وحدة الخلق والأممية في الأحياء


الخميس/ديسمبر/2019
   

سلوك اللافقاريات تحت الظروف الصعبة

أحمد عوض عبد الهادي

 مدرس مساعد بقسم الجيولوجيا كلية العلوم جامعة المنيا – مصر

 قدم الشيخ الأزهري الطنطاوي الجوهري سنة 1940م في كتابه “الجواهر في تفسير القرآن الكريم” أول شرح للأعجاز العلمي في القرآن الكريم،حيث يقوم الكتاب على فكرة رئيسية محددة وواضحة مفادها أن القرآن هو المصدر الأول لمختلف العلوم، ويؤكد الجوهري أن هذا هو جانب الإعجاز في القرآن، بل ويرفض أن يظل إعجاز القرآن مقتصراً على الناحية البلاغية. فالواقع أن دعوى الإعجاز العلمي لآيات القرآن مسألة قديمة؛ فبعض علماء الإسلام عرفوا كروية الأرض كابن حزم (ت 456 هـ) وأبي حامد الغزالي (ت 505هـ) وابن طفيل أبي الوفاء (ت 513هـ) ومن أتى بعدهم كالرازي وابن تيمية وابن القيم وابن كثير وغيرهم، ففي فصل اسمه “مطلب بيان كروية الأرض” من كتاب (الفصل في الملل والأهواء والنحل) يقول ابن حزم “وذلك أنهم قالوا إن البراهين قد صحت بأن الأرض كروية والعامة تقول غير ذلك وجوابنا وبالله تعالى التوفيق إن أحدا من أئمة المسلمين المستحقين لاسم الإمامة بالعلم رضي الله عنهم لم ينكروا تكوير الأرض” ويقول في موضع آخر منه “وقد نص تعالى في غير موضع من كتابه على أصول البراهين وقد نبهنا عليها في غير ما موضع من كتابنا هذا وحض تعالى على التفكر في خلق السموات والأرض”.

وحدة الخلق والأممية في الأحياء

العصافير هي أمة من الأمم مثل البشر

 إنها العبقرية وسعة الأفق عند كثير من علماء المسلمين الذين لم يتحرجوا من تبني أفكار علمية بدت شاذة في زمانهم ولم يُكفَّروا أو يُضطهدوا، بل كان واضحا أنهم وعوا أساسها العلمي ما يدل على عدم تناقض الدين مع العلم في زمانهم كما يدعي البعض، فقد كان ديدن كثير من علماء الدين الأوائل التواصل مع العلوم عندما كانت في مهدها والدليل أنه كان بإمكانهم التسليم مثلا بفكرة انبساط الأرض التي راجت قبلهم وبعدهم لكنهم اقتنعوا بكروية الأرض بدلائل عقلية وعوها تماماً ولم يجدوا فيها تناقضا مع القرآن، وهم الأعلم به رغم أن ثبوت ذلك قطعياً لم يحصل إلا بعد العام 1519م.

كذلك يعرض شيخ السلفية ابن القيم (ت 751هـ)، مستشهداً بكلام أهل الهيئة (الفلك)، لشرح علمي مسهب للكسوف الشمسي والقمري على امتداد خمس صفحات من كتابه (مفتاح دار السعادة). لكن علماء التفسير ليسوا في هذا الأمر سواء فبعضهم أخذ بظاهر القرآن، فيـقول القرطبي (671 هـ) في معرض تفسيره لآية (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وجَعلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا) الرعد: 3 فِي هَذه الآيَة ردّ عَلَى مَن زعم أَنَّ الأرض كالكرَة” ثم يقول “وَاَلذي عليه المسلِمون وأَهل الكتاب القَول بوقوف الأرض وَسكونهَا ومَدّها، وَأَنّ حركتهَا إنما تكون فِي العادة بزلزلة تصِيبهَا”.

