التطابق بين نبوءات الكتاب المقدس وميلاد النبي محمد

 
الأربعاء/أكتوبر/2023
   

ملخص المقال: 

المقال يبحث في توقعات أهل الكتاب حول مولد نبي في الزمان الأخير والتطابق مع مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. تم الإشارة إلى آية من سورة البقرة تتحدث عن تأكيد كتاب من الله لما عند أهل الكتاب، وكيف كانوا يتوقعون ظهور نبي قبل مولد النبي محمد. الكاتب استعرض كتاب “رؤيا إبراهيم” الذي يروي قصة معراج النبي إبراهيم وتنبؤه بظهور نبي بعد خراب يحل باليهود. وقد تم تقديم ثلاثة احتمالات لهذا الخراب، وبين الكاتب أن الاحتمال الثاني هو الأقرب. وأخيراً، أشار إلى تطابق صفات النبي المتوقع مع صفات النبي محمد.

المقال مفصلا : 

تاريخ ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مخطوطات اليهود المخفية:

(وَلَمّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدّقٌ لّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمّا جَآءَهُمْ مّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ) { البقرة 89}.        

        ذكر القرآن الكريم أن أهل الكتاب كان مكتوباً عندهم زمان خروج نبي آخر الزمان بل إنهم كانوا يغيظون المشركين قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بقرب مبعثه يقولون قد أظلنا زمان نبي نتبعه ونقلتكم قتل عاد وإرم في معنى ما رواه ابن كثير في تفسيره عن قتادة.

** والحق أن هناك محاولات لاستخراج هذه التواريخ من الكتب المعتمدة(القانونية ) في الكتاب المقدس لكنها لم تكن شديدة الوضوح..و

من فضل  الله علىّ أن يسّر لي قراءة كتاب من كتب  سوديبيجرافا Pseudepigrapha”  ل[ اسمه “رؤيا إبراهيم” Apocalypse Of Abrahamكتب هذا الكتاب في القرن الأول أو الثاني الميلادي [] ، رغم ذلك أقدم مخطوطاته تعود للقرن الرابع عشر الميلادي []  ولم يعرف في الأوساط العلمية إلا في القرن الحادي عشر أو الثاني عشر أي أنه ظل مجهولاً لما لا يقل عن عشرة قرون [] ولا يوجد له سوى ترجمة واحدة أي نص واحد باللغة السلافية [] فلا يعقل مثلاً أن يقول قائل أن محمدا صلى الله عليه وسلم تحصل على نسخة من هذا الكتاب قبلنا وأدرك تلك الصدفة وذلك التطابق بينه وبين الشخصية صاحبة النبوة فاعتزم ادعاء النبوة !!.

 …… يحكى هذا الكتاب قصة معراج لنبي الله إبراهيم حيث رأى فيما رأى أحفاداً له يعبدون أصناماً داخل هيكل عظيم وله جمال المعبد السماوي القائم تحت عرش الله “البيت المعمور” يقدمون لها ذبائح بشرية []. ونتيجة لهذه الجريمة ينتقم الله منهم ببعثه عليهم جيشاً من الوثنيين يحرقون هذا المعبد ويقتلون بعضه بعض أحفاد إبراهيم ويأسرون الباقين[]. ثم يخرج الله في الساعة الثانية عشر الساعة تمثل قرنا من الزمان كما ذكر الفصل 28 من هذه الحادثة رجلاً من نسل إبراهيم وفي نفس الوقت من وسط الوثنيين يعيد السادة للموحدين. يهان ويضرب في أول الأمر من الوثنيين ثم يثقون فيه ويعزرونه. وسوف يتبعه بعض أبناء إبراهيم ويهينه ويضربه بعضهم أيضاً []… وهو محرر أبناء إبراهيم من الوثنية0]

لا جدال أن هذه القصة تتحدث عن النبي المنتظر الذي يظهر في الساعة الثانية عشرة أي القرن الثاني عشر بتفسير الكتاب نفسه من تاريخ خراب شامل لليهود فما هو هذا الخراب؟ ومتى حدث؟

أمامنا ثلاثة احتمالات:

1- سقوط السامرة ومملكة إسرائيل الشمالية في يد شملنأسر ملك آشور وسبى أهلها. سفر الملوك الثاني. الإصحاح 16- الكتاب المقدس.

