاتزان الحراري يتم عند درجة حرارة متوسطة لسطح الأرض تبلغ خمسة عشر درجة مئوية. ويعمل الغلاف الجوي على أن تبقى درجة حرارة سطح الأرض في الليل والنهار ضمن الحدود المسموح بها لبقاء الحياة على الأرض حيث لا يتجاوز الفرق بين أعلى وأقل درجة في أقسى الظروف الأرضية الخمسين درجة مئوية. وعند مقارنة ذلك بدرجة حرارة سطح القمر الذي يفتقر لغلاف جوي نجد أن درجة حرارة سطحه تبلغ مائة وثلاثون درجة مئوية في النهار ومائة وسبعون درجة مئوية تحت الصفر في الليل أيّ بفارق ثلاثمائة درجة مئوية. وقد تبين للعلماء أن غاز ثاني أكسيد الكربون على قلة نسبته في الغلاف الجوي وكذلك بخار الماء يلعبان دورا كبيرا في تحديد درجة حرارة الاتزان هذه. فمن خصائص ثاني أكسيد الكربون العجيبة أنه يسمح بمرور الضوء المرئي وتحت الأحمر القادم من الشمس إلى الأرض أثناء النهار فتقوم بتسخين سطح الأرض أما في الليل فإنه يمنع مرور جزءا كبيرا من الحرارة المنبعثة من سطح الأرض إلى الفضاء الخارجي بما يسمى تأثير البيت الزجاجي أو الاحتباس الحراري(greenhouse effect) ولولا ذلك لهبطت درجة حرارة سطح الأرض أثناء الليل إلى درجات متدنية جدا. وفي حالة زيادة كمية ثاني أكسيد الكربون عن الحد الذي قدره الله فإنه سيعكس كمية أكبر من الحرارة التي تنبعث من سطح الأرض مما يزيد من معدل درجة حرارة سطح الأرض عن المعدل الطبيعي. وهنالك تخوف كبير من أن تؤدي الزيادة في نسبة ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن حرق هذه الكميات الكبيرة من أنواع الوقود المختلفة إلى زيادة درجة حرارة سطح الأرض بما يسمى بظاهرة الانحباس الحراري والتي قد تؤدي إلى اختلال كبير في مناخ الأرض ونظامها البيئي. وأما طبقة الأوزون فتستخدم في امتصاص معظم الأشعة فوق البنفسجية الضارة القادمة من الشمس كما سنشرح ذلك بعد قليل.
حفظ الأرض من الإشعاعات الشمسية
إن أهم الشروط في تصميم الأرض لتكون مهيأة لظهور الحياة عليها هو ضرورة وجودها بالقرب من مصدر لإنتاج الطاقة الذي يمدها بالطاقة اللازمة لحفظ درجة حرارة سطحها ضمن حدود معينة وكذلك إمداد الكائنات الحية بالطاقة التي تلزمها للحياة. فالشمس هي النجم المركزي للمجموعة الشمسية وهي نجم متوسط الحجم يبلغ قطرها 1,392,684 كيلومتر أي ما يعادل 109 ضعف قطر الأرض وكتلتها 2×1030 كيلوغرام أي ما يعادل 330,000 ضعف كتلة الأرض. وتتكون الشمس من الهيدروجين بنسبة 75 بالمائة ومن الهيليوم بنسبة 23 بالمائة تقريبا ومن بعض العناصرالثقيلة كالأكسجين والكربون والنيون والحديد وغيرها بنسبة لا تتجاوز اثنين بالمائة. وتتكون الشمس من عدة طبقات أولها النواة التي تمتد من المركز حتى 25 بالمائة من نصف قطر الشمس وهي طبقة عالية الكثافة (150 غرام لكل سنتيمتر مكعب) بسبب الضغط الهائل الواقع عليها وعالية الحرارة حيث تبدأ من 15,7 مليون كلفن عند المركز وتنتهي بسبعة ملايين عند حافتها. وفي هذه الطبقة تتم عملية الاندماج النووي لذرات الهيدروجين لتنتج ذرات الهيليوم وكميات هائلة من الطاقة التي تسخن الشمس وما حولها من كواكب. ويتم دمج أو حرق حوالى ستمائة وعشرين مليون طن من الهيدروجين في الثانية الواحدة (6.2 *1011 كيلوغرام في الثانية) يتحول منها ما يقرب من 4,26 مليون طن في الثانية إلى طاقة من خلال عملية الاندماج النووي. وتبلغ كمية الطاقة الناتجة 38,46 بليون تريليون ميجاواط(384,6 *1026 واط). ولاستيعاب هذا الرقم فإن الشمس تنتج من الطاقة في الثانية الواحدة ما يعادل ما تنتجه جميع محطات توليد الكهرباء في العالم في 384,6 مليون سنة وذلك على أساس معدل إنتاج عام 2017م.
