مكة في سفر التكوين .. فصل الخطاب حول النبوة الخاتمة في الكتاب المقدس
الجمعة/أغسطس/2020
د.محمد سعد
باحث في تاريخ الحضارات والأديان
من الأمور التي يجزم بها الباحثون من أتباع الديانات السابقة هو عدم وجود أي ذكر لمكة في نصوص الكتاب المقدس.
ورد في سفر التكوين الإصحاح العاشر :
26 وَيَقْطَانُ وَلَدَ: أَلْمُودَادَ وَشَالَفَ وَحَضَرْمَوْتَ وَيَارَحَ 27 وَهَدُورَامَ وَأُوزَالَ وَدِقْلَةَ 28 وَعُوبَالَ وَأَبِيمَايِلَ وَشَبَا 29 وَأُوفِيرَ وَحَوِيلَةَ وَيُوبَابَ. جَمِيعُ هؤُلاَءِ بَنُو يَقْطَانَ. 30 وَكَانَ مَسْكَنُهُمْ مِنْ مِيشَا حِينَمَا تَجِيءُ نَحْوَ سَفَارَ جَبَلِ الْمَشْرِقِ.
كما نلاحظ فإن أغلب هذه الأسماء هي لأماكن عربية معروفة مثل حضرموت التي لا تزال تحتفظ بهذا الإسم إلى اليوم .. وكذلك شبا وهي نفسها سبأ المذكورة في القرآن الكريم ويقابلها اليمن حاليا .. وحويلة يتفق أغلب المؤرخون وقواميس الكتاب المقدس أنها منطقة شمال اليمن .. ويتفق المؤرخون كذلك أن يقطان المذكور هنا هو نفسه قحطان التي تنسب له العديد من القبائل العربية .. إذن لابد أن يكون سكن هؤلاء كما هو ظاهر من سياق النص هو الجزيرة العربية ، ولكن هل يوضح النص بدقة المنطقة التي سكنها أبناء يقطان أو قحطان ؟ يذكر النص في الفقرة 30 أن مسكنهم من ميشا حينما تجيء نحو سفار جبل المشرق إذن نفهم بوضوح أن الحد الغربي لمنطقة سكن أبناء يقطان هو ميشا وأن الحد الشرقي لها هو سَفار جبل المشرق .. وهذا ما يؤكده أيضا موقع أطلس الكتاب المقدس :
mesha’; Masse): This appears to mark the western boundary of the land occupied by the descendants of Joktan (No certain identification is possible, but several more or less probable have been suggested: e.g (a) The Greek Mesene, on the Persian Gulf, not far from the mouth of the Tigris and the Euphrates; (b) the Syro-Arabian desert, called Mashu in the Assyrian inscriptions; the name here, however, could hardly cover such a vast tract as this; more probably it denoted a place; (c) Dillmann would alter the vowels and identify it with Massa’, a branch of the Ishmaelite stock (Genesis 25:14 1 Chronicles 1:30). This, however, furnishes no clue to the locality, the territory of that tribe being also unidentified.
|
يقول أطلس الكتاب المقدس كما نرى أن ميشا يظهر أنها الحد الغربي للأرض التي سكنها اليقطانيون ويحدد عدة فرضيات لمكان ميشا تحديدا، الفرضية الأولى على الخليج الفارسي والفرضية الثانية صحراء بادية الشام والفرضية الثالثة أن ميشا هي نفسها ( مسَّا ) أحد أبناء إسماعيل عليه السلام لكنه يقول أن الإسم ( مسَّا ) هو مجرد إسم ولا يوضح مكان . بالطبع الفرضية الأولى والثانية يمكن استبعادهما بسهولة لأنها لأماكن تبعد عن المنطقة التي تضم حضرموت واليمن وحويلة وكذلك لأن سياق النص وما ذكره أطلس الكتاب المقدس يؤكد أن ميشا تمثل الحد الغربي للأرض التي سكنها اليقطانيون .
إذن أين تقع ميشا أو ( مشَّا ) كما كُتبت تحديدا في النص العبري الأصلي משא ؟
هل من الممكن أن تكون(مشَّا) هي نفسها (مكة) ؟
لكي نتعرف أكثر على أين تقع ( مشَّا ) لابد أن نفهم جيدا باقي حدود المنطقة التي سكنها اليقطانيون وفقا للنص. يخبر النص بوضوح أن الحد الشرقي للمنطقة التي سكنها اليقطانيون هي صَفار جبل المشرق.. فأين تقع صَفار ؟ يقول أطلس الكتاب المقدس :
two important towns in South Arabia bear this name. The one lies a little to the South of San`a’. According to tradition it was founded by Shammir, one of the Sabean kings, and for a long time served as the royal seat of the Tubbas. The other Zafar stands on the coast , East of Chadramaut. The latter is probably to be accepted as the Biblical site. |
كما نرى يخبرنا أطلس الكتاب المقدس أن صَفار هي نفسها ظفار بالعربية وأن هناك موقعان يحملان نفس الإسم أحدهما جنوب صنعاء والآخر شرق حضرموت ويُرجِّح أن يكون الموقع الصحيح شرق حضرموت (يقصد بالطبع ظفار العمانية) .