2- سقود اورشليم القدس نفسها في يد “نبوخذنصر” ملك بابل وسبى أهلها أيضاً نتيجة عبادتهم الأوثان وتقديم القرابين بل والذبائح البشرية لها, فيدخل ذلك الملك أورشليم ويهدم هيكل اليهود ويقتل بعضهم ويسبى الآخرين- هذه الحادثة من أهم الأحداث في تاريخ اليهود – سفر الملوك الثاني. الإصحاح 21-25.

“وبنى الملك منسى في دارى هيكل الرب مذابح لكل كوكب السماء. وأجاز ابنه في النار … ونصب تمثال “عشتاروت” الذى صنعه في الهيكل.. فارتكبوا بنو إسرائيل ما هو أقبح مما ترتكبه الأمم التى طردها الرب. إصحاح 21:5 – 9 .. وأضل يهوذا فجعله يأثم بعبادة أصنامه، لذلك يقول الرب إله إسرائيل: ها أنا أجلب شراً على أورشليم ويهوذا .. وأمسح أورشليم من  الوجود .. وأنبذ بقية شعبي وأسلمهم إلى أيدي أعدائهم، فيصبحون غنيمة وأسرى لهم.. إصحاح 21:11-15 …ثم تذكر التوراة ستة ملوك بعد “منسي” واحد فقط منهم “عمل ما هو صالح في عيني الرب”، أما الخمسة الباقون فكل واحد “ارتكب الشر في عين الرب” وتبعهم الشعب فكانت النتيجة التي تنبأت بها التوراة “وفي اليوم .. من حكم الملك” نبوخذنصر” ملك بابل، قدم “نبوزرادان” قائد الحرس الملكي من بابل إلى أورشليم وأحرق  الهيكل .. وكل منازل العظماء، وهدمت جيوش الكلدانيين … جميع أسوار أورشليم وسبى ” نبوزرادان ” بقية الشعب واستولوا أيضاً على القدور والرفوش والمقاص والصمود وجميع آنية النحاس التي كانت تستخدم في الهيكل أصحاح 25: 8-14.

3- الاحتمال الثالث هو تدمير الهيكل على يد الرومان وحرثه في القرن  الأول والثاني الميلادي. وهذه الحادثة أيضاً من أهم  الأحداث في تاريخ اليهود.

أما الاحتمال الأول فيرفض لأنه لم يهدم فيه الهيكل كما ذكرت هذه النبوءة وأما الاحتمال الأخير فيرفض أيضاً لأنه لم يحدث نتيجة عبادة اليهود للأوثان.

       لم يبق أمامنا سوى الاحتمال الثاني لأنه الوحيد الذي حقق جميع الشروط. إذ حدث نتيجة عبادة الأوثان وتقديم الذبائح البشرية لها. وكذلك حدث فيه السبي وهدم الهيكل العظيم. وهذا ما تقوله التوراة أيضاً عقب عبادة بني إسرائيل للأصنام في عهد الملك “منسى” ملوك ثاني:11:21-15.

       يبقى أمامنا الجزء الثاني من السؤال؟ متى حدث ذلك الخراب ؟ لم يذكر أي كتاب من كتب تاريخ اليهود والتوراة تاريخاً غير القرن  السادس قبل الميلاد.

       ومن المعروف تماماً أن نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم قد ولد عام 570 أو 571 ميلادياً، أي في القرن السادس الميلادي.

 والغريب أن بقية الصفات التي ذكرتها النبوءة تتطابق تماماً مع صفاته عليه الصلاة والسلام إذ أنه صلى الله عليه وسلم خرج من وسط المشركين وهو من نسل إبراهيم ثم أهانه العرب  المشركون ثم اتبعوه. وقد أتبعه بعض أبناء إبراهيم العرب أبناء إسماعيل وبعض اليهود من أبناء إسحاق ورفضه وأهانه بعض أبناء إبراهيم اليهود. كما أنه صلى الله عليه وسلم هو محرر أبناء إبراهيم من الوثنية، بل إن التاريخ بطوله لم يشهد محرراً للبشرية كلها من الوثنية مثل “محمد صلى الله عليه وسلم”

 وأخذني الملاك بيده اليمنى وأجلسني على الجناح الأيمن لليمامة الإلهية، العابرة للسماوات، وجلس هو على جناحها الأيسر … الفصل 15.

قال الملك: سوف أشرح لك ما سيكون في نهاية الأيام.