أما الطبقة الثانية فهي الطبقة الإشعاعية والتي تمتد من حافة النواة الخارجية حتى 70 بالمائة من نصف قطر الشمس وتنخفض كثافتها من 20 غ/سم3 إلى 0.2 غ/سم3 وحرارتها من 7 مليون كلفن إلى 2 مليون كلفن. وفي هذه الطبقة لا يوجد أي إندماج نووي ولا إنتاج للطاقة وفيها يتم نقل الطاقة من طبقة النواة إلى الخارج من خلال إشعاع أيونات الهيدروجين والموجات عالية الطاقة. وأما الطبقة الثالثة فهي طبقة الحمل والتي تمتد من حافة الطبقة الإشعاعيةالخارجية حتى سطح الشمس وتنخفض كثافتها من 2 غ/سم3 إلى 0.2 غ/سم3 وحرارتها من 2 مليون كلفن إلى 5700 كلفن. وفي هذه الطبقة يتم نقل الطاقة أو الحرارة إلى سطح الشمس من خلال عملية الحمل وهي انتقال المواد الساخنة إلى الخارج على شكل تيارات حرارية وتعود إلى الداخل بعد أن تبرد بما يشبه الغليان. ويتكون سطح الشمس من طبقة رقيقة نسبيا لا تتجاوز سماكتها مئات الكيلومترات تسمى الغلاف الضوئي تتكون من ذرات الهيدروجين والهيليوم ومنها يتم إشعاع معظم أنواع الإشعاعات الشمسية. ويحيط بالشمس غلاف جوي يمتد حتى حدود المجموعة الشمسية ويتكون من عدة طبقات أهما طبقة الهالة الشمسية والتي تقع على ارتفاع 3000 كيلومتر من سطح الشمس وفيها ترتفع درجة الحرارة لتصل إلى ما يزيد عن مليون درجة كلفن ومنها تصدر الرياح الشمسية.
تشع الشمس طاقتها الهائلة على شكل موجات كهرومغناطيسية تغطي كامل الطيف الكهرومغناطيسي ولكن بتوزيع غير منتظم حيث تتركز معظم الطاقة في الأشعة المرئية وتحت الحمراء وفوق البنفسجية. فالأشعة تحت الحمراء التي يمتد طولها الموجي بين 750 نانومتر و 1000 ميكرومتر تحمل ما نسبته 50 بالمائة من مجموع الطاقة التي تشعها الشمس. أما الأشعة المرئية التي يمتد طولها الموجي بين 400 نانومتر و 750 نانومتر فتحمل ما نسبته 40 بالمائة من الطاقة الشمسية. أما الأشعة فوق البنفسجية التي يمتد طولها الموجي بين 10 نانومتر و 400 نانومتر فتحمل ما نسبته 5 بالمائة من الطاقة الشمسية. أما الأشعة السينية التي يمتد طولها الموجي بين 10 بيكومتر و 10 نانومتر وأشعة جاما والتي يقل طولها الموجي عن 10 بيكومتر فتحملان ما نسبته 5 بالمائة من الطاقة الشمسية. أما الرياح الشمسية التي تطلقها الهالة الشمسية فهي تتكون في الغالب من جسيمات مشحونة كالبروتونات والإلكترونات وأشعة ألفا وهي تنطلق بسرعات عالية قد تصل إلى ألف كيلومتر في الثانية. ومن عجائب التقدير أن درجة حرارة سطح الشمس الذي يبلغ قريبا من ستة آلاف درجة تعطي طيف إشعاع يتمركز حول الجزء المرئي من الطيف الكهرومغناطيسي والذي يتوافق تماما مع متطلبات الكائنات الحية من الإشعاع الشمسي الذي يستخدم في عملية التمثيل الضوئي وكذلك في نظام الإبصار المستخدم في كثير من أنواع الكائنات الحية.
