النور البارد ـ التوهج الحيوي
السبت/ديسمبر/2019
دكتورة / شادية السيد عبد العزيز
أستاذ الحشرات في المركز القومي للبحوث ـ جمهورية مصر العربية
مقـدمــة
تختلف معجزة القرآن عن معجزات الرسل السابقين في كثير من زوايا الإعجاز.. فالقرآن الكريم( لا تنقضي عجائبه ولا يخلق علي كثرة الرد ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء) كما جاء في الحديث النبوي الشريف، فإعجازه متواصل علي مر الدهور وكر العصور، شريطة إعمال العقل ومدارسة الفكر والتدبر والتفكير(أفلا يتدبرون القرآن)فأعجازه لا يتوقف ولا ينتهي مهما طال الزمن وتقدم العصر، فالقرآن الكريم مشكاة كل عصر وأوان وصالح لكل زمان ومكان.
وعطاؤه يناسب كل جيل من الأجيال وكل أمه من الأمم، لأنه كتاب خاتم الرسل والرسالات (اليوم أكملت لكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) لذلك فإن القرآن الكريم قائم وموجود إلي أن تقوم الساعة اى للدنيا كلها.. لا يقتصر على أمة بعينها..و إنما هو الدين الكامل لكل البشر، ومن هنا فانه يجب ان يكون له عطاء لكل جيل.. وإلا لو أفرغ القرآن عطاءه الاعجازي في قرن من الزمان مثلا لاستقبل القرون الأخرى بلا عطاء. فمات وماتت الرسالة وضل الناس من جديد.
لقد خلق الله النار (الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا انتم منه توقدون) فاستخدمها الإنسان في الإضاءة (….كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله….)كما استخدمها في توليد الطاقة من الماء والنار وولدهما البخار، ثم أختر الإنسان الكهرباء من الماء المنهمر.
وعندما ندير مفتاح الإضاءة الكهربائية نحصل على قدر معلوم من الضوء، و لكن تطلق في الوقت نفسه طاقة ميكانيكية تتسبب في فقد وتبديد قدر كبير من الطاقة مابين 85% – 90 % من الطاقة الكهربائية بتحولها إلى طاقة حرارية. بينما يلزمنا نسبة صغيرة 10 – 15 % لتحقيق الإضاءة، ونخلص بذلك إلي أن إنتاج الضوء الصناعي ينتج عنه فقد وتبديد كمية كبيرة في الطاقة التي لا تستغل.
لذلك يمكننا – توفيرا لهذه الطاقة – إنتاج الضوء البارد أو بمعنى آخر إنتاج الضوء من مصدر تستغل كل طاقته الكهربية لكي تتحول إلى ضوء دون وجود عادم يتحول إلى حرارة مفقودة وغير مستغلة وضائعة.
من أجل ذلك يحاول العلماء و خبراء التكنولوجيا العثور على حل لهذه المشكلة المعقدة عن طريق استغلال بعض الكائنات الحية التي تنتج ضوءا بطريقة عجيبة و مثيرة من عند الله، لمواجهة هذه المشكلة عن طريق إنتاج الضوء البارد، وتلك هي مشكلة البحث التي نريد إثباتها.
و لاشك أن هذه الكائنات الحية لم تمتلك الأجهزة الجسمية التي تولد الضوء متعدد الأغراض من تلقاء نفسها، ومن المستحيل أن تكون ذلك مصادفة، لأنها من خلق الله – سبحانه وتعالي – (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)واستكمالا للمعجزة الإلهية أن هذا الضوء وتلك الطاقة لا تتسبب في أي أضرار لتلك المخلوقات(وكل شيء خلقناه بقدر)فهذه الكائنات الحية دليل على قدرة الله تعالى في الخلق، فهو الله الخالق البارئ المصور الذي خلق الخلق وأودع فيها آيات تخاطب العقول وتسحر الألباب وتملك القلوب.
نبذه تاريخية
الكائنات المنتجة للضوء تم ملاحظاتها منذ قرون بعيدة أيام الحضارة اليونانية. وقد لاحظه كريستوفر كولمبس اثناء رحلته الشهيرة حول المحيط الاطلنطى عام (897 هـ= 1492م) حيث لاحظ هو والبحارة أنوار ( توهج حيوي) في المياه حول سفينتهم Floyd , 1997)) لم يتم معرفة سبب هذا الضوء البارد إلي أن تم اكتشاف الميكروسكوب وفي عصر العلم الحديث، فقد كان البحارة – قديما – يلاحظون توهج المياه و كانوا يفسرون ذلك بخرافة وجود وحش في الأعماق يضيء.
و كانت أول محاولة علمية جادة لفهم أو تفسير سبب الضوء البارد في الكائنات في منتصف عام 1600م, و لم يعرف السبب الحقيقي و لكن كان تفسيرهم أن الضوء البارد الصادر من الأسماك و الفطريات يعتمد على الهواء (1952 Harvey ). و كان Dubois أول من عزل الضوء المنتج كيماويا بواسطة أم الخلول(Clams). (Harvey 1920) مما مهد الطريق لتحديد الطاقة الميكانيكية الكيماوية و الفسيولوجية التي تسبب هذا الضوء البارد النظيف.
وقد لوحظ وجود التوهج الضوئي في كثير من الكائنات الحية و التي تشمل: البكتريا, الفطريات، الحشرات و الحيوانات البحرية، فقد خلق الله – عز و جل – بعض الكائنات على سطح الأرض و في أعماق البحار تتميز بقدرتها على إنتاج الضوء الذي يساعدها في حياتها، و لكن لوحظ أن الضوء الذي تقوم هذه الكائنات الحية بإنتاجه هو ضوء بارد ينتج عن تفاعل كيمائي داخلها أثناء عملية التنفس.
ومن أهم المواد التي تدخل في هذا التفاعل الكيماوي مادة اللوسيفيرين Luciferin و هي ذات تركيب خاص، لكل نوع من أنواع الكائنات الحية. بمعنى أن جزيئات اللوسيفرين في حالة كلا من Fireflies, Dinoflagellates & Bacteria تختلف اختلافا كليا في كل نوع على حده (شكل3) ولكنهم جميعا يؤدوا نفس التفاعل و التأثير وهو إنتاج الضوء البارد.