إذن يظهر لنا بوضوح أن أبناء يقطان وفقا لنص سفر التكوين وهو كما هو معلوم أقدم نص كتابي موجود قد سكنوا منطقة بالجزيرة العربية حدها الغربي ( مشَّا ) وحدها الشرقي عُمان
نستطيع إذن أن نرجح بشدة أن ( مشَّا ) التي وردت في سفر التكوين والتي تمثل الحد الغربي للأرض التي سكنها اليقطانيون أو القحطانيون هي نفسها مكة لأن ذلك متفق تماما مع التشابه اللفظي بين الكلمتين ومع جغرافيا المنطقة وسياق النص وتحليل موقع أطلس الكتاب المقدس ومع الأماكن والأسماء الواردة في النص وكذلك مع ما ذكره المؤرخون عن أماكن تواجد العرب القحطانيين . ونستطيع أيضا أن نرجح أن هذا الإسم يرجع إلى (مسَّا) أحد أبناء إسماعيل عليه السلام كما يخبرنا سفر التكوين :
12 وَهذِهِ مَوَالِيدُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، الَّذِي وَلَدَتْهُ هَاجَرُ الْمِصْرِيَّةُ جَارِيَةُ سَارَةَ لإِبْرَاهِيمَ. 13 وَهذِهِ أَسْمَاءُ بَنِي إِسْمَاعِيلَ بِأَسْمَائِهِمْ حَسَبَ مَوَالِيدِهِمْ: نَبَايُوتُ بِكْرُ إِسْمَاعِيلَ، وَقِيدَارُ، وَأَدَبْئِيلُ وَمِبْسَامُ 14 وَمِشْمَاعُ وَدُومَةُ وَ* مَسَّا * 15 وَحَدَارُ وَتَيْمَا وَيَطُورُ وَنَافِيشُ وَقِدْمَةُ. 16 هؤُلاَءِ هُمْ بَنُو إِسْمَاعِيلَ، وَهذِهِ أَسْمَاؤُهُمْ بِدِيَارِهِمْ وَحُصُونِهِمْ. اثْنَا عَشَرَ رَئِيسًا حَسَبَ قَبَائِلِهِمْ.
كما نلاحظ فإن النص يبين أن أسماء الأماكن التي عاش فيها بنو إسماعيل قد تسمت بأسمائهم (وهذه أسماؤهم بديارهم وحصونهم) . وبالفعل بعض هذه الأماكن معروف مثل نابت أبو الأنباط الذين كونوا مملكة قوية في شمال غرب الجزيرة العربية وقيدار يقول عنه قاموس الكتاب المقدس أنه جد لأشهر القبائل العربية وأنه يأتي في الكتاب المقدس للتعبير عن العرب عموما، ودومة يقصد به دومة الجندل شمال شرق الجزيرة العربية.. وتيما هو ما تسمت بإسمه مدينة تيماء ولا زالت تحتفظ بهذا الإسم إلى الآن وتقع بين تبوك وبين المدينة المنورة .
كما نرى فإن ما يُعرف من أماكن سكن أبناء إسماعيل عليه السلام هي كلها أماكن بالجزيرة العربية وليست في فلسطين أو سيناء كما يزعم البعض.
إلا أن باقي أبناء إسماعيل لم يذكر الكتاب المقدس مواطن سكن كل منهم بالتحديد ولكنه يذكر في العموم أن أبناء إسماعيل قد سكنوا في المنطقة الممتدة من حويلة إلى شور
18 وَسَكَنُوا مِنْ حَوِيلَةَ إِلَى شُورَ الَّتِي أَمَامَ مِصْرَ حِينَمَا تَجِيءُ نَحْوَ أَشُّورَ. أَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ نَزَلَ.
ويوضح في موضع آخر أن إسماعيل قد سكن في ما يعرف ببرية فاران
21 وَسَكَنَ فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ، وَأَخَذَتْ لَهُ أُمُّهُ زَوْجَةً مِنْ أَرْضِ مِصْرَ.
وحويلة كما يقول قاموس الكتاب المقدس : (مقاطعة في بلاد العرب, يسكن بعضها الكوشيون ويسكن البعض الآخر اليقطانيون وهم شعب سامي والصلة بين حويلة وحضرموت وأماكن أخرى تشير إلى موقع في وسط البلاد العربية أو جنوبها) .
إذن نستطيع أن نستنتج مما سبق أن هذه الأماكن تقع داخل نطاق الجزيرة العربية ولكن لا يزال الخلاف قائما حول شور وفاران لأن نصوص الكتاب المقدس تذكر أنهما من الأماكن التي مر بها بنو إسرائيل أثناء خروجهم من مصر لفلسطين وبالتالي يقولون أنهما يقعان في شبه جزيرة سيناء .