يقول إبراهيم ورأيت هناك وثناً كالذي يصنعه النجارون، مثل الذي كان يصنعه أبي، وقد صنع من النحاس المتألق، أمامه رجل يتعبده وكان هناك مذبحاً أمام الصنم وقد ذبح أمامه أطفالاً. وسألت الملك: ما هذا الوثن، وما هذا المذبح؟ من المضحى بالقربان – ومن المضحى به؟

أو ما هذا المعبد البارع الذي يشبه في فنه وجماله ذلك المعبد تحت عرش  الله البيت المعمور؟ .. وقال الرب لإبراهيم لأن أناساً يخرجون من نسلك سوف يغضبونني. فصل 25 ..

 ورأيت جمعاً من الوثنيين يأسرون الرجال والنساء والأطفال .. وقد ذبحوا بعضهم وأبقوا على الآخرين معهم .. وقد أحرقوا المعبد ونهبوا متعلقاته المقدسة.

قلت يا رب: الشعب الذي خرج من نسلى نهب من شعوب المشركين يقتلون بعضهم ويجعلون الآخرين أغراباً.

وقال لي الرب: أنصت يا إبراهيم كل ما رأيته سوف يحدث بسبب نسلك الذي سوف يستمر في إغضابي بسبب الحسد الذي رأيت والقتل الذي كان أمام أصنام في معبد الغبرة فصل 27 والساعة من الزمان سوف تساوى مائة عام .. فصل 28 ..

 وقلت: يا رب إلى متى سوف يستمر هذا ؟ وقال  الرب: لقد قضيت بإبقاء اثني عشر مدة من أزمنة العقوق بين المشركين وبين نسلك والذي رأيت سوف يستمر إلى نهاية الوقت.. ثم رأيت رجلاً يخرج من وسط المشركين. من ناحية الوثنيين رأيت جمعاً كبيراً من الرجال والنساء والأطفال، وجمعاً كبيراً، يعبدونني يعبدون الله … وقلت: يا رب من هذا الرجل الذي أهين وضرب من الوثنيين؟ وأجاب الرب: يا إبراهيم، الرجل الذي رأيته يهان ويضرب ثميبجل هو الذي سيريح الشعب من الوثنيين الذين يولدون من صلبك في الأيام الأخيرة، في الساعة الثانية عشرة من العقوق، في الفترة الثانية عشر من زمن التحقيق عندي، سوف أقيم هذا الرجل من نسلك، كثير من الوثنيين سوف يثقون فيه. وأولئك الذين من صلبك.. سوف يهينونه، وبعضهم يضربونه، وبعضهم يعظمونه. كثيرون منهم سوف يأثمون بسببه.

        انه هو الذي سوف يختبر نسلك الذين بجلوه في الساعة الثانية عشرة من إنفاذ الوعد. الفصل 29 … وعندها سأنفخ من أعلى السماء البوق وأرسل مصطفاي الذي سيكون ثمة فيه مقدار من كل قدرتي. وسيدعو هذا الأخير شعبي المضطهد من الوثنيين وسأحرق بالنار الذي يكونون قد اضطهدوهم وساروا عليهم خلال الدهر. وسأسلم الذين يكونون قد غطوني بالشتائم إلى عقاب الدهر الآتي. لأنني خصصتهم ليكونوا طعاماً لنار الجحيم ..”  فصل 31.

        هذه ترجمة بمجهود شخصي من النص السابق مدعومة بترجمة عربية فريدة – هي الأولى من نوعها – لمخطوطات البحر الميت نقلاً عن نص فرنسي “التوراة: كتابات ما بين العهدين” – دار الطليعة الجديدة – دمشق – ترجمة: موسى ديب خوري.. ذكر معُد هذا الكتاب الفرنسي تعليقاً على هذه الفقرة أن المقطع كله غامض .. لأنه يفترض في الواقع أن الإنسان المعبود المبجل من الجماهير الوثنية، أي يسوع في هذه ا لحالة، هو نفسه وثني الأصل” ص 597 جزء 3.

        تعليقنا: مبعث اللبس عند هذا المترجم هو إصراره أن يكون المقصود بالنبوة هو عيسى يسوع وهو بالطبع نشأ وسط موحدين ولم يلتق بالوثنيين. كما أنه أخطأ في فهم نص النبوءة في أن صاحب النبوءة وثني الأصل طالما يخرج من صفوف الوثنيين. وهذا خطأ – المعنى الصحيح أنه يخرج من وسطهم ولا يشترط هذا أن يكون منهم .. ولو أن المترجم تذكر أن “محمداً” هو الوحيد الذي خرج من وسط المشركين وهو من نسل إبراهيم وهو محطم  الوثنية الأكبر لزال عنه هذا الغموض وهذا اللبس.


الوسوم:

مقالات ذات صلة