( يفرز الوسيفرين بواسطة الخلايا المولدة للضوء ( photocytes) وهو عبارة عن مركب ذو وزن جزيئى منخفض من الممكن ان يكون الدهيد أو بوليببتيد أو بروتين( وتختلف الكائنات الحية في تركيب جزيء اللوسيفيرين فبعضها يتكون من سلسلة طويلة من الذرات، و بعضها له سلسلة منحنية، و البعض الأخر له شكل جزيئات ذات شكل كروي مثل الكلوروفيل و لكنهم جميعا يؤدون نفس التفاعل و التأثير مع وجود الأكسجين و هو إنتاج الضوء البارد وتلك معجزة تدل على وحدانية الله.
* أنواع الكائنات التي تقوم بإنتاج الضوء البارد هي:
1- البكتريا Bacteria ، و من الأسماك الحبار Squid ، الفطريات Fungi ، السمك الهلامى Gelly Fish ، القشريات Crustaceans ، البروتوزوا Protozoa ، و الإسفنج Spongs ، أم أربع و أربعين Centipedes ، الدودة ألفية الأرجل Millipedes ، الطحالب Alga و الحلزونSnail. تقع الغالبية العظمى منها للضوء البارد في أعماق البحار والمحيطات.
2 – أما على سطح الأرض يوجد بعض أنواع من الطحالب alga والفطريات fungi والبكترياbacteria و النيماتودا nematodes والحشرات insects و الحشرات التي تنتج الضوء البارد في الرتب الحشرية التالية :
1 كولومبولا Collembola.
2 ثنائية الأجنحة Diptera.
3 متشابهة الأجنحة Homoptera.
4 غمدية الأجنحة Coleoptera و تضم رتبة غمدية الأجنحة أكبر عدد من الحشرات المتوهجة بالضوء البارد حيث تضم مئات من الأنواع التي توجد بها أعضاء نامية نموا جيدا، و من أشهر العائلات بهذه الرتبة: Elateridae, Lampyride, Phengodidae.
وبعض الفطريات تستطيع إنتاج الضوء، حيث نجد أن الفطر المضيء مثل Armillaria mellea و Mycena spp. ينتجان ضوءا مستمرا ( أزرق مخضر) في أجسامهم الثمرية و الميسليوم، والفطر المضيء يستخدم ضوءه في جذب الذباب الصغير و أنواع أخرى من الحشرات التى سوف تقوم بنشر جراثيم الفطر و تسهم في عملية تكاثر هذه الأنواع من الفطريات، كما تتغذى الحشرات على هذه الفطريات.
كذلك بعض النيماتودا تضيء نتيجة لوجود البكتريا المتواجدة معها ( معيشة تكافلية ) (Symbiotic bacteria ) فنجد نيماتودا من التى تتبع الأجناس التالية Neoaplactana, Steinernema , and Hetrorhabditis تتعايش معيشة تكافلية مع البكتريا المنتجة للضوء مثل النوع Xenorhadus luminescens .
شكل( 3): الحبار المضيء |
شكل (4): سمكة جمبري مضيء |
شكل (5): جيلي فيش مضيء |
شكل(6): بكتريا مضيئة |
شكل(7): فطريات مضيئة |
كما توجد مجموعة أخرى بالإضافة إلى البكتريا و الحيوانات في البحر تنتمي إلى Protista و هي مملكة تقع بين البكتريا و النباتات الأرضية الحقيقية True Land Plants و هي تضم:
1- Dinoflagellates
صورة لظاهرة المد الأحمر حدثت في عام 2005 في أحد شواطئ كاليفورنيا قامت الكائنات (Dinoflagellates ) بالتوهج الحيوي |
2- Radiotarians وكلها تنتج الضوء البارد.
و على الجانب الآخر نجد أن هناك كائنات حية لا تقوم بإنتاج هذا الضوء البارد وهى:
الثدييات Mammals، الزواحف Reptiles، والطيور Birds، البرمائيات Amphibians، و العناكب Spiders، العقارب Scorpions و النباتات المزهرة.
يكمن فيما سبق عدة معجزات هي:
1 – الإعجاز الأول:
ففي أعماق البحار و المحيطات يوجد ظلام كامل عند عمق 200 متر فأكثر ، أما على مسافة ألف متر فلا يوجد ضوء البتة .
قال الله تعالى في كتابه العظيم ” أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ” سورة النور (40).
و قد تسنى للبشرية اليوم أن تعرف الكثير عن البيئة العامة للبحار و خصائص الكائنات الحية فيها و نسبة ملوحة مياهها و كميات المياه الموجودة فيها ، فالغواصات التي تطورت بفضل التقنيات الحديثة خولت للعلماء الحصول على مثل هذه المعلومات . و من المعروف إن اى إنسان لا يستطيع أن يغوص في عمق البحر أكثر من أربعين مترا دون وجود معدات خاصة تساعد على ذلك ، ولا يمكن للإنسان أن يبقى على قيد الحياة فى المناطق العميقة والمظلمة التي تصل إلى 200 مترا و ما دونها دون هذه المعدات.
شكل(8): يوضح مياه المحيط ودرجات ألوان الضوء |
وغياب المعدات التقنية في السابق كان السبب في تأخر العلماء في اكتشاف هذه التفاصيل عن البحار، و هذا ما يثبت أن الآية 40″ ظلمات في بحر لجى ” التي وردت في سورة النور منذ 1426 عاما – وكون القرآن يعطى معلومات صحيحة عن البحار في وقت لم تكن فيه معدات توفر أو تسهل للإنسان الغوص في الأعماق ليسا إلا وجهه من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم.
أن الإنسان لم يعرف تلك المعلومات عن الكائنات البحرية التي تعطى ضوءا باردا تكونه بنفسها لتضيء لنفسها الأعماق المظلمة ومن وجود ظلام في أعماق البحار والمحيطات يصعب أن يرى الإنسان يده إلا من أعطاه الله نورا. إلا بهذه المعدات ذات التقنيات الحديثة، ويعد ذلك تأكيدا وتصديقا لما ورد في سورة النور ( الآية 40) من 1425 عام
وهذا الضوء يعتبر وسيلة من وسائل الاتصالات بين أفراد النوع الواحد للتجمع أو التزاوج أو عند القتال أو تستخدم كمصيدة لصيد الفريسة أو لشل حركتها.
