وفي أنفسكم أفلا تبصرون
الأربعاء/ديسمبر/2019
صورة لعين بشرية فتبارك الله أحسن الخالقين |
إعداد أحمد فتحي شعبان
مدرس أحياء و جيولوجيا
يقول الحق تبارك وتعالى ( وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً ) (سورة الأنعام: من الآية 61) و يقول سبحانه أيضا” (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ) (سورة الطارق: 4) ” سورة الطارق:آية(4 ) وإذا نظرنا لتفسير المفسرين القدامى منهم لوجدناه كالتالي:
إن كلّ نفس لَعَليها حافظ من ربها، يحفظ عملها، وَيَحْصِي عليها ما تكسب من خير أو شرّ. وبنحو ذلك ورد في تفاسير مختلفة ما نصه:
عن ابن عباس، قوله: «إنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَا عَلَيْها حافِظٌ» قال: كلّ نفس عليها حفظة من الملائكة.
عن قتادة، قوله: «إنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَا عَلَيْها حافِظٌ»: حفظة يحفظون عملك ورزقك وأجلك إذا توفيته يا بن آدم قبضت إلى ربك.
وقوله تعالى: {إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } أي كل نفس عليها من الله حافظ يحرسها من الآفات كما قال تعالى: {لَهُ مُعَقّبَـٰتٌ مّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ }.
{إن كل نفس لما عليها حافظ} يحفظ عليها أعمالها الصالحة والسيئة، وستجازى بعملها المحفوظ عليها.
قال تعالى: {إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ }.
وجواب القسم «إنْ كُلُّ نَفْسٍ». و«إن» بمعنى «ما».و(لَمَّا): بالتشديد بمعنى إلا، وبالتخفيف «ما» فيه زائدة، وإنْ هي المخففة من الثقيلة؛ أي إن كل نفس لَعَليها حافظ.و(حافظ)مبتدأ، و(عليها): الخبر. ويجوز أنْ يرتفِعَ حافظ بالظَّرْف.
و إذا نظرنا للحفظ كذلك من منظور علمي لوجدنا أن النفس عليها حفظة و ليس حافظا واحدا حيث زودها الله عز وجل بالعديد من الوسائل التي تحميها من غيرها كعوامل بيئية و كائنات أخرى مرئية أو مجهرية و على سبيل المثال لا الحصر نجد:
أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) |
الجلد: الذي يغطي الجسم وسيلة حفظ لسوائل الجسم فلا يصيبه الجفاف – انظر عفاك الله إلى ذوي الحروق القوية – كذلك عليه طبقة قرنية من الخلايا الميتة التي تعيق دخول الميكروبات المرضية إلى داخل الأنسجة ، كذلك به الخلايا و الحلمات الحسية التي تشعر الشخص بما حوله من تغيرات بيئية – حرارة ، برودة، أشياء و مؤثرات ضارة – فيحفظ نفسه و يحميها من المخاطر بإذن الله , كذلك الجلد به الغدد العرقية التي تفرز العرق و هو مادة شديدة الملوحة كافية لقتل الميكروبات أو على الأقل وقف نشاطها و الحد منه كما أن هذا العرق يحمي الجسم من الارتفاع في درجة الحرارة فهو يلطف من حرارة الجسم.
العين: إذا نظرنا إليها وما فيها من حفظ لوجدنا أن الله زودها الرموش لحمايتها من الأتربة والرياح ، كذلك وجود الجفون التي تغلق العين ليغض الإنسان بصره فلا يتولد لديه الشهوة وعدم الرضا بما قسمه الله من زوجة إذا ما أطلق بصره يجول هنا وهناك في المحرمات , كما أن هذه الجفون تغلق و تفتح بسرعة من أن لآخر حتي تتسنى لمادة الأوبسين أن تتحد مع مادة الريتينين لتكون مادة الردوبسين التي تتحلل عند دخول الضوء للعين إلى المادتين اللتين كوناها فتتمكن العين من الرؤية, كذلك توجد العين فيما يعرف بالتجويف الحجاجي داخل الجمجمة ليحميها من الإصابات الخارجية و الصدمات , كذلك تفرز العين إنزيم خاص – مادة كيميائية هو الليزوزوم – عند دخول البكتريا أو الميكروبات إليها فتحللها بإذن الله و تفتك بها.
الأنف: والذي ينتج المادة المخاطية من خلال النسيج المخاطي الذي يتميز بكميائية قلوية تعمل على: -قتل الميكروبات – تجميع المواد الضارة و الأتربة التي تدخل للجسم – يعمل على ترطيب و تبريد الهواء الساخن قبل دخوله للرئتين – كذلك به الأوعية الدموية التي تعمل على تدفئة الهواء البارد قبل دخوله الرئتين حتى لا يصاب الإنسان بالأذى – كذلك توجد شعيرات عادية لحجز الغبار والأتربة.
صورة لمعدة بشرية فتبارك الله أحسن الخالقين |
الفم: وبه اللعاب الذي له من الفوائد العظيمة أقلها أنه قلوي لقتل الميكروبات الداخلة مع الطعام، كذلك يعمل على حفظ الأسنان من التآكل لو تعرضت للهواء، كذلك به مادة مخاطية تسهل مرور الطعام وانزلاقه للمعدة خلال المريء حفاظا على الإنسان من الاختناق إذا توقف الطعام بالمريء فينشأ عنه عدم مرور الهواء بالقصبة الهوائية.
المعدة: ويوجد بها حامض الهيدروكلوريك HCL ذو التركيز العالي PH:1.5 -2.5 و هذا يكفي لقتل معظم الميكروبات التي تصل للمعدة و بهذا يحفظ الجسم من الأضرار و الأهم من ذلك وجود بطانة مخاطية من مواد سكرية لجدار المعدة لتحميها من أثر الحمض و ذلك لأن هذه المادة لأتتأثر بالحمض المعدي.
بكتريا الأمعاء الغليظة: والتي تحلل المواد التي يتناولها الإنسان و لايملك انزيمات لهضمها و منها السليلوز ( الألياف النباتية ) – أتدري ما وسيلة حفظها ؟- إنها تحفظه من الإمساك والإسهال فسبحان الله.
داخل الخلية الواحدة من جسم الإنسان يحدث ما يقرب من 5000 طفرة يوميا ( الطفرة تغير مفاجىء في تركيب الجين ( DNA ) وهو المسئول عن الصفات الوراثية فينبغي أن ينشأ عن هذه التغيرات أمراض ناتجة عن الخلل الوراثي إلا أن ذلك لايتم بسبب ما يعرف بإنزيمات الربط التي تُحدث إصلاح لأي خلل في المادة الوراثية.
وفي المرات القادمة إن شاء الله نستكمل بقية و سائل حفظ الله للإنسان و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أعدها و كتبها / أحمد فتحي شعبان
مدرس أحياء و جيولوجيا [email protected]