 ويقول ابن عطية (ت 546 هـ) في تفسيره: “(مد الأرض) يقتضي أنها بسيطة لا كرة – وهذا هو ظاهر الشريعة. أن وحدة الخلق حقيقة واضحة بين جميع الكائنات الحية على الأرض، فالله سبحانه وتعالى خلق الجميع مشتركا في وحدة البنية والتركيب ووحدة وظائف كيمياء الخلية أصلهم جميعاً من تراب، ومع هذا التطابق والتشابه فقد انفرد كل منا في تفاعله الخاص مع نفسه ومع البيئة المحيطة، وهذا ما جعل داروين يضع نظريته في التطور مخدوعا بالشبة الرائع الذي يجمع الكائنات الحي، وإنما كان هذا التشابه مع التنوع دليلا لعظمة الخالق الواحد الأحد. يقول الأستاذ محمد معافى في مقاله الأممية في الحيوانات – أمم أمثالكم، القرآن يدعوا إلى التفكر والتدبر في الخلق والمخلوقات يقول تعالى : (أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُون) وقال تعالى (قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ) يونس:101.

ويقول تعالى (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُون) الأنعام:38، قال الرازي في لسان الميزان معنى الأمة أي الجيل والجنس من كل حي وقال الأصفهاني في كتابه مفردات ألفاظ القرءان “والأمة كل جماعة يجمعهم أمر ما إما دين واحد أو زمان واحد أو مكان واحد سواء كان الأمر الجامع تسخيرا أو اختيارا ومنه قوله تعالى (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم) أي كل نوع منها على طريقة قد سخره الله عليها وهي التي يضرب بها المثل فيقال مدخرة كالنمل ومعتمد على قوته كالعصفور والحمام وغير ذلك من الطبائع التي تخصص بها كل نوع.

ويقول الإمام القرطبي في كتابه الجامع لأحكام القرءان “إلا أمم أمثالكم” أي هم جماعات مثلكم في أن الله خلقهم وتكفل بأرزاقهم وعدل عليهم فلا ينبغي أن تظلموهم ولا تجاوزوا فيهم ما أمرتم به، وقال الزجاج “إلا أمم أمثالكم ” قال في الخلق والرزق والموت والبعث والاقتصاص وقال سفيان ابن عيينة أي ما من صنف من الدواب والطير إلا في الناس شبه منه فمنهم من يعدوا كالأسد ومنهم من يشره كالخنزير ومنهم من يعوى كالكلب ومنهم من يزهوا كالطاووس فهذا معنى المماثلة. ثم عقب الإمام القرطبي على هذه الأقوال ـ إلا أمم أمثالكم ـ في كونها مخلوقة دالة على الصانع محتاجة إليه مرزوقة من جهته كما أن رزقكم على الله “، وقال الإمام جلال الدين السيوطي في تفسيره الدر المنثور في التفسير بالمأثور “أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله عز وجل “إلا أمم أمثالكم “قال خلق مثلكم”.

وقال لإمام السيوطي في تفسير الجلالين “إلا أمم أمثالكم “ في تدبير خلقها ورزقها وأحوالهم”، وقال الإمام الطبري في هذه الآية في تفسيره جامع البيان عن تأويل القرءان “جعلها أجناسا مجنسة وأصنافا مصنفة تعرف كما تعرفون وتتصرف فيما سخرت له كما تتصرفون ومحفوظ عليها ما عملت من عمل لها وعليها ومثبت كل ذلك من أعمالها في أم الكتاب “وقال الإمام الشوكاني أنه تحل المماثلة على كل ما يمكن وجود شبه فيه كائنا ما كان، ولذا فنحن في هذا المقال بصدد الحديث عن التشابه في السلوك عن التعرض للأزمات بين البشر وبعض الكائنات الحية الأخرى مثال اللافقاريات.

