إعجاز الشّفاء في الريق والتراب
الأثنين/يناير/2022
د. أروى عبد الرحمن أحمد*
ثبت من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستطباب بالريق والتراب كما في رواية السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للمريض: “بسم الله تربة أرضنا، بريقة بعضنا يشفى سقيمنا بإذن ربنا”. رواه البخاري ومسلم وابن ماجة.
وقد ثبت من خلال دراسات كثيرة جدًا وأبحاث وجود أسباب الشفاء في الريق والتراب للكثير من الأمراض.
وقد تبين أن للتراب قدرة في علاج ما يلي:
– الأمراض المعدية.
– أمراض القروح والجروح وذلك لأن التراب يحوي كمية كبيرة من المضادات الحيوية منها ما يصلح للتناول (أي أنه عند دراسة تأثيره على حيوانات التجارب أثبت صلاحيته للاستخدام) أما البعض الآخر فلا يصلح للتناول الداخلي، ولكن هذه المضادات بشقيها تصلح لعلاج الجروح والقروح الخارجية كما جاء في الحديث.
– أمراض الأورام عبر تثبيط الخلايا المسببة للأورام.
– كوقاية من بعض الوبائيات وكعلاج طبيعي لأمراض الجهاز العصبي وعيوب أعضاء الحركة.
وأما اللعاب فتتضح أهمية قدرته الشفائية في:
– أن للعاب خواص قاتلة وحالّة للكثير من الجراثيم. وأن اللعاب الطازج يصدّ هذه الجراثيم ويمنع تكاثر بعضها.
– وجود أنزيم الليسوزيم الفعال وهو مضاد للكثير من الجراثيم وبالذات تلك المسؤولة عن تقيحات الجلد.
– أن الجراثيم الهوائية الموجودة في اللعاب تعمل على توليد الماء الأوكسجيني ذي الخواص المطهرة.
– وجود نمطين قاتلين للجراثيم في اللعاب النكفي يتألف الأول من سيانات الكبريت مع عنصر بروتيني ويتكون الثاني من الماء الأوكسجيني مع سيانات الكبريت.
– يخفف بصورة كبيرة من تطور السرطان.
– يوجد فيه نوع من الأجسام المضادة التي تمنع التصاق الميكروبات الضارة بالخلايا الطلائية للأغشية المخاطية.
غير أن كل ما ذكر عن الشفاء في التراب واللعاب لا يشفي إلا إذا ذكر اسم الله العظيم عليه فقد تقاوم بعض تلك الميكروبات بعض تلك المضادات كما قد تمتنع تلك المواد بعضها على بعض فلا ينفع ذلك الشفاء إلا بإذن الله.
ومما لا شك فيه أن الإسلام ممثلاً بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة جاءنا بالعلاج الشافي لأمراض القلوب والأبدان. قال تعالى: ﴿ ونُنزّلُ منَ القرآنِ ما هوَ شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين﴾ (الإسراء:82)، وإذا كان دواء القلوب بالقرآن، فإن دواء الأبدان يكون بالقرآن وبما دلنا عليه ربنا سبحانه في كتابه أو بما أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم وقد أخبرنا الله أنا خلقنا من تراب، قال عزّ وجل: ﴿ ومنْ آياتهِ أنْ خلقكُمْ من ترابٍ ثمّ إذا أنتم بشرٌ تنتشرون﴾ (الروم: 20) كما جاءت الدلالة على طهارة التراب وإقامته في مقام الماء في حال تعذّره، في قوله تعالى: ﴿وإنْ كنتم مرضى أو على سفرٍ أو جاء أحدٌ منكم منَ الغائط أو لامستمُ النساءَ فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيدًا طيّبًا﴾ (النساء: 43) فوصفه سبحانه بالطيب، فخلقت منه الأبدان وجعل للطهارة عند تعذّر الماء أو عند حمية المريض عند استعماله، وما ذلك إلا لأن فيه شفاء بإذن الله فيعالج به ما كان في الأبدان من مرض.
وإذا قمنا باستعراض مكونات جسم الإنسان لوجدنا أنها بالضبط العناصر الموجودة في التراب. فمكونات الجسم البشري هي أشبه بمنجم صغير، يشترك في تركيبه حوالي (22) عنصرًا، تتوزع بشكل رئيسي إلى:
1- أكسجين (O) – هيدروجين (H) على شكل ماء بنسبة 65% – 70% من وزن الجسم.
2- كربون (C)، وهيدروجين (H) وأكسجين (O) وتشكل أساس المركبات العضوية من سكريات ودسم، وبروتينات وفيتامينات، وهرمونات أو خمائر.