تتحدد طاقة الفوتون للإشعاعات المختلفة من حاصل ضرب ثابت بلانك (h=6.63X10-34 J.S) في تردد الإشعاع وبما أن طول الموجة يساوي حاصل تقسيم سرعة الضوء على التردد (l=c/f) فإن طاقة الفوتون تتناسب عكسيا مع طول الموجة (E=hC/l). ويمكن حساب طاقة الفوتون لأي إشعاع بالإلكترون فولت من خلال تقسيم الرقم 1,24 على طول الموجة مقاسا بالميكرومتر (El(mm) eV). إن طاقة الفوتون للأشعة الراديوية وتحت الحمراء والمرئية لا تتجاوز ثلاثة إلكترون فولت وهذه الطاقة كافية فقط لنقل الإلكترونات من مدار إلى مدار في الذرات وهي بذلك لا تسبب أي ضرر يذكر لخلايا الكائنات الحية. أما طاقة الأشعة فوق البنفسجية والسينية وأشعة جاما فإنها تتراوح ما بين ثلاثة إلكترون فولت وعشرة ملايين إلكترون فولت وهذه الطاقة قادرة وذلك حسب شدتها على اقتلاع الإلكترونات من الذرات مسببة في تأينها () وبالتالي تعمل على تفكيك الروابط بين ذرات الجزيئات الحيوية. إن أهم الجزيئات التي يترتب على تفككها من قبل هذه الأشعة خطرا على الكائنات الحية هو جزيء الحامض النووي. ويترتب على تفكك هذا الجزيء هو تعطل عمله في إدارة العمليات الحيوية في الخلايا مما يؤدي إلى موتها ولكن الأخطر من ذلك هو إصابة الشيفرات المسؤولة عن تنظيم انقسام الخلايا بالخلل مما يؤدي إلى انقسامها بشكل غير محكوم وبالتالي مسببة في ظهور السراطانات في جسم الكائن الحي. ولولا وسائل الحماية المختلفة التي أحاط الله عز وجل بها الأرض لما كان للحياة أن تظهر على هذا الكوكب ولا أن تدوم لبلايين السنين.
طبقة الأوزون والحماية من الأشعة الشمسية
إن من أعجب التقديرات التي قدرها الله عز وجل لحماية الحياة على الأرض من الأشعة الشمسية الضارة هو وجود ما يسمى بطبقة الأوزون في الغلاف الجوي. فهذه الطبقة العجيبة تسمح بمرور كامل الأشعة الشمسية النافعة كالأشعة المرئية وتحت الحمراء ونطاق ضيق جدا من الأشعة فوق البنفسجية وتمنع مرور الأشعة الشمسية الضارة كالأشعة فوق البنفسجية عالية الطاقة والأشعة السينية وأشعة جاما. فطاقة الأشعة المرئية وتحت الحمراء تعمل على تسخين الأرض وجزء من طاقة الأشعة المرئية تمد الكائنات الحية بالطاقة اللازمة من خلال عملية التمثيل الضوئي وطاقة الأشعة فوق البنفسجية منخفضة الطاقة تساعد في إنتاج فيتامين دال الضروري لحياة الكائنات الحية. وتقع طبقة الأوزون (Ozone layer) ضمن طبقة الغلاف الطبقي أو الستراتوسفير (stratosphere) على إرتفاع يتراوح بين 20 و 40 كيلومتر فوق سطح البحر وفيها يتم تحويل جزيء الأوكسجين الثنائي (O2) إلى جزيء الأوكسجين الثلاثي أو ما يسمى بالأوزون (O3) من خلال إمتصاص طاقة الأشعة فوق البنفسجية عالية الطاقة. وتقوم هذه الأشعة أيضا بتحليل جزيء الأوزون إلى جزيء أوكسجين ثنائي وأوكسجين أحادي ومن ثم إعادة تركيبه في عملية متكررة لكي تستمر عملية امتصاص طاقة الأشعة فوق البنفسجية الضارة دون توقف.