إن علم الأحافير يختص بدراسة بقايا الكائنات الحية وآثارها أيا كانت بغرض التعرف على معيشتها وبيئتها وتأثر البيئة على بنيتها وعلى سلوكها ومقدار مقاومتها للتغييرات البيئية من وقت لآخر. فعالم الجيولوجيا كرجل المباحث الذي يبحث في ملابسات الجرائم أو الحوادث (الحوادث هنا هي طبيعة الموت والقاتل أو المفترس ومكان الدفن وأداة القتل… الخ) ولهذه الدراسات أهمية قصوى في معرفة المخاطر المحدقة بالكائنات الحية وسبل الحفاظ على الأجناس الحالية بما فيها نحن البشر، فالكائن دليل على المكان، فبدون أن نعرف ما أهلك من قبلنا فلا سبيا لنجاتنا ونجاة من بعدنا، يقول تعالى (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ) يوسف:109، ويقول أيضاً (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) الحج :46.

 إذا سألتك ما يفعل الناس عندما تضيق بهم الظروف، فماذا تجيب؟ إن كل واحد منا له قدرة مختلفة على تحمل الظروف الصعبة فمنّا من يستطيع أن يعيش في أسوء الظروف ومنّا من يفعل هذا على مضض فيتقشف أو يحرم نفسه من أشياءٍ كان يفعلها في الرخاء، المهم أنه لا يترك مكانه. شخص آخر تضيق به الدنيا فيرتحل إلي أرضا جديدة عسي أن يجد فيها ما يريد أو أن ظروفها تناسبه أكث، والبعض الآخر على النقيض فلا يستطيع تغيير مكانه ولا يستطيع حتى مجاراة الظروف الجديدة علية والتي يستحيل عليه تحملها فيبقي مكانه حتى يهلك وهذا هو حال بني البشر، فتري ما حال من هم من غير جنس البشر؟

لقد استخدمت الدراسات المفصّلة على مائة وأثنين وسبعين نوعِا لافقاريا مِنْ شمال الصحراء شرقية بمصر في عصر الطباشيري العلوي لاستنتاج تأثير الظروف البيئية الصعبة على توزيعِ الكائنات الحية واستجابة هذه الكائنات لهذه الظروف. وتَكشف هذه التحليلاتِ بَعْض السماتِ لمنطقة الدراسة حيث تميزت بوضوح الظروف المناخية الصعبة والتي كانت سائدة عالميا في هذا الزمن مثل ارتفاع درجةَ الحرارة ومستوى البحر (200 متر فوق المستوي الحالي) ونسبة الأوكسجينِ المنخفضةِ وتذبذب المواد المغذّيةِ والنشاط الذائد للافتراق القاريِ على نحو إضافي.

ويمكن تلخيص تأثر اللافقاريات بثلاثة طرق مختلفة كالتالي:

 1. التكيّفَ: كائنات غير متأثّرةَ عملياً أَو متأثّرةَ قليلاً بهذه الأحداث كالأمونيتات الرأسقدمية.

 2. الهجرةِ: كائنات غير متأثّرةَ بشده بهذه الأحداث، وهي غير قادرة تماما على تَحَمُّل الاختلافات العريضةِ في الظروف البيئية فتهاجر إلي بيئة أكثر تلاءما معها كمحارِ الأويستر.

 3. الانقراض: اختفاء الأنواع ذات الحسّاسيةَ العاليةَ للتغييراتِ البيئيّةِ مثل بعض أنواع البطنقدميات (القواقع) وثنائية المصراع.

 عموما فإنه في حالة التغير الشديد في الظروف البيئية واستمراره سيؤدي حتما في النهاية إلي انقراض جميع الكائنات الحية، إذ إن لكل كائن حد أقصي من القدرة على مقاومة التغييرات البيئية الصعبة، وعندما يصل إلي نقطة معينة عندها لا يستطيع بشتى الطرق من تكيف وهجرة فإنّه حتماً يموت (ظاهرة الانقراض).

التكيّف أو التطور هي كائنات غير متأثّرةَ عملياً أَو متأثّرةَ قليلاً بهذه الأحداث، وهي قادرة على تَحَمُّل الاختلافات العريضةِ في البيئيةِ أو على الأقل يستطيع البعض أن يتكيّف ولكن بشكل غير مستقر، كالتقزّم كما في نوع Hemiaster herberti، وهو أحد أنواع الجلدشوكيات القنفذية الغير منتظمة وهذا النوع من التكيف يمثل تحدياً لظروف الأوكسجينِ المنخفضةِ.