لكي نفهم ذلك بوضوح يتعين علينا أن ندقق مرة أخرى في النصوص : 18 وَسَكَنُوا مِنْ حَوِيلَةَ إِلَى شُورَ الَّتِي أَمَامَ مِصْرَ حِينَمَا تَجِيءُ نَحْوَ أَشُّورَ. أَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ نَزَلَ. أشور لا خلاف على أنها مملكة أشور التي يمثلها حاليا العراق وهذا مما لا خلاف عليه إذن لكي يستقيم النص بأن شور تقع أمام مصر حينما تجيء نحو أشور لابد إذن أن تكون شرق خليج العقبة في شمال الجزيرة العربية وليس في شبه جزيرة سيناء
ومما يؤكد أيضا أن برية فاران تقع داخل نطاق الجزيرة العربية وليس في شبه جزيرة سيناء هو ما ذكره اثنان من أقدم مؤرخي الكتاب المقدس وهما يوزيبيوس وجيروم
Both Eusebius (in his Onomasticon, a Bible dictionary) and Jerome reported that Paran was a city in Paran desert, in Arabia Deserta (beyond Arabia Nabataea), southeast of Eilat Pharan. Onomasticon, under Pharan, states: “(Now) a city beyond Arabia adjoining the desert of the Saracens [who wander in the desert] through which the children of Israel went moving (camp) from Sinai. Located (we say) beyond Arabia on the south, three days journey to the east of Aila (in the desert Pharan) where Scripture affirms Ismael dwelled, whence the Ishmaelites. |
هكذا بكل وضوح يتفق إثنان من أقدم مؤرخي الكتاب المقدس أن فاران التي مر بها بنو إسرائيل بعد خروجهم من مصر هي منطقة بصحراء فاران بالصحراء العربية وهي البرية التي سكنها إسماعيل حسب الكتاب المقدس
وإذا كان موضع فاران يوجد على مسيرة ثلاثة أيام من شرق أيلة إلى الجنوب فإنها قطعا داخل الصحراء العربية أو منطقة الحجاز التي تبدأ من خليج العقبة شمالا إلى مرتفعات عسير جنوبا
خريطة قديمة تبين موقع الحجاز كما نرى من بداية خليج العقبة شمالا إلى مرتفعات عسير جنوبا
وهذا ما يذكره بعض مواقع الكتاب المقدس أن فاران بالجزيرة العربية تبدأ من شمال شرق العقبة وتمتد إلى الجنوب بالجزيرة العربية
www.bible.ca
ولذلك أيضا نجد خريطة قديمة رسمها جغرافي فرنسي في عهد لويس الرابع عشر تضع فاران على المنطقة الجبلية شرق خليج العقبة
وكذلك قاموس سترونجس العبري يؤكد أن فاران صحراء عربية
Strong’s Hebrew Lexicon 364 ‘Eyl Pa’ran ale paw-rawn’ from 352 and 6290; oak of Paran; El- Paran, a portion of the district of Paran:–El-paran. 6290 Pa’ran paw-rawn’ from 6286; ornamental; Paran, a desert of Arabia:–Paran |
ولكن هل ورد في الكتاب المقدس ما يشير إلى خروج نبي من هذه الأرض التي سكنها إسماعيل وأبناؤه ؟
بكل وضوح نجد نصا في سفر حبقوق الإصحاح الثالث يتكلم عن نبي عظيم تمتليء الأرض من هدايته وتسبيحه وينصره الله على كل أعدائه .
1 صَلاَةٌ لِحَبَقُّوقَ النَّبِيِّ عَلَى الشَّجَوِيَّةِ 2 يَا رَبُّ، قَدْ سَمِعْتُ خَبَرَكَ فَجَزِعْتُ. يَا رَبُّ، عَمَلَكَ فِي وَسَطِ السِّنِينَ أَحْيِهِ. فِي وَسَطِ السِّنِينَ عَرِّفْ. فِي الْغَضَبِ اذْكُرِ الرَّحْمَةَ. 3 اَللهُ جَاءَ مِنْ تِيمَانَ، وَالْقُدُّوسُ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ. سِلاَهْ. جَلاَلُهُ غَطَّى السَّمَاوَاتِ، وَالأَرْضُ امْتَلأَتْ مِنْ تَسْبِيحِهِ. 4 وَكَانَ لَمَعَانٌ كَالنُّورِ. لَهُ مِنْ يَدِهِ شُعَاعٌ، وَهُنَاكَ اسْتِتَارُ قُدْرَتِهِ.(بيده قوة عظيمة في نسخة الملك جيمس) 5 قُدَّامَهُ ذَهَبَ الْوَبَأُ، وَعِنْدَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتِ الْحُمَّى. 6 وَقَفَ وَقَاسَ الأَرْضَ. نَظَرَ فَرَجَفَ الأُمَمُ وَدُكَّتِ الْجِبَالُ الدَّهْرِيَّةُ وَخَسَفَتْ آكَامُ الْقِدَمِ. مَسَالِكُ الأَزَلِ لَهُ. 7 رَأَيْتُ خِيَامَ كُوشَانَ تَحْتَ بَلِيَّةٍ. رَجَفَتْ شُقَقُ أَرْضِ مِدْيَانَ.