الغلاف المغناطيسي والحماية من الجسيمات المشحونة
لقد وجد العلماء أن الأرض تتفرد بوجود مجال أو غلاف مغناطيسي (magetosphere) تفوق شدته مائة مرة شدة أقوى المجالات المغناطيسية في بقية كواكب المجموعة الشمسية رغم أن الأرض ليست بأكبرها حجما. وقد تبين للعلماء أن هذا المجال المغناطيسي العالي قد نتج عن وجود قلب كبير من الحديد والنيكل في باطن الأرض والذي لا يوجد ما يشابه في بقية الكواكب. وينشأ المجال المغناطيسي نتيجة لحركة تيارات ضخمة من الحديد السائل في الجزء الخارجي للقلب الحديدي. وكأي مغناطيس فإن المغناطيس الأرضي له قطبان فالقطب المغناطيسي الشمالي يقع قريبا من القطب الجغرافي الجنوبي والعكس للقطب الآخر وتبلغ درجة انحراف القطب المغناطيسي عن الجغرافي أحد عشرة درجة. وتخرج خطوط المجال المغناطيسي من القطب الشمالي للمغناطيس الأرضي بكثافة عالية وتسير في الفضاء المحيط بالأرض ثم تتجمع لتدخل في القطب الشمالي. ويمتد نأثير المجال المغناطيسي لعشرات الآلاف من الكيلومترات حول الأرض وتبلغ أعلى شدة له على سطح الأرض حيث تبلغ 25 مايكروتسلا عن خط الإستواء و65 مايكروتسلا عند القطبين.
وقد تبين للعلماء أن هذا المجال المغناطيسي الشديد نسبيا لم يخلق عبثا بل هو الدرع الذي يحمي الأرض من الجسيمات المشحونة الصادرة عن الرياح الشمسية وكذلك تلك القادمة من الفضاء الخارجي. إن هذا الدرع المغناطيسي هو الذي حافظ على وجود الغلاف الجوي للأرض لبلايين السنين بينما تلاشت الأغلفة الجوية للكواكب التي لا تمتلك مثل هذا المجال المغناطيسي القوي. فالجسيمات المشحونة كالبروتونات والالكترونات القادمة من الشمس تمتلك طاقة حركية عالية وعندما تصطدم بجزيئات الغلاف الجوي فإنها تقذف بها إلى الفضاء الخارجي مسببة في تلاشي هذا الغلاف مع مرور الزمن في غياب الدرع المغناطيسي.