 يمكن تلخيص النظريات الحديثة لتطور الأنواعِ إلي نموذجين رئيسيين للعمليةِ التطوّريةِ.

 النموذج الأول وهو التطور التدرّيجي وهو مبني على مفهومِ داروين للتطورِ العضويِ، وفيه يحْدث الَتغيّر بشكل تدريجي ردَّاً على ضغطِ التغيير البيئي الغير متوقع، وقد فشل السجلِ المتحجّرِ من الكشف عن هذه المراحل التدريجية أو ما يعرف بحلقات الوصل بين الكائنات المختلفة.

النموذج الآخر مبني على التغير الفجائي أو الطفرات وبالرغم من أنة يحل مشكلة حلقات الوصل بالنموذج الأول إلا أن عمليا كل الطفرات الجينية تؤدي إلي تشوه ليس تطور، ومن ثم فهي أيضاً قاصرة ولا يمكن القبول بها. يمكن الآن إن نقسم التطور إلي قسمين: التطور الكبير (من مجموعة إلي أخرى، على مستوي العائلات والرتب والطوائف) Macroevolution وهو ما نرفضه جملة وتفصيلا، وليس نرفضه تكابرا وتحدياً ولكن بالعقل وما ثبت بالأبحاث العلمية الحديثة.

 والنوع الثاني وهو والتطور البسيط (وهو عمليات التغير البسيطة أو التكيف داخل المجموعة الواحدة كالنوع أو الجنس) Microevolution وهذا ما يسمح به العقل والدين، لماذا؟ الله عز وجل يقول (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) طه:50، قال الضحاك عن ابن عباس: جعل الإنسان إنساناً، والحمار حماراً، والشاة شاة، وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد: أعطى كل شيء صورته. وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: سوى خلق كل دابة. وقال سعيد بن جبير في قوله: {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} قال: أعطى كل ذي خلق ما يصلحه من خلقه، ولم يجعل للإنسان من خلق الدابة، ولا الدابة من خلق الكلب، ولا للكلب من خلق الشاة، وأعطى كل شيء ما ينبغي له من النكاح، وهيأ كل شيء على ذلك، وقال بعض المفسرين: أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، كقوله تعالى: {الذي قدر فهدى} أي قدر قدراً وهدى الخلائق إليه، أي كتب الأعمال والآجال والأرزاق، ثم الخلائق ماشون على ذلك لا يحيدون عنه ولا يقدر أحد على الخروج منه، يقول ربنا مخبراً عن نفسه بأنه الذي خلق الخلق وقدر القدر وجبل الخليقة على ما أراد. فالثابت هنا أ أن كل مجموعة (نوع) تتزاوج فيما بينها هي خلق خاص لله عز وجل ونسلها منها، ولا يمكن أن تلد الناقة شاة ولا يستطيع الحمار أن يتطور ليكون جملا! والذي يصح هو أن يتغير لون جاد الثعلب مثلا أو تقصر قامة الجمل أو يزداد حجم الكلب تبعا لتغير المرعي والكلأ وحرارة الشمس وطول النهار وهذا هو التكيف أو التطور الذي نعيه جيداً.