توزيع الكائنات البحرية في البحار والمحيطات :
يتميز النظام البيئي للمحيط بأنه عموديا مما أدى لتقسيم بيئة المحيط إلى ثلاث مناطق متميزة كما في شكل (9) وهى:
شكل(9): يبين توزيع الكائنات البحرية في البحار والمحيطات تبعا لكثافة الضوء |
ا – المنطقة السطحية الأوقيانوسية Epipelagic Zone : وهى من سطح المحيط حتى 200 متر إن الكائنات في هذه المنطقة تحدد بحدود Photic Zone ( المنطقة التي يخترقها ضوء الشمس) حيث يكون ضوء النهار كاف لإتمام عملية التمثيل الضوئي Photosynthesis .
2 – المنطقة الوسطية الأوقيانوسية Mesopelagic Zone: وحدودها من ( 200 – 1000 متر ) نجد انه في هذه المنطقة أن الضوء الآتي من السطح يكون باهت جدا ( ضعيف) أي مازال من الممكن الرؤية ولكن بصعوبة بالغة وذلك حينما يكون ماء المحيط صافى جدا.
3 – المنطقة العميقة الأوقيانوسية Bathypelagic Zone: وحدودها من ( 1000 – 6000 متر ) ضوء النهار لا يصل إلى هذه المنطقة.
والحدود بين العوالم الحية في كل منطقة من المناطق الثلاثة السابقة مرتبط بدرجة كبيرة بالمستويات البيئية المختلفة لكثافة الضوء فى ماء المحيط الصافي.
– وتحت حدود 6000 متر من المنطقة الثالثة ( المنطقة العميقة الأوقيانوسية ) تحتوى هذه المنطقة على تواجد كبير لأعماق المحيط المنبسطة ولكن يستثنى الخنادق العميقة التي توجد على عمق من 6000 متر إلى أعمق الأعماق، وتوزيع هذه الخنادق قليل نسبيا حيث تمثل أقل من 2 % من البيئة للمحيط المفتوح ويعطى تعبير البحر العميق ( deep sea ) للكائنات التي تعيش تحت المنطقة السطحية الأوقيانوسية.
ويتم تقسيم المجاميع البيولوجية لهذه الممالك المائية إلى: –
1 – Plankton:: وتضم النباتات و الحيوانات التي تنجرف في وسط الماء أو التي لا تستطيع السباحة ضد التيار
2 – Nekton: وتضم الحيوانات البحرية الكبيرة التي تعيش في وسط الماء مثل السمك، الجبار، الجمبري والتي تستطيع السباحة بقوة.
3 – و بجانب القسمين السابقين، يوجد كل الأحياء من الحيوانات و النباتات التي تعيش في أو على قاع البحار.
2 – الإعجاز الثاني:
يوجد أنواع من الأسماك تنتج النور الأحمر وهى تعيش على عمق 600 متر، بينما الضوء الأحمر يتم امتصاصه على عمق من 10 – 15 متر ( ولهذا السبب اذا جرح الغطاس تحت الماء، فلن يتمكن من رؤية نزف الدم من جرحه).
ما هي ألوان النور الحيوي المنتج بواسطة الكائنات البحرية ؟
تنتج كل الكائنات البحرية نورا لونه أزرق لسببين أساسيين:
1- إن النور الأزرق المخضر( طول الموجة له حوالي 470nm) ينفذ في الماء.
2- إن معظم الكائنات تكون حساسة فقط للنور الأزرق حيث تفتقر
هذه الكائنات إلى الصبغات الخاصة بالرؤية ( والتي تمكن الكائن أن يستطيع امتصاص أطول للونين ( الأصفر، الأحمر ) أو أقصر للنور فوق البنفسجي المزرق( indigo ultraviolet).
و لكن هناك حالة منفردة تخرج عن القاعدة السابقة، توجد في عائلة ‘Malacosteidae” للأسماك – وهي نوع من الأسماك يسمى( Loose jaws) وهى التي تنتج نورا أحمر، وهى الوحيدة القادرة على رؤية هذا النور الأحمر، بينما الكائنات الأخرى غير قادرة على رؤية هذا النور، وتعيش على عمق 600 متر.
وهذا النور الأحمر ينتج بواسطة أنواع مثل Malacosteus, Aristostomias & Pachystomias ولها طول موجة طويل، يقرب من الأشعة تحت الحمراء inferared، ونادرا ما يمكن رؤية هذا النور بواسطة عين الإنسان . بالإضافة إلى أنهم يستطيعوا إنتاج نور أزرق مخضر من أعضاء منفصلة.
لماذا يتم إنتاج النور الأحمر ؟
إن إنتاج النور الأحمر يعطى لهذه العائلة Malacosteidae ميزة إضافية في البحر العميق، على الرغم من ان النور لا يسافر لمسافة بعيدة ولكنه يمكن هذه الأسماك من رؤية الفريسة دون أن تشعر أو تحس الفرائس بهذا النور، ولذلك فان هذه السمكة تنتج ضوءا أحمر ( إشارات لونها أحمر) معناها خاص بهذه السمكة فقط دون غيرها. بينما الإشارات الأزرق المخضر فإنها غالبا تستخدم لتنبيه الأسماك الأخرى من نفس النوع بوجود أعداء، فهذه السمكة تنتج نورا أحمر هي الوحيدة التي تراه.
معروف أن ضوء الشمس يتكون من سبعة ألوان هي: البنفسجي، النيلي، الأزرق، الأخضر، الأصفر، البرتقالي، والأحمر، علما بأن ماء البحر الصافي يملك خاصية امتصاص الألوان بشكل إنتقائي.
فيمتص اللون الأحمر في مسافة تبلغ من(10 -15) متر لذلك لا يري الغطاس جرحه في هذه المسافة تحت الماء ولا يتمكن من رؤية نزف الدم من جرحه – ومع ذلك نرى إعجاز اللـه في وجود كائنات بحرية تتبع عائلة Malacosteidae تعيش على عمق 600 متر تنتج الضوء الأحمر، وهى الوحيدة القادرة على رؤيته، فسبحان الله الخالق المبدع.