ويقوم المجال المغناطيسي بحماية الأرض من الجسيمات المشحونة من خلال تفاعل هذه الجسيمات مع المجال المغناطيسي طبقا لقانون القوة للورنتس (Lorentz force law). وتبعا لهذا القانون فإن الجسيمات المشحونة التي تسقط بسرعة معينة وبشكل عمودي على خطوط المجال المغناطيسي تتعرض لتأثير قوة يكون اتجاهها عموديا على كل من اتجاه المجال واتجاه حركة الجسيمات وقيمتها تتناسب مع شدة المجال وسرعة الجسيمات. وفي حالة سقوط الجسيمات في نفس اتجاه المجال فإنها لا تتعرض لأي قوة وتستمر في الحركة بنفس السرعة وفي نفس اتجاه المجال. فعلى سبيل المثال فإنه عند سقوط الجسيمات بشكل عمودي تماما على المجال المغناطيسي الأرضي فإن الحركة الخطية لهذه الجسيمات تتحول إلى حركة دائرية ويتحدد قطر الدائرة من سرعة الجسيمات وشدة المجال وتبقى هذه الجسيمات محبوسة في داخل هذا المجال. أما إذا سقطت الجسيمات بشكل موازي لخطوط المجال فإنها ستسير معها إلى أن تسقط على الأرض عند القطبين مسببة في ظهور الشفق القطبي نتيجة لاصطدام هذه الجسيمات بجزيئات الهواء. أما إذا سقطت الجسيمات بزاوية ما فإنها ستتحرك في حركة لولبية بشكل موازي لسطح الأرض إلى أن تخرج إلى الفضاء الخارجي دون أن تصل إلى الغلاف الجوي.
تكون الجسيمات المحبوسة في المجال المغناطيسي الأرضي ما يسمى بحزام فان ألن الإشعاعي (Van Allen radiation belt) وذلك نسبة للعالم الأمريكي فان ألن الذي اكتشف هذا الحزام في عام 1959م بعد أن وضع أجهزة لقياس الإشعاع على متن أول الأقمار الصناعية الذي أطلقته الولايات المتحدة الأمريكية. ويتكون هذا الحزام من منطقتين كل منهما على شكل الكعكة التي يتطابق محورها مع محور المجال المغناطيسي. ويتراوح ارتفاع الحزام الأدنى بين 1600 و13000 كيلومتر عند منتصفه بينما يتراوح ارتفاع الحزام الأبعد بين 19000 و40000 كيلومتر. وبسبب الحركة الدائرية للجسيمات المحبوسة في هذا الحزام فإنها تنتج مجالا مغناطيسيا إضافيا في نفس اتجاه المجال الأصلي مما يساعد في مزيد من صد الجسيمات المشحونة خاصة عند حدوث العواصف الشمسية القوية. وكذلك فإن الكثافة العالية للجسيمات المحبوسة في هذا الحزام تساعد في صد الجسيمات من خلال الارتطام بها مباشرة. وعادة ما يتم تجنب وضع الأقمار الصناعية في بعض مناطق هذا الحزام ذات الكثافة العالية لأن هذه الجسيمات العالية الطاقة تعمل على تدمير المعدات الإلكترونية والخلايا الشمسية في هذه الأقمار.
الحماية من الكويكبات والمذنبات والنيازك
يعيش البشر على هذه الأرض آمنين مطمئنين رغم أن هذه الأرض تقع في كون يحتوي على مئات البلايين من المجرات والتي يحوي كل منها على مئات البلايين من النجوم وما يتبعها من كواكب وما يوجد بينها من سدم. أن أول طرق الحماية التي حمى الله عز وجل بها الأرض هو المسافات الهائلة التي تفصل الأجرام السماوية عن بعضها البعض فأقرب المجرات لمجرتنا هي مجرة المرأة المسلسلة أو الأندروميدا (Andromeda) وهي تبعد 2,36 مليون سنة ضوئية أو ما يعادل 22 بليون بليون كيلومتر، أما أقرب النجوم لمجموعتنا الشمسية هو النجم ألفا سنتوريا (Alpha Centauri) 4,23 سنة ضوئية أو 1,3 فرسخ فلكي أو ما يعادل 40 ألف بليون كيلو متر . وأما الشمس فتبعد عن الأرض حوالي 8 دقائق وثلث ضوئية أو ما يعادل 150 مليون كيلومتر وأما أقرب الكواكب فهو كوكب الزهرة ويبعد مداره عن مدار الأرض . وأما طريقة الحماية الثانية فهي أن جميع الأجرام السماوية تسير في مسارات أو مدارات محددة لا تحيد عنها إلا إذا تعرضت لاصطدام من جرم يوازيها حجما. فالأقمار تدور حول الكواكب والكواكب تدور حول النجوم والنجوم تدور حول مراكز المجرات والمجرات تدور حول بعضها أو مندفعة متباعدة عن بعضها البعض في الفضاء الكوني.