(يقول قاموس الكتاب المقدس أن كوش تطلق في الكتاب المقدس على أثيوبيا والنوبة وأيضا على جنوب الجزيرة العربية ويبين أن المقصود بها هنا هو قبائل كوش بجنوب الجزيرة العربية .. ومديان في شمال الجزيرة العربية كما هو معروف.. والفقرة كما نلاحظ تشير لشمال وجنوب الجزيرة العربية) 8 هَلْ عَلَى الأَنْهَارِ حَمِيَ يَا رَبُّ؟ هَلْ عَلَى الأَنْهَارِ غَضَبُكَ؟ أَوْ عَلَى الْبَحْرِ سَخَطُكَ حَتَّى إِنَّكَ رَكِبْتَ خَيْلَكَ، مَرْكَبَاتِكَ مَرْكَبَاتِ الْخَلاَصِ؟ 9 عُرِّيَتْ قَوْسُكَ تَعْرِيَةً. سُبَاعِيَّاتُ سِهَامٍ كَلِمَتُكَ. سِلاَهْ. شَقَّقْتَ الأَرْضَ أَنْهَارًا. 10 أَبْصَرَتْكَ فَفَزِعَتِ الْجِبَالُ. سَيْلُ الْمِيَاهِ طَمَا. أَعْطَتِ اللُّجَّةُ صَوْتَهَا. رَفَعَتْ يَدَيْهَا إِلَى الْعَلاَءِ. 11 اَلشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَقَفَا فِي بُرُوجِهِمَا لِنُورِ سِهَامِكَ الطَّائِرَةِ، لِلَمَعَانِ بَرْقِ مَجْدِكَ(لنور برق رماحك في نسخة الملك جيمس) . 12 بِغَضَبٍ خَطَرْتَ فِي الأَرْضِ، بِسَخَطٍ دُسْتَ الأُمَمَ. 13 خَرَجْتَ لِخَلاَصِ شَعْبِكَ، لِخَلاَصِ مَسِيحِكَ(مسيح تطلق على كل الأنبياء في الكتاب المقدس مثل الصانع رحمة لمسيحه داود يقول الرب لمسيحه كورش لا تمسوا مسحائي ولا تسيئوا إلى أنبيائي) .
سَحَقْتَ رَأْسَ بَيْتِ الشِّرِّيرِ مُعَرِّيًا الأَسَاسَ حَتَّى الْعُنُقِ. سِلاَهْ. 14 ثَقَبْتَ بِسِهَامِهِ رَأْسَ قَبَائِلِهِ. عَصَفُوا لِتَشْتِيتِي. ابْتِهَاجُهُمْ كَمَا لأَكْلِ الْمِسْكِينِ فِي الْخُفْيَةِ. 15 سَلَكْتَ الْبَحْرَ بِخَيْلِكَ، كُوَمَ الْمِيَاهِ الْكَثِيرَةِ.(عبر ستون ألفا من جيش المسلمين نهر دجلة بخيولهم في فتوحات فارس وهذا من الأخبار الصحيحة الثابتة) 16 سَمِعْتُ فَارْتَعَدَتْ أَحْشَائِي. مِنَ الصَّوْتِ رَجَفَتْ شَفَتَايَ. دَخَلَ النَّخْرُ فِي عِظَامِي، وَارْتَعَدْتُ فِي مَكَانِي لأَسْتَرِيحَ فِي يَوْمِ الضِّيقِ، عِنْدَ صُعُودِ الشَّعْبِ الَّذِي يَزْحَمُنَا.(عندما يأتي إلى الناس سوف يغزوهم بكتائب جيشه في نسخة الملك جيمس)
كما نرى فإن النص يتحدث عن جزع النبي حبقوق عندما أتاه الخبر أن الله جاء من تيمان والقدوس من جبال فاران وهو إشارة واضحة لنبوة تخرج من الجنوب لأن تيمان تعني الجنوب وهذا مما لا خلاف عليه وأن هذا النبي العظيم الذي يصفه بالقدوس يخرج تحديدا من فاران ولفظ القدوس لبيان مدى المكانة العظيمة وهذا من المألوف في الكتاب المقدس مثل ما ورد في سفر المزامير 106 : 16 (هارون قدوس الرب) وسفر الخروج 7 : 1 (فقال الرب لموسى أنظر أنا جعلتك إلها لفرعون)
يحاول البعض أن ينفي أن هذا النص يتحدث عن نبوءة وأنه يشير إلى تجليات الله لبني إسرائيل في رحلة الخروج من مصر وهذا تفسير يتنافى تماما مع أي تفكير علمي وموضوعي لأن النص يتكلم بوضوح عن الله وعن شخص له مكانة عظيمة (الله جاء من تيمان والقدوس من جبال فاران) لذلك نجد بعض الترجمات تكتبها هكذا : Daury Remis bible : God will come from the south and the holy one from mountain pharan (الله سوف يأتي من الجنوب والقدوس من جبال فاران)