يليه اللون البرتقالي يمتص عند مسافة 30 – 50 متر، ثم يليه الأصفر يمتص عند مسافة 50 – 100 متر، ثم يليه الأخضر يمتص من 100 – 200 متر، و يليه الأزرق يمتص حتى 200 متر.
(نرى إعجاز الله في كائنات تعيش في البحار و المحيطات العميقة على عمق أكثر من 200 متر تقوم بإنتاج الضوء الأزرق المخضر و أكثر من 200 متر يمتص اللونين البنفسجي و النيلي) Elder et al. 1991. إن الله عز و جل في خلق الشيء و نقيضه.
والماء يعمل على تشتيت الضوء بشكل كبير وفي جميع الاتجاهات، مما يؤدي إلى خفض مستوى التباين الضوئي واللوني إلى حد كبير مما يزيد من صعوبة التعرف على المواضع تحت الماء.
الإعجاز الثالث: إنتاج النور البارد
و كمثال لإنتاج الضوء البارد من الحشرات حشرة الدودة المضيئة (شكل10).
شكل(10): الدودة المضيئة |
تبدو عظمة الله الخالق حيث نجد إن الدودة المضيئة تنتج الضوء نتيجة للتنفس، علما بأن الحشرات تتنفس عن طريق قنوات هوائية دقيقة تعرف بالقصيبات tracheae توجد لها فتحات خارجية على الصدر والبطن، ويجب أن نتذكر إن الدم الحشري يختلف عنه في الفقاريات التي يحمل الدم فيها الأكسجين الى جميع أجزاء الجسم.
في الحشرات تحمل القصيبات الدم مباشرة إلى الأنسجة، حيث تتفرع القصبات إلى قصيبات بين العضلات و الأعضاء الداخلية، و تفتح القصيبات في الدودة المضيئة و الحشرات الأخرى للخارج بواسطة الثغور التنفسية spiracles حيث يتم التحكم في انبعاث الضوء عن طريق تنظيم دخول الأكسجين إلى الخلايا المولدة للضوءphotocytes و هذه الميكانيكية تعمل بواسطة جدول تنظيمي علي عدة مستويات لاندفاع تيار الأكسجين بواسطة القصيبات الهوائية لإمداد الخلايا المولدة للضوء بالأكسجين .
و صدق الله تعالى في كتابه العظيم “ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ” سورة طـه.
ان الله سبحانه و تعالى قد خلق هذه الحشرة بتركيب خاص، فنجد أن الجدار الخارجي للجزء الخلفي من البطن يتكون من عدد من الخلايا تغذيها شبكة كثيفة من القصبات الهوائية، تؤمن أمدادا غزيرا من الأكسجين للخلايا المولدة للضوء PHOTOCYTES، أنظر الشكل(11).
وهذه الخلايا مشبعة بمادة دهنية تعرف بالليوسيفرين luciferin عندما يصل الأكسجين الى الخلايا المولدة للضوء من خلال القصيبات الهوائية يتحد مع الليوسيفرين و يساعد في هذا التفاعل مادة عضوية أخرى(إنزيم ) يسمى ليوسيفراز LUCIFERASE، و هو عامل مساعد catalyst والعامل المساعد مادة لها القدرة على التعجيل بانهاء تفاعل كيمائي حيث يتم إنتاج الضوء بواسطة عملية أكسدة اليوسيفرين في وجود إنزيم اليوسيفريز و يقوم ATP بتنشيط اليوسيفرين مع وجود الماغنسيوم لتكون adenylluciferin الذي يتم أكسدته لإعطاء اوكسى ليوسيفرين وخلال إتمام عملية الأكسدة الإنزيمية يتم انبعاث كمية كبيرة من الطاقة توازى 40-80 Kcal.per mole يتم اطلاقها بخطوة واحدة ، ولايحدث اى تأثير ضار للحشرة نتيجة لانبعاث هذه الطاقة.
و يتحول الليوسيفرين المؤكسد إلى أوكسى ليوسيفرين( Timmins et al.( 2001 أنظر (شكل12).
يتحول بعد ذلك أوكسى ليوسيفرين oxyluciferin إلى transformed back الى ليوسيفرين و بالتالى نجد ان هذا التفاعل من الممكن ان يتكرر. ومن الخطاء ان نطلق على ضوء الحشرات المتوهجة ” الفسفرة “ لأنها عملية فيزيائية مختلفة.
و الأوكسى ليوسيفرين مادة متوهجة luminescent أى أنها تولد ضوءا ويتم انبعاث كمية كبيرة من الطاقة توازى 40-80Kcal per mole يتم إطلاقها بخطوة واحدة و نتيجة لانعكاس كل هذه الطاقة بواسطة الخلايا العاكسة لذلك فان الحشرة لا تحترق.
شكل(11): القصبات الهوائية للدودة المضيئة يوضح الخلايا المولدة للضوء |
إلا أن هذا ليس الموضوع بأكمله فنحن نجد أن المصباح الأمامي للسيارة يعطى الضوء للأمام بواسطة عاكس معدني مركب خلف المصباح و في الدودة المضيئة توجد آلية مشابهة تقوم بهذه العملية نفسها. حيث نجد أنه عند عمل قطاع في عقل البطن الخلفية نجد أن خلف الطبقة المولدة للضوء توجد طبقة أخرى عاكسة – مكونة من خلايا مشبعة بالبولينا UREA ومواد كيماوية أخرى ذات لون أصفر ( Xanthein) وتقوم هذه الطبقة مقام المرآة فتقوم بعكس بعض الضوء الناتج من الخلايا المولدة للضوء و كما نرى فمصباح الدودة المضيئة ذو اللون الأخضر المصفر الجميل، لا تميزه فقط الكفاءة العالية التي يعمل بها، و أنما أيضا طريقة التركيب.
وتلك عظمة الله الخالق المبدع – حيث قال تعالى “انا كل ّ شيء خلقناه بقدر “(49) سورة القمر، بمعنى إن كل الأشياء في الدنيا من (سماء و أرض) خلقه الله بقدر مقدور اقتضته حكمة الله، حيث أن هذه الحشرة تنجز ميكانيكية متكاملة. فسبحان الخلاق العليم.