أن أكثر ألأجرام السماوية خطرا على الأرض هي تلك الأجرام الصغيرة التي تسبح ضمن المجموعة الشمسية والتي تم تصنيفها حسب حجمها وتركيبها إلى ثلاثة أنواع وهي الكويكبات (Asteroids) والمذنبات (Comets) والنيازك (Meteoroids). فالكويكبات هي أجسام صخرية أو معدنية غير منتظمة الشكل في الغالب وقد يصل قطر بعضها إلى ألف كيلومتر وتدور في مدارات محددة حول الشمس. ويوجد معظم الكويكبات في ما يسمى بحزام الكويكبات الذي يقع مداره بين المريخ والمشتري ويوجد في هذا الحزام عدة ملايين من الكويكبات إلا أنه لا يوجد إلا أربعة منها يزيد قطرها عن مائة كيلومتر ولا يتجاوز ألف كيلومتر. أما بقية الكويكبات فبعضها يوجد في نفس مدارات الكواكب وبعضها توجد في مدارات بيضاوية الشكل عالية الانحراف المركزي ولذلك قد تتقاطع مداراتها مع مدارات كواكب المجموعة الشمسية وقد تصطدم بهذه الكواكب ولكن باحتمالية متدنية جدا إلا إذا شاء الله عز وجل وصدق الله العظيم القائل “” “أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف تذير” الملك 17.
أما المذنبات فهي أجسام مكونة في الغالب من الجليد المائي وغير المائي والغبار والغاز بأقطار متفاوتة وتسير في مدارات بيضاوية الشكل عالية الانحراف المركزي وغالبا ما تتقاطع مداراتها مع مدارات كواكب المجموعة الشمسية. وعند اقتراب هذه المذنبات من الشمس فإن بعض جليدها يذوب وتتأين ذراته من الرياح الشمسية فيكون ذيلا طويلا يمتد في السماء مع اتجاه الرياح الشمسية. وبسبب اتساع مدارات هذه المذنبات فإنها تحتاج لعشرات أو مئات السنوات لإكمال دوراتها كما هو الحال مع مذنب هالي الذي يكمل دورته كل 76 سنة. أما النيازك فهي أجسام صخرية أو معدنية لا يتجاوز قطرها عشرات الأمتار وتنتج نتيجة تصادم بعض الكويكبات الكبيرة فتتطاير في الفضاء في مسارات غير منتظمة وتنجذب لأقرب الكواكب إليها. وهذه النيازك قد تسبب دمارا كبيرا على سطح الأرض على الرغم من صغر حجمها وذلك بسبب سرعتها الهائلة التي قد تصل إلى مئات الآلاف من الكيلومترات في الساعة. وقد يتسبب نيزك بكتلة لا تتجاوز عدة مئات من الكيلوجرامات دمارا لا يقل عن الدمار الذي يسببه تفجير قنبلة نووية. ومن لطف الله بالبشر أنه حمى الأرض من هذه النيازك بعدة آليات أهمها وجود عدد كاف من الكواكب الخارجية التي تقوم بجذب النيازك إليها قبل أن تصل إلى الأرض كما يفعل ذلك كوكب المشتري الذي يفوق حجمه حجم الأرض بألف وثلاثمائة مرة ولذلك فقد أطلق العلماء عليه اسم صياد النيازك. أما ما تبقى من النيازك الصغيرة التي تفلت من جاذبية الشمس والكواكب الخارجية والداخلية وتصل إلى الأرض فإن الغلاف الجوي يتكفل بحرق معظم كتلتها قبل وصولها إلى سطح الأرض بسبب الاحتكاك الشديد بينها وبين الهواء.