والإنسان نفسه مر ببعض التكييف أو التغيير تبعاً للمكان الذي يعيش فيه، فأهل وسط وجنوب أفريقيا على سبيل المثال زو بشرة سوداء وأنف كبير وقلوب قوية وسكان جنوب شرق أسيا زو بشرة صفراء وقامة قصيرة وعيون ضيقة وهكذا وهذه التغييرات نشأت من تزاوج كل مجموعة من بعضها وبقائها في مكانها منعزلة، الأمر الذي لا يتيح فرصة لتبادل الجينات والأنساب، يقول تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات:13، فيقول تعالى مخبراً للناس أنه خلقهم من نفس واحدة وجعل منها زوجها، وهما آدم وحواء، وجعلهم شعوباً وهي أعم من القبائل، وبعد القبائل مراتب أخر كالفصائل والعشائر وغير ذلك، والمراد بالشعوب بطون العجم، وبالقبائل بطون العرب، كما أن الأسباط بطون بني إسرائيل، وقد لخصت هذه في مقدمة مفردة جمعتها من كتاب الإنباه لأبي عمر بن عبد البر، ومن كتاب (القصد والأمم في معرفة أنساب العرب والعجم) {وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا} أي ليحصل التعارف بينهم كل يرجع إلى قبيلته، وقال مجاهد في قوله عز وجل {لتعارفوا} كما يقال فلان بن فلان من كذا وكذا أي قبيلة كذا وكذا، فعظيم الفائدة في تبادل الأنساب لاستمرار البشرية، والذي نقبله ويقبله العقل ونراه يقيناً هو بعض التغييرات في شكل النوع، ولكن يظل الأسد أسداً فنقول أسداً كثيف الفراء وأسدا عريض الكتف وأسدا عظيم الناب وهكذا، ولكنا لن نصل إلي القول بأنه أسدا برجل كلب أو أسدا بأنياب فيل!!!

ويقول تعالى أيضاً (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ) السجدة:7،فالله يقول لنا أنه الذي أحسن خلق الأشياء وأتقنها وأحكمها. وقال مالك عن زيد بن أسلم {الذي أحسن كل شيء خلقه} قال: أحسن خلق كل شيء كأنه جعله من المقدم والمؤخر، ثم لما ذكر تعالى خلق السموات والأرض، شرع في ذكر خلق الإنسان، فقال تعالى {وبدأ خلق الإنسان من طين} يعني خلق أبا البشر آدم من طين {ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين} أي يتناسلون كذلك من نطفة من بين صلب الرجل وترائب المرأة {ثم سواه} يعني آدم لما خلقه من تراب، خلقاً سوياً مستقيماً “تفسير بن كثير”.

 الهجرة

 التوزيع الجغرافي للمحارِ أدّي إلى تَلخيص اتجاه هجرة بَدأْ مِنْ تكساس بأمريكا الشمالية نحو جنوب أوروبا خاصة حوض باريس ثمّ إلى شمال أفريقيا والشرق الأوسط وأخيراً إلى البرازيل وبيرو عبر بعض البحار والأفاريز القارية الضحلة والتي نشأت إبان هذا العصر،متَأثّراً بحركة أفريقيا وأمريكا الجنوبية نحو الشمالِ في بِداية العصر الطباشيريِ المتأخّر، الأمر الذي أدي إلي زيادة برودة الجو في بحار الشمال ومن ثم بحثت هذه الحيوانات عن المكان الأكثر دفئاً جنوبا، واستنادا على هذه النَتائِجِ فان أزمة البيئة لم تكن محليّا بل امتدت إلي المناطقِ المجاورةِ أيضاُ (فلسطين والأردن وسورياِ. وعموماً يمكن تلخيص اتجاه الهجرةِ التاليِ:

 1. تجمّعات المحارِ سادت في وقت سابق في حوض تكساس قبل 100 مليون سنة

 2. ثمّ انتشرت بعض لأنواع إلى جنوب أوروبا قبل 95 مليون سنة

 3. بدأ التواجد المشترك للمحار في الأجزاءِ الشماليةِ من أفريقيا (الجزائر وتونس ومصر) وجنوب أوروبا قبل 90 مليون سنه

 4. الأنواع التي مُيّزَت في وقت سابق في شمال أفريقيا وقبل ذلك في جنوبِ أوروبا، وجدت أخيرا في البرازيل وبيرو فبل 86 مليون سنة وقد أقترح اتجاه الهجرةِ المَذْكُور أعلاه استنادا إلي التواجد المؤكد في المناطقِ المختلفةِ.