اختلاف ألوان الضوء البارد في الحشرات
في معظم الحشرات المنتجة للضوء يكون الضوء أصفر مخضر مثل حشرة Photinus وحشرة Lampyris من رتبة غمدية الأجنحة، بينما نجد في اليرقة و الحشرة الكاملة لـ railroad أن أعضاء الضوء التى توجد على الصدر و البطن تنتج درجات من اللون الأخضر إلى البرتقالي، بينما أعضاء اللون في الرأس تنتج لون أحمر. وفى حشرات أخرى تنتج ضوءا أخضر مزرق، وبعضها ينتج ضوءا أبيض، إن لون الضوء المنبعث يختلف بين الأنواع الحشرية وذلك راجع إلى العوامل البيئية أو نتيجة لاختلاف تركيب اللوسيفرين.
شكل (12): التفاعل الكيميائي لإنتاج النور البارد |
ويؤدى فحصنا للدودة المضيئة إلى الحقائق الآتية
إن عملية النور الحيوي في الدودة المضيئة والكائنات البحرية الشبيهة عبارة عن عملية تحول بطيء في الطاقة الكيميائية بواسطة الأكسدة تنتج منها الطاقة المضيئة و الضوء الناتج ” بارد ” بصفة قاطعة
لأنه لا يستخدم أي جزء من الطاقة لإنتاج الحرارة، أو أي مادة آخري.
ويحدث الضوء بهذه الطريقة 100 %، حيث إن الحشرة تنجز عملية ميكانيكية متكاملة التي تكرس كل ما لديها من طاقة في عمل نافع ( و يعنى العمل هنا، الحركة، الضوء، الحرارة )
ويقف الإنسان في هذا المجال بعيدا إلى الوراء، فان أكثر الطرق تقدما في الإضاءة الصناعية، هي مصابيح الفلوريسنت ذات الضغط المنخفض التي تعطى ناتجا حراريا بين 30-50 %.
و في تفسير قوله تعالى “ إنا كل شيء خلقناه بقدر “( القمر: 49)
ذكر ابن كثير يرحمه الله في تفسير قوله تعالى( إنا كل شيء خلقناه بقدر ) كقوله ( وخلق كل شىء فقدره تقديرا” ( الفرقان:2) – و هدى الخلائق إليه، و لهذا يستدل بهذه الآية الكريمة أئمة السنة على إثبات قدر الله السابق لخلقه، وهو علمه الأشياء قبل كونها، وكتابته لها قبل برئها.
ففي تفسير الطبري “فقدره تقديرا ” يقول فسوى كل ما خلق و هيأه لما يصلح له فلا خلل فيه و لا تفاوت، و جاء في الجلالين..( إنا كل شيء ) منصوب بفعل يفسره ( خلقناه بقدر ) بتقدير حال من ( كل) أي مقدرا و قرىء ( كل ) بالرفع مبتدأ خبره ( خلقناه ).
أما صاحب الظلال فبعد أن استعرض عددا من جوانب الاتزان في بناء السماء وفي الأرض، وفى كل ما يحيط بنا و في أجساد كل من الإنسان و الحيوان و النبات خلص إلى أن حركة هذا الكون كلها بجميع أحداثها، ووقائعها و تياراتها مقدرة و مدبرة تقديرا دقيقا، و تدبيرا محكما صغيرها و كبيرها، و أضاف…..إن قدر الله وراء طرف الخيط البعيد لكل حادث، ولكل نشأة و لكل مصير، ووراء كل نقطة، وكل خطوة، وكل تبديل أو تغيير. انه قدر الله النافذ الشامل الدقيق العميق.
والله يعلم الإنسان في هذا القرآن إن كل شيء بقدر ليسلموا الأمر، لله سبحانه وتعال، وتطمئن قلوبهم و تستريح، ويسيروا مع قدر الله فى توافق و فى تناسق.
الاستخدامات المختلفة بواسطة الكائنات الحية للضوء البارد الذي تنتجه تتمثل في الآتي:
1 – إشارات للتزاوج
معروف أن الضوء يعمل كإشارات للتزاوج في حالة firefly ففي بعض الأنواع نجد ان الضوء البارد ( التوهج الحيوي bioluminescence ) يجذب الأفراد من نفس النوع بغرض التجمع و كطريقة غير مباشرة لتحسين فرص التزاوج، ففي بعض الأنواع من عائلة Lampyridae) نجد إن الأنثى غير مجنحة و لذلك كان إنتاج الأنثى للضوء عامل هام لجذب الذكور المجنحة، وتختلف أشكال الضوء فى هذه الحشرات بين الأنواع و بين الجنسين.
بعض الأنواع في الليالي الباردة تنتظر حوالي 5.5 ثانية ثم تبدأ في إرسال ومضة قصيرة، وأنواع أخرى ربما تنتظر دقيقة ثم ترسل وميض يظل ثانية كاملة، وبعض الأنواع الاستوائية تتجمع بأعداد كبيرة و تومض معا في انسجام تام.
2 – أمثلة للافتراس
المثال المتفرد للضوء الذي يعمل كمصيدة للفريسة يوجد فى نيوزيلندا للدودة المضيئة Arachnocampa luminosa حيث تطير الأنثى لوضع البيض على سقف الكهف المظلم و بمجرد فقس البيض فان اليرقات الفاقسة تتعلق لأسفل بواسطة خيط لاصق ينتج ضوءا و في الظلام نجد مدخل الكهف يضيء بهذا الضوء و يجذب حشرات من أنواع أخرى، وهذه الحشرات المنجذبة تدخل إلى داخل الخيط اللاصق و يتم افتراسها بواسطة يرقات الدودة المضيئة، وهذه الكهوف تشتهر باسم الكهوف المضيئة Luminous caves ) ( وهى مشهورة في نيوزيلندا ويتوافد السياح من جميع أنحاء العالم لمشاهدة هذه الحشرات المضيئة فى الكهوف المظلمة.
3 – أمثلة للدفاع
في ديدان railroad يكون الوميض مستمرا لمنطقة الرأس وعندما تمشى اليرقات اى تقوم بوظيفة ضوئية دفاعية حيث تصدر ومضات فجائية تعمل على طرد المفترسات، ومن الممكن أن يستخدم الضوء بواسطة الأنثى عند وضع البيض ليسهل عليها اختيار مكان وضع البيض البعيد عن الازدحام أو الذى يوجد عليه تنافس لمصادر الأطعمة.