3- مواد جافة يمكن تقسيمها إلى:
أ- ست مواد هي: الكلور (CL)، الكبريت(S)، الفسفور (P)، والماغنسيوم (Mg)، والبوتاسيوم (K)، والصوديوم (Na)، وهي تشكل 60-80% من المواد الجافة.
ب- ست مواد بنسبة أقل هي: الحديد (Fe)، والنحاس (Cu)، واليود (I)، والمنجنيز (Mn)، والكوبالت (Co)، والتوتياء (Zn)، والمولبدينم (Mo).
ج- ستة عناصر بشكل زهيد هي: فلور (F)، ألمنيوم ((Al، بوروم (B)، سيلينيوم ((Se، كادميوم ((Cd، كروم ((Cr.
كل هذه العناصر موجودة في تراب الأرض وهذا دليل علمي على أن الإنسان مخلوق من التراب وهو ما يصلح له ليتداوى به، ولا يشترط أن تكون كل مكونات التراب داخلة في تركيب جسم الإنسان، فهناك أكثر من مئة عنصر في الأرض بينما لم يكتشف سوى (22) عنصرًا في تركيب جسم الإنسان، وقد أشار لذلك القرآن حيث قال: ﴿ولقدْ خلقْنا الإنسانَ من سُلالةٍ من طينٍ﴾ (المؤمنون: 12).
وعند دراسة كثير من الأحياء الدقيقة (Microorganisms) الموجودة في التربة تبين أن هناك الكثير من هذه الكائنات تعود بالنفع على من حولها وتساهم بشكل كبير وهام في مقاومة الكائنات وحيدة الخلية وتلك الميكروبات المسببة للأمراض.
فوجود بكتيريا التربة والكائنات الدقيقة الأخرى في التربة تعمل على:
1- تحليل الفضلات العضوية والمخلفات النباتية والحيوانية من مواد عضوية معقدة إلى مواد بسيطة أولية وبذلك تخلّص البيئة وتنظفها من تلك المخلفات كما تجعلها مواد يسهل الاستفادة منها، ويسمى هذا النوع من الكائنات بالمحللات (decomposers).
2- تحويل النتروجين العضوي إلى نتروجين معدني قابل للامتصاص بواسطة النبات.
3- تقوم البكتريا العقدية بتثبيت النتروجين الجوي في التربة بواسطة العقد الجذرية وعند موت هذه البكتريا والسلالات الأخرى من بكتريا التربة تكون مصدرًا إضافيًّا للنتروجين في التربة.
4- وأخيرًا وهو بيت القصيد فإن هذه البكتريا المتواجدة في التربة تعمل على مقاومة أو مضادة الميكروبات والأوليات سواء تلك الموجودة في النبات أو الحيوان أو الإنسان.
وأودّ هنا أن أشير إلى قيامي بإجراء بعض البحوث لإثبات أن للتراب القدرة على الشفاء إذا شاء الله وأذن.
أما بالنسبة للريق أو اللعاب فإنه يفرز من الغدد اللعابية بما يعادل من 500- 1500 مل في خلال اليوم ويتكون من الماء، والأيونات مثل الصوديوم والبوتاسيوم والكلور والبيكربونات كما يوجد فيه أيضًا الأنازيم الهاضمة والليزوزيم المحلل للبكتريا والهرمونات والأميونوجلوبينات بالإضافة إلى المخاط وغيره من المركبات، وإذا كانت وظيفة اللعاب في داخل جسم الإنسان هي ترطيب الطعام لتسهيل بلعه والبدء في هضم الطعام وكذا حماية الأسنان من تأثير البكتريا الضارة والتي تسبب تآكلها؛ فإنه خارج الجسم له تأثير فعال في الشفاء يشبه تأثيره الداخلي.
ويفرزه الريق أو اللعاب في الفم من الغدد اللعابية المختلفة والتي هي عبارة عن ثلاثة أزواج من الغدد هي الغدة تحت اللسانية (sublingual)، الغدة تحت الفكية (submaxillary)، والغدة النكفية (parotid glands).
ولا يعني توصل العلم الحديث إلى معرفة نواميس الشفاء حتمية نفعه، فمتى تخلف الشفاء كان ذلك إما لقلة تركيز الدواء، أو لعدم قبول المريض أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينجح فيه الدواء، وقد يكون عدم تأثيرها لعدم قبول الطبيعة النفسي لذلك الدواء، فإن الطبيعة إذا أخذت الدواء بقبول تام كان انتفاع البدن به بحسب ذلك القبول، ولذلك يستحيل النفع إلا بالتقدير الإلهي.
ونعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تداوى وأمر بالتداوي فقال صلى الله عليه وسلم: ” تداووا يا عباد الله فإن الله لم يضع داء إلا وضع معه شفاء إلا الهرم” (رواه ابن ماجه).
النص المعجز من السنة
ذكر الشفاء بالتراب في القرآن وفي مواضع عديدة من السنّة النبوية وهو ما يدل على أهمية الشفاء بالتراب للكثير من الأمراض كما سنتناوله في هذا البحث وفيما يلي بعض ما ورد في كتاب الله سبحانه وتعالى وفي الأحاديث من السّنة النبوية المطهرة:
– قال تعالى: ﴿وإنْ كنتم مرضى أو على سفرٍ أو جاء أحدٌ منكمْ منَ الغائطِ أو لامستُمُ النساءَ فلمْ تجدوا ماءً فتيمموا صعيدًا طيّبًا﴾ (النساء: 43).
– قال صلى الله عليه وسلّم كما في سنن ابن ماجه أبواب الطّب، “باب ما عوذ به النبي صلى الله عليه وسلم وما عوذ به” حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا سفيان عن عمرة عائشة” أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مما يقول للمريض ببزاقه بإصبعه بسم ربنا تربة أرضنا بريقه بعضنا ليشفى سقيمنا بإذن ربنا.
– روى البخاري في الطب باب رقية الرسول صلى الله عليه وسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول للمريض:” بسم الله تربة أرضنا، بريقه بعضنا يشفى سقيمنا بإذن ربنا”.
– روى مسلم في السلام باب استحباب الرقية من العين (…) عن سفيان قال: كان إذا اشتكى الإنسان أو كانت به قرحة أو جرح قال النبي صلى الله عليه وسلم:” بإصبعه هكذا، وضع سفيان سبابته بالأرض ثم رفعها، “بسم الله تربة أرضنا، بريقه بعضنا يشفي سقيمنا بإذن ربنا”.
– روى أبو داود عن محمد بن يوسف بن ثابت بن قيس بن شماس عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه دخل ثابت بن قيس وهو مريض، فقال: (اكشف البأس رب الناس)، ثم أخذ ترابًا من بطحان فجعله في قدح ثم نفث عليه بالماء وصبّه عليه.
أقوال العلماء في شرح الأحاديث الشريفة:
قال ابن القيم: معنى الحديث أنه يأخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة، ثم يضعها على التراب، فيعلق بها منه شيء، فيمسح به على الجرح، وقول هذا الكلام لما فيه من بركة ذكر اسم الله، وتفويض الأمر إليه، والتوكل عليه، فينضم أحد العلاجين إلى الآخر فيقوى التأثير. وقوله “بريقه بعضنا” يدل على أنه كان يتفل عند الرقية.
أي كان يأخذ من ريقه على إصبعه شيئًا ثم يضعها على التراب فيعلق بها موضع الجرح ويقول هذه الكلمات.
ونقل ابن حجر عن البيضاوي: قد شهدت المباحث الطبية على أن للريق مدخلاً في النضج وتعديل المزاج.
هل المراد بقوله: تربة أرضنا جميع الأرض أو أرض المدينة خاصة؟ فيه قولان: ولا ريب أن من التربة ما تكون فيه خاصية وينفع بخاصيته من أدواء كثيرة، ويشفي به أسقامًا رديئة.
قال جالينوس: رأيت بالإسكندرية مطحولين، ومستسقين، كثيرًا يستعملون طين مصر، ويطلون به على سوقهم، وأفخاذهم، وسواعدهم، وظهورهم، وأضلاعهم، فينتفعون به منفعة بينة. قال: وعلى هذا النحو فقد ينفع هذا الطلاء للأورام العفنة والمترهلة الرخوة، قال: وإني لأعرف قومًا ترهلت أبدانهم كلها من كثرة استفراغ الدم من أسفل، انتفعوا بهذا الطين نفعًا بينًا، وقومًا آخرين شفوا به أوجاعًا مزمنة كانت متمكنة في بعض الأعضاء تمكنًا شديدًا، فبرأت وذهبت أصلاً. وقال صاحب الكتاب المسيحي: قوة الطين المجلوب من كنوس- وهي جزيرة المصطكى- قوة تجلو وتغسل، وتنبت اللحم في القروح، وتختم القروح.