وفي النص من أوله لآخره يتكلم النبي حبقوق مع الله بصيغة المخاطَب (يا رب سمعت خبرك يا رب عملك في وسط السنين أحيِه ….) وعن ذلك النبي بصيغة الغائب (جلاله غطى السماوات والأرض امتلأت من تسبيحه وقف وقاس الأرض …. ) وأحيانا يتكلم مع الله بصيغة المخاطَب وعن ذلك النبي بصيغة الغائب في نفس الفقرة (ثقبت بسهامه رأس قبائله) إذن لا مجال لإنكار أن هذا النص يتحدث عن نبوءة واضحة ومؤكدة لنبي عظيم تخرج رسالته من الجنوب تحديدا من فاران التي سكنها إسماعيل عليه السلام ويصف النص صفات ذلك النبي الروحية (جلاله غطى السماوات والأرض امتلأت من تسبيحه) ويصف ما حدث من نصر الله لهذا النبي على أعدائه والحديث عن الحرب والغزو والرماح والسهام والانتصار على الشعوب والغضب الإلهي الذي جازى به الله الشعوب التي سارت في طرق الشرك والإثم (بغضب خطرت في الأرض بسخط دست الأمم) إن نصا كهذا لا يمكن أن ينكره باحث يتحرى الدقة والموضوعية والمنهج العلمي والوصول للحق بعيدا عن الأهواء والتعصب والتمسك بالباطل
من النصوص العظيمة التي تتحدث أيضا عن نبي عظيم تخرج دعوته من الجزيرة العربية ويصف بدقة ووضوح صفات ذلك النبي وخصائص رسالته وأحوال القوم الذين بعث فيهم ووسائل انتشار دعوته هو نص اشعياء الاصحاح 42 :
1 «هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ. 2 لاَ يَصِيحُ وَلاَ يَرْفَعُ وَلاَ يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ. 3 قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً خَامِدَةً لاَ يُطْفِئُ. إِلَى الأَمَانِ يُخْرِجُ الْحَقَّ. 4 لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَنْكَسِرُ حَتَّى يَضَعَ الْحَقَّ فِي الأَرْضِ، وَتَنْتَظِرُ الْجَزَائِرُ شَرِيعَتَهُ». 5 هكَذَا يَقُولُ اللهُ الرَّبُّ، خَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَنَاشِرُهَا، بَاسِطُ الأَرْضِ وَنَتَائِجِهَا، مُعْطِي الشَّعْبِ عَلَيْهَا نَسَمَةً، وَالسَّاكِنِينَ فِيهَا رُوحًا: 6 «أَنَا الرَّبَّ قَدْ دَعَوْتُكَ بِالْبِرِّ، فَأُمْسِكُ بِيَدِكَ وَأَحْفَظُكَ وَأَجْعَلُكَ عَهْدًا لِلشَّعْبِ وَنُورًا لِلأُمَمِ، 7 لِتَفْتَحَ عُيُونَ الْعُمْيِ، لِتُخْرِجَ مِنَ الْحَبْسِ الْمَأْسُورِينَ، مِنْ بَيْتِ السِّجْنِ الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ. 8 «أَنَا الرَّبُّ هذَا اسْمِي، وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لآخَرَ، وَلاَ تَسْبِيحِي لِلْمَنْحُوتَاتِ. 9 هُوَذَا الأَوَّلِيَّاتُ قَدْ أَتَتْ، وَالْحَدِيثَاتُ أَنَا مُخْبِرٌ بِهَا. قَبْلَ أَنْ تَنْبُتَ أُعْلِمُكُمْ بِهَا».