استخدامات فكرة الضوء البارد
قام العلماء باقتباس فكرة الضوء البارد في كثير من التجارب البيولوجية مثل:
1- أبحاث الفضاء Space research :
نجد أن نظام Luciferin & Luciferase من الممكن أن يستعمل في مركبات الفضاء التي يتم إرسالها إلى كوكب المريخ و الكواكب الأخرى ، واكتشاف وجود أشكال للحياة على هذه الكواكب أم لا ، الفكرة تتلخص فيما يلي : –
يتم بواسطة جهاز الكتروني خاص Special electronic device أخذ عينات من التربة الموجودة على سطح الكوكب ثم يقوم بخلطها بالماء و الأكسجين، و اللوسيفيرين و اللوسيفيريز بعد ذلك إذا عاد وميض ضوئي إلى الأجهزة على الأرض، يستنتج العلماء من ذلك أن ATP ( و هو العامل الخامس اللازم لإنتاج الضوء البارد ) يوجد على هذا الكوكب مما يدل على وجود نوع من الحياة يشبه إلى حد ما أشكال الحياة على كوكب الأرض.
2- استخدامه في الأبحاث الطبية Medical Research
وجود ATP في كل الكائنات الحية يتم استغلاله في الأبحاث الطبية أيضا، حيث يتم حقن اللوسيفيرين و اللوسيفيريز فتظهر تفاعلات مختلفة فى الخلايا الطبيعية و الخلايا المسرطنة مما يمكننا و يساعد في تحديد المشاكل داخل خلايا الإنسان وهذا التكنيك يستخدم حاليا لدراسة الأمراض القلبية المزمنة و muscular dystiophy & urological problems وغيرها.
3- مكافحة الآفات Pest Management
إن التوهج الحيوي يستخدم كأداة في تحديد خرائط توزيع الكائنات الحية، ففي عام 2001 قام العلماء في أمريكا بعمل تعديلات في المادة الوراثية لدودة اللوز القرنفلية ( وهى آفة من آفات القطن حيث تصيب اللوز و تؤدى إلى خسائر اقتصادية فادحة في المحصول ) بواسطة مادة متوهجة وهى ( protein GFP Green fluorescent ) مستخلصة من السمك الهلامى Jelly fish فأصبحت يرقات الدودة القرنفلية المعدلة وراثيا لونها أخضر قوى.
4- كذلك نجد أن الكثير من الناس حاولت ان تستفيد من هذه الميزة التي تتميز بها هذه الكائنات و التي خلقها الله عز وجل في إتقان كامل. وعلى سبيل المثال نجد أن السكان الأصليون في أمريكا الوسطى و غرب الأنديز يصطادون عمالقة الدودة المضيئة، و يحتفظون بها فى الأقفاص، وتستخدم كمصابيح رائعة واقتصادية في نفس الوقت.
أوجه الإعجاز
1 – الإعجاز الأول:
إنتاج النور البارد بواسطة بعض الكائنات البحرية، وبعض الكائنات على سطح الأرض، وعمل التحورات اللازمة في الخلايا لإنتاج هذا النور الحيوي، و كذلك طريقة تنظيم اندفاع الأكسجين للخلايا المولدة للضوء للتحكم فى كمية الضوء المنبعثة من الكائن الحي على حسب الوظيفة التي سوف يقوم بها ( اى لا يحدث فقد في الطاقة الضوئية المنبعثة والمنعكسة في شكل نور) قال تعالى” انا كل شىء خلقناه بقدر ” ( القمر: 49 ) و صدق الله تعالى في كتابه العظيم “ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ” سورة طـه.
2 – الإعجاز الثاني:
في أعماق البحار و المحيطات يوجد ظلام كامل عند عمق 200 متر فأكثر، أما على مسافة ألف متر فلا يوجد ضوء البتة.
قال الله تعالى في كتابه العظيم ” أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ” سورة النور (40).
3 – الإعجاز الثالث:
وجود أنواع من الأسماك تنتج النور الأحمر وهى تعيش على عمق 600 متر، بينما الضوء الأحمر يتم امتصاصه على عمق من 10 – 15 متر. إن الله عز و جل يخلق الشيء و نقيضه
1 – إن عملية الإنارة الحيوية في الدودة المضيئة و الكائنات البحرية الشبيهة عبارة عن تحول بطيء في الطاقة الكيميائية بواسطة الأكسدة إلى طاقة مضيئة ( منيرة ) و الضوء الناتج بارد، حيث إن الحشرة أو الكائنات المختلفة تنجز ميكانيكية متكاملة، و الاعجاز المتكامل لله الخالق المبدع في تركيب جسم الكائنات المنتجة للنور.
حيث يتم التحكم فى انبعاث الضوء عن طريق تنظيم دخول الأكسجين بواسطة القصيبات الهوائية أثناء عملية التنفس إلى الخلايا المولدة للضوء photocytes، وهذه الميكانيكية تعمل بواسطة القصيبات الهوائية لإمداد الخلايا المولدة للضوء بالأكسجين الذي يدخل في التفاعل الكيميائي باتحاده مع اللوسيفرين و اللوسيفيريز و ATP و الماغنسيوم فينتج الضوء الذي يتم عكسه بواسطة طبقة الخلايا المشبعة باليوريا و مواد كيماوية أخرى ذات لون اصفر ( اى تعمل كمرآة ) و تعكس النور للخارج.
إن أكثر الطرق تقدما فى الاضاءة الصناعية هي مصابيح الفلورسنت ذات الضغط المنخفض تعطى حرارة تصل الى 30-50 % .
قال الله تعالى في كتابه العظيم” هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ “ يونس ( 5).
الدلالة العلمية للآية الكريمة
أولا: فى التفريق بين كل من الضياء و النور:
الضوء ( الضياء ) هو الجزء المرئي من الطاقة الكهرومغناطيسية ( الكهربية / المغناطيسية ) والتى تتكون من سلسلة متصلة من موجات الفوتونات التي لا تختلف عن بعضها البعض إلا في طول موجة كل منها ومعدل ترددها.
