عالم الوراثة الشهير..كيف تحول من ملحد إلى مؤمن؟
الجمعة/يناير/2021
كتب محمد بن جمعة
فرانسيس كولينز، طبيب علم الوراثة، ومدير مشروع الجينوم البشري.. ولد ملحدا في أسرة أمريكية ملحدة..
ثم تحول للإيمان بنظرية التصميم الذكي نتيجة أبحاثه الجامعية حول الجينات (DNA) وكتب فيها لاحقا كتابا هاما يرى فيه أن (DNA) هي لغة الله (The Language of God)..
وخلص فيه إلى أن دراسة علم الوراثة يؤدي حتما إلى الإيمان بوجود خالق للكون والحياة والإنسان، ويستحيل أن يكون الأمر متعلقا بالعشوائية.. والتطور آلية أساسية من آليات خلق الكون من قبل الله...
في حوار تلفزيوني علمي، سئل: كيف يمكن لعالِم مثلك أن يؤمن بالخوارق والمعجزات والنبوات؟
فأجاب:
كثيرون يندهشون كيف لعالِم ذي عقلية علمية، ومؤمن بالتطور، أن يؤمن بالنبوات والمعجزات والخوارق..
وأقول لهم دائما: نعم، هذا ممكن في بعض الأحيان..
وهم يستغربون لأن هذا يعتبر خرقا لقوانين الطبيعة التي لا تقبل الخرق علميا..
تعريف المعجزة هو أنها “خرق لقوانين الطبيعة”، بما يعني أن القانون الطبيعي يتم تعطيله مؤقتا في ظرف ما..
وأنا هنا لا أتحدث عن جميع ما يصفه عامة الناس بأنه معجزة أو خارقة من الخوارق في حين أن لها تفسيرا علميا.. العامة يتوسعون كثيرا في مفهوم المعجزة، ويصفون بها كل الأمور التي تعجز عقولهم عن إيجاد تفسير علمي لها.. وليس هذا هو ما أقصده هنا..
مثلا، قيامة المسيح أو معجزات المسيح، هي من جوهر معتقدي المسيحي.. ولا أرى أن الإيمان بها يحدث إشكالا كبيرا من الناحية العلمية. وانما الإشكال الحقيقي هو أن تجيب عن الأسئلة الثلاثة التالية:
1- هل تؤمن بوجود الله كخالق للكون؟ (مفهوم الألوهية)
2- وهل تؤمن بأن هذا الإله خارج عن إطار القوانين الطبيعية بحيث لا تحكمه نفس القوانين، وإنما هو الذي يتحكم فيها إنشاءً وتعطيلا؟ (مفهوم الربوبية)
3- هل تمؤمن بأن هذا الإله ما زال يتدخل في تدبير شؤون هذا الكون والحياة، حتى في عصرنا الراهن؟ (مفهوم الربوبية)
إذا أجبت بنعم على الأسئلة الثلاث، فلن تجد صعوبة في قبول فكرة المعجزة والخوارق والنبوات. لأن السؤال هو: إن كنا نؤمن بذلك، فلماذا لا نؤمن بأنه قادر على أن يرسل لنا رسائل استثنائية في أوقات وظروف معينة لتنبيهنا لأمر ما أو لحكمة ما؟
نعم، كعلماء نرى أن قوانين الطبيعة تعمل بشكل غير قابل للخرق، وبالتالي نسعى لوضع المعجزات والخوارق في أدنى درجات اهتماماتنا لتفسير الأمور.. ولكن هذا لا يعني أنها غير موجودة.. والله لم يضعها كآلية أساسية في الطبيعة والكون والحياة، ولكن هذا لا يمنع وجودها كاستثناءات في مسيرة الحياة..
القول بوجود قوانين طبيعية غير قابلة للخرق لا يعني بالضرورة أن احتمال المعجزات الخوارق والنبوات هو صفر.. وإنما يعني أن احتمالها في أدنى الدرجات باعتبارها استثناءً.