10 غَنُّوا لِلرَّبِّ أُغْنِيَةً جَدِيدَةً، تَسْبِيحَهُ مِنْ أَقْصَى الأَرْضِ. أَيُّهَا الْمُنْحَدِرُونَ فِي الْبَحْرِ وَمِلْؤُهُ وَالْجَزَائِرُ وَسُكَّانُهَا، 11 لِتَرْفَعِ الْبَرِّيَّةُ وَمُدُنُهَا صَوْتَهَا، الدِّيَارُ الَّتِي سَكَنَهَا قِيدَارُ. لِتَتَرَنَّمْ سُكَّانُ سَالِعَ. مِنْ رُؤُوسِ الْجِبَالِ لِيَهْتِفُوا. 12 لِيُعْطُوا الرَّبَّ مَجْدًا وَيُخْبِرُوا بِتَسْبِيحِهِ فِي الْجَزَائِرِ. 13 الرَّبُّ كَالْجَبَّارِ يَخْرُجُ. كَرَجُلِ حُرُوبٍ يُنْهِضُ غَيْرَتَهُ. يَهْتِفُ وَيَصْرُخُ وَيَقْوَى عَلَى أَعْدَائِهِ. 14 «قَدْ صَمَتُّ مُنْذُ الدَّهْرِ. سَكَتُّ. تَجَلَّدْتُ. كَالْوَالِدَةِ أَصِيحُ. أَنْفُخُ وَأَنَخُرُ مَعًا. 15 أَخْرِبُ الْجِبَالَ وَالآكَامَ وَأُجَفِّفُ كُلَّ عُشْبِهَا، وَأَجْعَلُ الأَنْهَارَ يَبَسًا وَأُنَشِّفُ الآجَامَ، 16 وَأُسَيِّرُ الْعُمْيَ فِي طَرِيق لَمْ يَعْرِفُوهَا. فِي مَسَالِكَ لَمْ يَدْرُوهَا أُمَشِّيهِمْ. أَجْعَلُ الظُّلْمَةَ أَمَامَهُمْ نُورًا، وَالْمُعْوَجَّاتِ مُسْتَقِيمَةً. هذِهِ الأُمُورُ أَفْعَلُهَا وَلاَ أَتْرُكُهُمْ. 17 قَدِ ارْتَدُّوا إِلَى الْوَرَاءِ. يَخْزَى خِزْيًا الْمُتَّكِلُونَ عَلَى الْمَنْحُوتَاتِ، الْقَائِلُونَ لِلْمَسْبُوكَاتِ: أَنْتُنَّ آلِهَتُنَا!
1 «هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ. 2 لاَ يَصِيحُ وَلاَ يَرْفَعُ وَلاَ يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ. 3 قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً خَامِدَةً لاَ يُطْفِئُ. إِلَى الأَمَانِ يُخْرِجُ الْحَقَّ. 4 لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَنْكَسِرُ حَتَّى يَضَعَ الْحَقَّ فِي الأَرْضِ، وَتَنْتَظِرُ الْجَزَائِرُ شَرِيعَتَهُ». 5 هكَذَا يَقُولُ اللهُ الرَّبُّ، خَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَنَاشِرُهَا، بَاسِطُ الأَرْضِ وَنَتَائِجِهَا، مُعْطِي الشَّعْبِ عَلَيْهَا نَسَمَةً، وَالسَّاكِنِينَ فِيهَا رُوحًا: 6 «أَنَا الرَّبَّ قَدْ دَعَوْتُكَ بِالْبِرِّ، فَأُمْسِكُ بِيَدِكَ وَأَحْفَظُكَ وَأَجْعَلُكَ عَهْدًا لِلشَّعْبِ وَنُورًا لِلأُمَمِ، 7 لِتَفْتَحَ عُيُونَ الْعُمْيِ، لِتُخْرِجَ مِنَ الْحَبْسِ الْمَأْسُورِينَ، مِنْ بَيْتِ السِّجْنِ الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ. 8 «أَنَا الرَّبُّ هذَا اسْمِي، وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لآخَرَ، وَلاَ تَسْبِيحِي لِلْمَنْحُوتَاتِ.
يبدأ النص بالحديث عن عبد الله ومختاره الذي يخرج الحق للأمم والأمم هنا ترجمة لكلمة gentiles وفي النص العبري جوييم גוים ويقصد بها الأمم الغير كتابية وهو ما ذكره القرآن الكريم عن صفة النبي صلى الله عليه وسلم في الكتب السابقة نبي الأميين ويُقصد بالأميين أو الأمميين الأمم الغير كتابية لذلك يقول الله تعالى في القرآن الكريم (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم) ويقول في موضع آخر (وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم؟ ؟) وفي موضع آخر يتكلم عن اليهود (ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل) فالقرآن كما نرى يقسم الناس وقت نزول القرآن إلى قسمين أهل كتاب وأميين وهم الذين بعث منهم وفيهم النبي صلى الله عليه وسلم.. ومعنى وضعت روحي عليه أي روح الوحي والتأييد من الله وذلك مثل ما ورد في الكتاب المقدس : وكان روح الله مع عزريا بن عوديد .. يا ليت كل شعب الرب كانوا أنبياء إذا وضع الله روحه عليهم .. وفي القرآن الكريم : قل نزله روح القدس من ربك بالحق .. ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده .. رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده .. وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان .. ثم تحدث النص عن أخلاق ذلك النبي وعن أنه لا يرفع صوته في الأسواق وعن رحمته بالضعيف (لا يصيح ولا يسمع في الشارع صوته قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خادمة لا يطفيء) وهذه صفات النبي صلى الله عليه وسلم التي وردت في كتب الحديث والسيرة أنه لم يكن فظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق وكان يحمل الكل والضعيف وينصف المظلوم) .. ثم تحدث النص عن العمل والسعي والإصرار والجهد العظيم الذي بذله ذلك النبي في نشر الحق واستقراره في الأرض (لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض وتنتظر الجزائر شريعته) والجزائر جمع جزيرة ويقول قاموس الكتاب المقدس أنها تعني الأماكن المطلة على بحار وأنها تطلق عموما على القرى والبلدان .. ثم تحدث الله عن حفظه وتأييده لذلك النبي حتى يخرج الناس من الظلمات إلى النور لأن الله لا يقبل أن يُشْرَك معه شخص أو أصنام منحوتة (هكذا يقول الله الرب … قد دعوتك بالبر فأمسك بيدك وأحفظك … لتخرج من الحبس الجالسين في الظلمة .. أنا الرب هذا اسمي ومجدي لا أعطيه لآخر ولا تسبيحي للمنحوتات)
9 هُوَذَا الأَوَّلِيَّاتُ قَدْ أَتَتْ، وَالْحَدِيثَاتُ أَنَا مُخْبِرٌ بِهَا. قَبْلَ أَنْ تَنْبُتَ أُعْلِمُكُمْ بِهَا». 10 غَنُّوا لِلرَّبِّ أُغْنِيَةً جَدِيدَةً، تَسْبِيحَهُ مِنْ أَقْصَى الأَرْضِ. أَيُّهَا الْمُنْحَدِرُونَ فِي الْبَحْرِ وَمِلْؤُهُ وَالْجَزَائِرُ وَسُكَّانُهَا، 11 لِتَرْفَعِ الْبَرِّيَّةُ وَمُدُنُهَا صَوْتَهَا، الدِّيَارُ الَّتِي سَكَنَهَا قِيدَارُ. لِتَتَرَنَّمْ سُكَّانُ سَالِعَ. مِنْ رُؤُوسِ الْجِبَالِ لِيَهْتِفُوا. 12 لِيُعْطُوا الرَّبَّ مَجْدًا وَيُخْبِرُوا بِتَسْبِيحِهِ فِي الْجَزَائِرِ. 13 الرَّبُّ كَالْجَبَّارِ يَخْرُجُ. كَرَجُلِ حُرُوبٍ يُنْهِضُ غَيْرَتَهُ. يَهْتِفُ وَيَصْرُخُ وَيَقْوَى عَلَى أَعْدَائِهِ. 14 «قَدْ صَمَتُّ مُنْذُ الدَّهْرِ. سَكَتُّ. تَجَلَّدْتُ. كَالْوَالِدَةِ أَصِيحُ. أَنْفُخُ وَأَنَخُرُ مَعًا. 15 أَخْرِبُ الْجِبَالَ وَالآكَامَ وَأُجَفِّفُ كُلَّ عُشْبِهَا، وَأَجْعَلُ الأَنْهَارَ يَبَسًا وَأُنَشِّفُ الآجَامَ، 16 وَأُسَيِّرُ الْعُمْيَ فِي طَرِيق لَمْ يَعْرِفُوهَا. فِي مَسَالِكَ لَمْ يَدْرُوهَا أُمَشِّيهِمْ. أَجْعَلُ الظُّلْمَةَ أَمَامَهُمْ نُورًا، وَالْمُعْوَجَّاتِ مُسْتَقِيمَةً. هذِهِ الأُمُورُ أَفْعَلُهَا وَلاَ أَتْرُكُهُمْ.
ثم بين النص أن الله يحدثنا عن أمر عظيم سيحدث في المستقبل (الأوليات قد أتت والحديثات أنا مخبر بها قبل أن تنبت أعلمكم بها) ثم تكلم عن مكان خروج تلك الرسالة(تسبيحة من أقصى الأرض) كما نلاحظ يخبر النص أنها من أقصى الأرض ولم يقل في أقصى الأرض أو إلى أقصى الأرض ولكن حدد أنها من أقصى الأرض.. ولأن هذا النص قد نزل على أحد أنبياء بني إسرائيل فإن أقصى الأرض يقصد به الجزيرة العربية لأن جزيرة العرب بالنسبة لفلسطين تعتبر أقصى الأرض وكذلك فلسطين بالنسبة لجزيرة العرب تعتبر أقصى الأرض ولذلك يطلق العرب على مسجد القدس في فلسطين المسجد الأقصى وفي القرآن (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله) والمسيح عليه السلام أطلق على جنوب الجزيرة العربية في الإنجيل أقصى الأرض وذلك عندما تحدث عن ملكة سبأ (ملكة التيمن أتت من أقصى الأرض لتسمع حكمة سليمان) وخطاب النص (أيها المنحدرون في البحر وملئه والجزائر وسكانها) موافق تماما لوصف منطقة الحجاز التي تحاذي البحر الأحمر والتي انتشرت فيها وانطلقت منها دعوة التوحيد ثم تحدث النص عن رفع الصحراء صوتها والتهليل من رؤوس الجبال(لترفع البرية ومدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ليهتفوا) ورفع الصحراء صوتها بالأذان والتكبير والهتاف من رؤوس الجبال كل ذلك من الخصائص المعروفة للدعوة الإسلامية وقيدار كما نعلم أحد أبناء إسماعيل ويقول عنه قاموس الكتاب المقدس أنه جد لأشهر القبائل العربية وأنه يأتي في الكتاب المقدس للتعبير عن العرب عموما كما ذكرنا وسالع يقول عنها قاموس الكتاب المقدس أنه جبل قريب من البتراء شمال غرب الجزيرة العربية ويقول أن سالع معناها العام هو الصخرة هذا ما يقوله الكتاب المقدس عن سالع .. كما أن سالع أو سلع إسم لجبل شمال المدينة المنورة ولا زال يحمل نفس الإسم لم يتغير وهو الذي أقام النبي صلى الله عليه وسلم خيمته عليه في غزوة الخندق ومذكور في العديد من قصائد الشعر الجاهلي وسلع في اللغة العربية مفرد سلوع وهي الشقوق والطُرُق في الجبال وهو معنى قريب مما ورد في قاموس الكتاب المقدس أن سالع يعني الصخرة لذلك نجد نفس الفقرة في بعض الترجمات مثل ترجمة الملك جيمس :