وتتفاوت موجات الطيف الكهرومغناطيسي في أطوالها بين جزء من مليون مليون جزء من المتر بالنسبة الى أقصرها و هى أشعة ” جاما “ وبين عدة كيلومترات بالنسبة إلى أطوالها وهى موجات الراديو ( المذياع أو الموجات اللاسلكية ) و يأتي بين هذين الحدين عدد من الموجات التى تترتب حسب تزايد طول الموجة من أقصرها إلى أطولها: الأشعة السينية، و الأشعة فوق البنفسجية، والضوء المرئى، والأشعة تحت الحمراء
و الضوء الأبيض هو عبارة عن خليط من موجات ذات أطوال محددة عديدة ومتراكبة على بعضها البعض، ويمكن تحليلها بإمرارها في منشور زجاجي أو غير ذلك من أجهزة التحليل الطيفي، وقد أمكن التعرف على سبع من تلك الموجات أقصرها هو الطيف البنفسجي ( ويقترب طول موجته من 4000 انجستروم ) و أطولها هو الطيف الأحمر ( ويقترب طول موجته من 7000 أنجستروم ) وبينهما البرتقالي، والأصفر، والأخضر، والأزرق وغير ذلك من الألوان المتدرجة في التغير فيما بين تلك الألوان السبع، وان كانت عين الإنسان لا تستطيع أن تميز منها سوى هذه الألوان السبعة.
والطيف المرئي من مجموعة أطياف الطاقة الكهرومغناطيسية المنطلقة من الشمس هو المعروف باسم ضوء الشمس، وعلى ذلك فالضوء عبارة عن تيار من الفوتونات المنطلقة من جسم مشتعل، ملتهب، متوقد بذاته سواء كان ذلك بفعل عملية الاندماج النووي كما هو حادث في داخل الشمس، وفى داخل غيرها من نجوم السماء، أو من جسم مادي يستثار فيه الاليكترونات بعملية التسخين الكهربائي أو الحراري، فيقفز الاليكترون من مستوى عال في الطاقة إلى مستوى أقل، والفارق بين المستويين هو كمية الطاقة المنبعثة ( Quantum Energy ) على هيئة ضوء و حرارة، وتكون سرعة تردد موجات الضوء الناشئ مساوية لسرعة تحرك الشحنات المتذبذبة بين مستويات الذرة المختلفة من مثل الالكترونات.
وعلى ذلك فان مصادر الضوء هي أجسام مادية لها حشد هائل من الجسيمات الأولية المستثارة بواسطة رفع درجة الحرارة من مثل الالكترونات و غيرها من اللبنات الأولية للمادة، و أهم مصادر الضوء بالنسبة لنا ( أهل الأرض ) هي الشمس ووقودها هو عملية الاندماج النووي.
كذلك يتعرض ضوء الشمس للعديد من عمليات التشتت والانعكاس عندما يسقط على سطح القمر المكسو بالعديد من الطبقات الزجاجية الرقيقة و الناتجة عن ارتطام النيازك بهذا السطح، والانصهار الجزئي للصخور على سطح القمر بفعل ذلك الارتطام. فالقمر ( و غيره من أجرام مجموعتنا الشمسية ) هي أجسام معتمة باردة لا ضوء لها و لكنها يمكن أن ترى لقدرتها على عكس أشعة الشمس فيبدو منيرا، و هذا هو الفرق بين ضوء الشمس ونور القمر، فنور القمر ناتج عن تشتييت ضوء الشمس على سطحه بواسطة القوى التي يبذلها الحقل الكهرومغناطيسي على الشحنات الكهربية التي تحتويها كل صور المادة.
القرآن الكريم يفرق بين الضياء و النور
انطلاقا من هذه الحقائق العلمية التي تمايز بين الضوء الصادر من جسم مشتعل، ملتهب، مضيء بذاته في درجات حرارة عالية ( قد تصل إلى ملايين الدرجات المئوية كما هو الحال في قلب الشمس ) وبين الشعاع المنعكس من جسم بارد يتلقى شعاع الضوء فيعكسه نورا، ركز القرآن الكريم على التمييز الدقيق بين ضياء الشمس و نور القمر، وبين كون الشمس سراجا و كون القمر نورا فقال تعالى:
*” هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ” ( يونس: 5 ).
* ” وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا “ ( نوح: 16 ).
* ووصف الشمس بأنها سراج و بأنها سراج وهاج – فقال تعالى ” وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا “ ( النبأ: 13).
تبدو عظمة الله الخالق حيث نجد أن الدودة المضيئة تنتج الضوء نتيجة للتنفس و الحشرات تتنفس عن طريق قنوات هوائية دقيقة تعرف بالقصيبات الهوائية التي تنظم دخول الأكسجين إلى الخلايا المولدة للضوء عن طريق جدول تنظيمي لعدة مستويات لاندفاع تيار الأكسجين الذي يدخل في التفاعل الكيماوي لإنتاج الضوء. قال الله تعالى في كتابه العظيم “ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ” سورة طـه.
تفسير المفسرين
1- تفسير الجلالين (قال ربنا الذي أعطى كل شيء) من الخلق (خلقه) الذي هو عليه متميز به عن غيره (ثم هدى) الحيوان منه.
2- تفسير ابن كثير
وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد أعطى كل شيء صورته وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: سوى خلق كل دابة، وقال بعض المفسرين أعطى كل شيء خلقه ثم هدى كقوله تعالى ( الذي قدر فهدى ) أي قدر قدرا وهدى الخلائق إليه أي كتب الأعمال والآجال والأرزاق ثم الخلائق ماشون على ذلك لا يحيدون عنه ولا يقدر أحد على الخروج منه يقول ربنا الذي خلق الخلق وقدر القدر وجبل الخليقة على ما أراد ( لا يضل ربي ولا ينسى ) أي لا يشذ عنه شيء ولا يفوته صغير ولا كبير ولا ينسى شيئا يصف علمه تعالى بأنه بكل شيء محيط وأنه لا ينسى شيئا تبارك وتعالى وتقدس وتنزه فإن علم المخلوق يعتريه نقصانان أحدهما عدم الإحاطة بالشيء والآخر نسيانه بعد علمه فنزه نفسه عن ذلك.