وإذا كان هذا في هذه التربات، فما الظن بأطيب تربة على وجه الأرض وأبركها، وقد خالطت ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقارنت رقيته باسم ربه، وتفويض الأمر إليه، وقد تقدم أن قوى الرقية وتأثيرها بحسب الراقي، وانفعال المرقي عن رقيته، وهذا أمر لا ينكره طبيب فاضل عاقل مسلم، فإن انتفى أحد الأوصاف، فليقل ما شاء.
الواقع العلمي:
فما ذكرناه هو من المأثور الثابت عن رسوله صلى الله عليه وسلم وفجأة ينقلب الأمر، ويعود ذلك الإنسان إلى سابق عهده بصحته وعافيته، ليقف العلم في محراب الإيمان وتفسير ذلك الذي جاءت به السنة سهل ميسور، ببحث وجهد ووقت، مغلفًا بالإيمان فالذي أودع الحقائق في هذا الكون وسخره ودبره، وهو وحده الذي جعل التراب سببًا للشفاء والعلاج، إذا توفرت الشروط والقواعد والأسس التي تضبطها من قبل المعالِج والمعالَج، وهو الذي كتب الأمراض ويسّر الشفاء بأمره سبحانه، يقول تعالى في محكم كتابه: ﴿إنما قولُنا لشيءٍ إذا أردْناهُ أنْ نقولَ لهُ كنْ فيكونُ﴾ (النحل: 40) ويقول سبحانه في موضع آخر: ﴿بديعُ السماواتِ والأرضِ وإذا قضى أمرًا فإنما يقولُ لهُ كنْ فيكونُ﴾ (البقرة: 117). وإذا تأملنا في خواص الريق والتراب الشفائية كلاً على حدة لوجدنا أن الدراسات تدل على وجود الشفاء فيهما منفصلين فكيف إذا جُمعا كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.
وفيما يلي عرض لفوائد الريق والتراب الشفائية “بريقه بعضنا يشفى سقيمنا بإذن ربنا”.
خواص اللعاب الشفائية:
عن خواصّ اللعاب الشافية يقول الدكتور ظافر العطار ضمن مقالة طريفة نقل فيها مشاهدات لعديد من علماء الغرب حول قدرات اللعاب الشفائية منها: ما أثبته كل من Osdich و Barnes من أن للعاب خواص قاتلة وحالّة للكثير من الجراثيم. وأن اللعاب الطازج يصد المكورات العقدية الحالّة للدم من نوع بيتا ويمنع تكاثر جراثيم الكزاز. كما أثبت فلمنغ وجود مادة حالّة للجراثيم في المخاط الأنفي واللعاب الإنساني تدعى بالليسوزيم وهي فعالة ضد المكورات السحائية والدقيقة Micrococcus وضد المكورات العقدية والعنقودية المسؤولة عن تقيحات الجلد. وأثبتت بحوث أخرى أن الجراثيم الهوائية الموجودة في اللعاب تعمل على توليد الماء الأوكسجيني ذو الخواص المطهرة وأثبت فولكر أن اللعاب الإنساني يسرّع من تخثّر الدم، يدل على هذا عمليًّا أن الأعمال الجراحية المجراة في الفم تلتئم بأسرع مما لو كانت خارجه.
ويرى الدكتور العطار أن اللعاب أو الريق يختلف من فم لفم. وبصورة عامة فاللعاب يساعد على شفاء الجروح ويخفف من تأثير المواد المسرطنة ويقضي على الكثير من الجراثيم الممرضة. غير أن دوجون Dogon وزملاءه أثبتوا وجود نمطين قاتلين للجراثيم في اللعاب النكفي يتألف الأول من سيانات الكبريت مع عنصر بروتيني ويتكون الثاني من الماء الأوكسجيني مع سيانات الكبريت.
أما العالم مارك هيل (…) (Mark Hill) فقد أكد أن اللعاب الإنساني يخفف بصورة كبيرة من تطور السرطان التجريبي عند الفئران.
كما يوجد في لعاب الإنسان أيضًا نوع من الأجسام المضادة (lgA) التي تلتصق بالبكتريا والفيروسات وتمنع التصاق تلك الميكروبات الضارة بالخلايا الطلائية للأغشية المخاطية.