11 Let the wilderness and the cities thereof lift up their voice, the villages that Kedar doth inhabit: let the inhabitants of the rock sing, let them shout from the top of the mountains. |
لترفع الصحراء ومدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار لتترنم سكان الصخور من رؤوس الجبال ويهتفوا
ثم تحدث النص عن واحدة من أهم خصائص الدعوة الإسلامية وهي نصر الله للمؤمنين والفتوحات والغضب الإلهي على الشعوب التي سارت في طرق الشرك والإثم وكرهت نور الحق والتوحيد وتأييده لهؤلاء الذين كانوا عُميا في الجاهلية فمن عليهم بالإيمان وأخرجهم من الظلمات إلى النور ويسر لهم السير في طرق ومسالك لا يعرفوها ودخول بلاد جديدة عليهم (الرب كالجبار يخرج كرجل حروب يصيح ويهتف ويقوى على أعدائه أخرب الجبال والاكام وأجعل الأنهار يبسا وأنشف الاجام وأسير العمي في طرق لم يعرفوها ومسالك لم يدروها أمشيهم أجعل الظلمة أمامهم نورا والمعوجات مستقيمة هذه الأمور أفعلها ولا أتركهم)
17 قَدِ ارْتَدُّوا إِلَى الْوَرَاءِ. يَخْزَى خِزْيًا الْمُتَّكِلُونَ عَلَى الْمَنْحُوتَاتِ، الْقَائِلُونَ لِلْمَسْبُوكَاتِ: أَنْتُنَّ آلِهَتُنَا!
ثم اختُتِم النص بتصوير فني بليغ ومشهد ختامي رائع يصور الخزي الذي حل بالمشركين عبدة الأصنام (يَخْزَى خزيا المتكلون على المنحوتات القائلون للمسبوكات أنتن آلهتنا)
هذا المشهد الختامي الرائع مكتوب هكذا في الترجمة العالمية الجديدة NIV
But those who trust in idols, who say to images, `You are our gods,’ will be turned back in utter shame |
أما هؤلاء الذين يتوكلون على الأوثان الذين يقولون للأصنام أنتم آلهتنا سوف يتراجعون في خزي مطلق
ومكتوب هكذا في ترجمة الملك جيمس
17 They shall be turned back, they shall be greatly ashamed, that trust in graven images, that say to the molten images, Ye are our gods. |
سوف يتراجعون سوف يخزون خزيا عظيما هؤلاء الذين يتوكلون على الأصنام المنحوتة الذين يقولون للأصنام المسبوكة أنتن آلهتنا
وهذا وصف دقيق جدا لما حل بصناديد الكفر وعبدة الأصنام من الخزي ووصف دقيق جدا للأصنام التي كانت تُعبد من دون الله كما ورد وصفها في كتب السير وكتب التاريخ ومثال ذلك ما ورد في كتاب المفصل في تاريخ العرب لجواد علي الذي ورد فيه ما يلي :
تالله ما أروعها من نبوءة تبدأ بالحديث عن عبد الله ومختاره نبي الأمم ثم تستفيض في الحديث عن أدق الخصائص والتفاصيل وتنتهي بمشهد ختامي رائع يصف الخزي الذي لحق بالمشركين عبدة الأصنام وكأن هذه النبوءة التي يرجع تاريخها إلى القرن السابع قبل الميلاد لم تُكتَب إلا بعد ظهور الإسلام واستقرار دعوته في الأرض .
الحق أن الكتاب المقدس يحتوى على العديد من النبوءات الأخرى التي تتحدث بوضوح عن صفات النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم لكن الغرض من هذا المقال هو إلقاء النظر على بعض النبوءات التي تشتمل تحديدا على وصف جغرافي دقيق لمكان ظهور النبوة الخاتمة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام
كما أن الحديث عن النبوءات عموما لا ينبغي أن يتحول إلى وسيلة لفرد العضلات أو الاستطالة على الآخرين ولكن الهدف هو الدعوة إلى الحق ورجاء الهداية فكلنا مفتقرون إلى الله محتاجون لعونه راجون لفضله .. هدانا الله جميعا إلى صراطه المستقيم ووفقنا لما يحبه ويرضاه