خطوط هجرة محار الأويستر

الانقراض

 لقد حدث الانقراض الجماعي بشكل واضح لبعض الحيوانات التي ازدهرت في وقت سابق مما يعطي انطباعا على عدم قدرة هذه الأنواع على مسايرة التغييرات البيئية وعجزها عن اتخاذ أي طريقة تكيفيه كتحوّر بعض أجزاء الجسم، أو الهجرة إلي مكان آخر أكثر تلاءما، أو على الأقل ضعف الاستجابة، الأمر الذي أدي في النهاية إلي هذه الكارثة.

عموماً بعض اللافقاريات كَانتْ عملياً غير صامدة ضدّ الأحداث البيئية مثل محاريات الأويستر والجلدشوكيات الغير منتظمة والقواقع المآذنية، بينما البعض الآخر مثل الرأسقدميات الهائمة استطاعت التحمل والمثابرة في هذه الظروف السمية كما في الجدول التالي:

ويبين الشكل التالي أن قدرة الكائنات على تحمل البيئة الصعبة مختلفة من مجموعة إلي أخرى، فالرأسقدميات هي الأكثر قدرة على تحمل الظروف الصعبة ويرجع هذا إلي قدرتها السريعة على الحركة مقارنة بالمجموعات الأخرى إذ إنها تعيش حرة سابحة، كما نجد أن بعض مجموعات المحار القاع التي تدفن نفسها أيضا له قدرة جزئية حيث تستطيع الاختباء لحين تحسن الظروف، أما القواقع الكروية فهي تستطيع تحمل درجات الحرارة العالية كما أن لها القدرة على تحمل المد البحري، وعلى النقيض فالمجموعات الأخرى لأنها لا تستطيع الحركة سريعا أو الاختباء ف التربة أو مقاومة الظروف الأخرى فإنها تنقرض بشكل أسرع وأقوي.

استجابة اللافقاريات للظروف البيئية القاسية

 تري من علم هذه الأنواع أن تهاجر؟ ومن ألهمها إلي التخفي والاختباء؟ ومن هداها إلي معرفة ما ينفعها وما يضرها، على الرغم من أنها لا تعقل؟ فسبحن من خلق فسوي وقدر فهدي، الذي أعطي كل شئ خلقه ثم هدي. وهذه بعْض أنواعِ المحارِ المستخدمة في دراسة البيئة وهم كالتالي: Ceratstreon flabellatum, Gyrostrea delletrei, Exogyra olisiponensis, Rhynchostreon suborbiculatum, Exogyra plexa, IIymatogyra arietina, IIymatogyra Africana, Restellum suborbiculatum، Pycnodonte vesiculari.

يمكن إرسال ملاحظاتكم على الايميل التالي:

[email protected]

 المراجع

 تفسير ابن كثير

1. Abdelhady A. A., Elewa, A. M. T. (In press): Evolution of the Upper Cretaceous Oyster. A traditional morphometric approaches. In Elewa AMT (ed) Morphometrics. Springer-Verlag, Heidelberg, Germany.

 2. Abdelhady A. A., (2008) Cenomanian/Turonian Mass Extinction of Macroinvertebrates in the Context of Paleoecology; A case Study from North Wadi Qena, Eastern Desert, Egypt. In Elewa AMT (ed) Mass extinction – the danger around us. Springer-Verlag, Heidelberg, Germany. 103-127

. 3. Abdelhady A. A. (2007) Stratigraphical and Paleontological Studies on the Upper Cretaceous Strata, North Wadi Qena, Eastern Desert Egypt. M.Sc. Thesis, Minia University, 173 pp.

4. Ali M. S., Azab M. M., El-Dawy M. H., Abdelhady A. A. (2006): Biostratigraphical Zonation of the uppermost Albian-Santonian strata of North Wadi Qena Area, Eastern Desert, Egypt. 1st Intern. Conf. Role of Applied Geology in Environmental Development (RAGED), Helwan, Egypt Vol. (1).1-33.


الوسوم:

مقالات ذات صلة