كذلك الآية رقم 40 من سورة النور قال سبحانه وتعالي فيها:
“أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ” صد الله العظيم
قال ابن كثير في تفسيره هذه الآية:
قال تعالى ( أو كظلمات في بحر لجي ) قال قتادة ( لجي ) هو العميق ( يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ) أي لم يقارب رؤيتها من شدة الظلام فهذا مثل قلب الكافر الجاهل البسيط المقلد الذي لا يعرف حال من يقوده ولا يدري أين يذهب بل كما يقال في المثل للجاهل أين تذهب قال معهم قيل فإلى أين يذهبون قال لا أدري وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما ( يغشاه موج ) الآية تعني بذلك الغشاوة التي على القلب والسمع والبصر وهي كقوله ( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ) الآية وكقوله ( أفرأيت من إتخذ هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة ) الآية وقال أبي بن كعب في قوله تعالى ( ظلمات بعضها فوق بعض ) فهو يتقلب في خمسة من الظلم فكلامه ظلمة وعمله ظلمة ومدخله ظلمة ومخرجه ظلمة ومصيره يوم القيامة إلى الظلمات إلى النار وقال السدي والربيع بن أنس نحو ذلك أيضا وقوله تعالى ( ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور ) أي من لم يهده الله فهو هالك
جاهل حائر بائر كافر كقوله تعالى ( من يضلل الله فلا هادي له ) وهذا في مقابلة ما قال في مثل المؤمنين ( يهدي الله لنوره من يشاء ) فنسأل الله العظيم أن يجعل في قلوبنا نورا وعن أيماننا نورا وعن شمائلنا نورا وأن يعظم لنا نورا.
قال القرطبي في تفسيره الآية(40) من سورة النور التي تقول:
(أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) صدق الله العظيم
(السحاب المراد بهذه الظلمات ظلمة السحاب وظلمة الموج وظلمة الليل وظلمة البحر؛ فلا يبصر من كان في هذه الظلمات شيئا ولا كوكبا. وقيل: المراد بالظلمات الشدائد؛ أي شدائد بعضها فوق بعض. وقيل: أراد بالظلمات أعمال الكافر، وبالبحر اللجي قلبه، وبالموج فوق الموج ما يغشى قلبه من الجهل والشك والحيرة، وبالسحاب الرين والختم والطبع على قلبه. روي معناه عن ابن عباس وغيره؛ أي لا يبصر بقلبه نور الإيمان، كما أن صاحب الظلمات في البحر إذا أخرج يده لم يكد يراها. وقال أبيّ ابن كعب: الكافر يتقلب في خمس من الظلمات: كلامه ظلمة، وعمله ظلمة، ومدخله ظلمة، ومخرجه ظلمة، ومصيره يوم القيامة إلى الظلمات في النار وبئس المصير.)
إن عملية الإنارة الحيوية في الدودة المضيئة و الكائنات البحرية الشبيهة عبارة عن تحول بطيء في الطاقة الكيميائية بواسطة الأكسدة أثناء عملية التنفس، فتتحول إلى طاقة مضيئة يتم عكسها إلى نور بواسطة الطبقة العاكسة التي تقع خلف الطبقة المولدة للضوء ( تقوم مقام المرآة) هذه الدقة البالغة في التفريق بين الضوء المنبعث من جسم ملتهب مشتعل، مضيء بذاته، وبين سقوط هذا الضوء على جسم مظلم بارد وانعكاسه نورا من سطحه لا يمكن أن يكون لها مصدر من قبل ألف و أربعمائة وثمانية وعشرون سنة، إلا الله الخالق، فهذا الفرق الدقيق لم يدركه العلماء الا فى القرنين الماضيين.
يمكن التواصل مع المؤلفة على الإيميل التالي:
المراجع العلمية
1 – Abd El-Aziz,Shadia,E. ( 2003 ) : Electron Microscopy shows the – Holly Phrase Of Allah in living cells .
Pak.. J. Biol.Sci.,6 ( 23 ), 1976 – 1978 .
2- Biron , K ( 2003 )
Fireflies , dead fish and a glowing bunny : a primer on bioluminescence. BioTeach J. ,Vol(1), 19-25
3- Campbell , AK ; P.J. Herring ( 1987 ) :
A noval red fluorescent protein from the deep sea luminous fish Malacosteus niger , 86, 411 -417 .
4- Chalfie ,M.; Tu,Y.; Euskirchen ,G.; Ward,W.W.and Presher,D.C. (1994)
Green flurescent protein as a marker for gene expression. Science, 263 , 802-805 .
5- Chapman ,R.F.( 1998)
The insects: structure and function. Cambridge Univ. Press.
6- Douglas ,R.H. and J.C. Partridge ( 1997) :
On the visual pigments of deep-sea fish . J.Fish Biology ,50, 68-85.
7- Elder, Danny; and John Pernetta, 1991 Oceans, London, Mitchell Beazley , Publishers, p. 27
8- Floyd, E R. Bermuda Triangle continues to mystify. The Augusta Chronicle Online . 1997. <http://www.augustachronicle.com/stories/030297/fea_floyd.html>
9- Harvey,E.N.(1920)
The nature of animal light. Philadelphia : J.P.Lippircott Company .
10- Harvy, E.N.( 1952)
Bioluminescence. New York ; Academic Press .
11- Lioyd , J.E.( 1971)
Bioluminescent communication in insects.
Ann. Rev. Entomol.vol,16, pp.97-122.
12- O Day ,W.T. and H.R. Fernandez ( 1974)
Aristostomias scintillans ( Malacosteidae ) : a deep- sea fish with visual pigments apparently adapted to its own bioluminescence .
Vision Res. , 14, 545 – 550 .
13-Timmins, S.G.; Robb,J.F.; Wilmot,M.C.; Jackson,K.S. and Swartz, M.H. (2001) .
The Journal of Experimental Biology 204, 2795–2801 (2001)
* – ” معجزة القرآن ” للشيخ محمد متولى الشعراوى ( 1981 ) – مؤسسة الأخبار (كتاب اليوم ) .
– تفسير ابن كثير ، ط . دار الكتب العلمية .
· ” من أسرار القرآن ” للدكتور زغلول النجار – جريدة الأهرام ( 26/ 8/2002) .
· ” تيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان ” تأليف العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدى – 1307 هـ – 1376 م .