ويسود اعتقاد شائع أن اللعاب يحوي مطهرات أو مواد ضد ميكروبية وعند لعق الجراح يكون ذلك سبب في الشفاء. وقد اكتشف الباحثون في جامعة فلوريدا وجود نوع من أنواع البروتين في لعاب الفأر يطلق عليه عامل نمو العصب (nerve growth factor NGF) والجراح التي تغمر بهذا البروتين تشفى أسرع مرتين من تلك الجراح التي لم تعالج بهذا البروتين أو تلك التي لم تلعق ولذلك فإن اللعاب يحوي قوى شفائية. غير أن هذا البروتين لم يكتشف في لعاب الإنسان ووجد الباحثون أن لعاب الإنسان يحتوي على عوامل مضادة للبكتريا مثل اللكتوفيرين والثيوسيانات وانزيم اللكتوبيروكسيداز(lactoferrin thiocyanate, and lactoperoxidase ).
“بسم الله تربة أرضنا”.. التراب والشفاء
لقد قمت في دراستي في هذا المجال بعزل الجنس ستربتوميسس المنتج للمضادات الحيوية من التربة اليمنية وقد أوضحت الدراسة وجود 43 عزلة لها نشاط ضد الأنواع البكتيرية الموجبة والسالبة لصبغة جرام. وبعد تعريف بعض تلك الكائنات ، ركزت الدراسة على إحدى تلك الكائنات المعرفة في استخلاص المضاد الحيوي بواسطة الإيثيل أسيتات ثم تنقيته في عمود الفصل الكروماتوجرافي بعدة أنظمة للمذيب وتم الحصول على بلورات بيضاء اللون، كما تم تجريب النشاط الضد ميكروبي على العديد من البكتريا، ووجدت له فعالية بالذات على الجنس باسلس كما درست الخواص الفيزيائية والكيميائية للمركب الضد ميكروبي لتعريفه فوجد أن المركب هو من مجموعة المضاد الحيوي نيوميسين (neomycin).
كما نجح باحث عراقي في إنتاج نوع جديد من المضادات الحيوية أطلق عليه “K ” يتكون من البكتيريا الخيطية المعزولة من تربة جنوب العراق، حيث قام بعزل هذا المضاد الفعّال تجاه الجراثيم الموجبة والسالبة لصبغة جرام عن البكتيريا الخيطية المعزولة بشكل مسحوق أحمر اللون بإنتاجية جم/ لتر في درجة حرارة 25م، كما تم دراسة الصفات الفيزيوكيميائية للمضاد المستخلص باستخدام كروماتوجرافيا الطبقة الرقيقة “تي ال سي” TLC ، وطيف الأشعة تحت الحمراء وطيف الأشعة فوق البنفسجية والنسبة المئوية للعناصر: الكربون والنيتروجين والهيدروجين ودرجة الانصهار ودرجة الذوبان في المذيبات العضوية واللاعضوية وقد حددت الفعالية الحيوية للمضاد المستخلص بتقدير التركيز الأدنى تجاه عشر عزلات جرثومية.
وكذلك استطاع د. ماجد سيد أحمد من عزل بكتيريا خيطية من التربة المصرية وعينة من تربة تبوك واستخلاص الاتثراسيكلين من الجنس ستربتوميسيتس نوجالاتر بـ 163 ويعد هذا المضاد ذو نشاط مثبط للخلايا المسببة للأورام بالإضافة إلى المدى الميكروبي الواسع حيث وجد له أثر فعال في تثبيط الأحماض النووية والبروتينات للبكتريا في وقت قياسي.
وتوجد العديد من البكتريا الخيطية التي تنتج العديد من المضادات الحيوية وهذه الدراسات عبارة عن نماذج من الدراسات العربية حول أهمية التراب أو التربة في الشفاء المذكور في الحديث، أما الدراسات الأجنبية فهي لا تكاد تحصى في هذا الباب ومن أراد المزيد فما عليه إلا أن يتابع مجلة الأنتيبايوتك اليابانية.
ولا نقتصر هنا على أهمية التراب فقط في احتوائه على ما سبق وبيّناه إذ ربما يكشف العلم المزيد. ولا يخفى وجود المشافي الطبيعية التي تعتمد على الطين في إعادة تأهيل العضو بعد العمليات ومثال ذلك المفعول الشافي لمصادر الطين الطبيعي الموجودة في الجمهورية التشيكية ويستخدم جزء من مخزون الطمي والطين الطبيعي في إعادة تأهيل المرضى بدنيًّا بعد الحوادث والجراحات للعظام والمفاصل وعلاج أمراض الجهاز العصبي وعيوب أعضاء الحركة. وكذلك استخدام أنواع من الطين كمستحضرات تجميل حيث يتم استخدام الطين كقناع يحتوي ما يحتاجه الجسم منها.
______________________________
* جامعة صنعاء، كلية العلوم. وللراغبين بمتابعة البحث بكامله مع المراجع كاملة العودة الى