هل أسلم هذا البابا قبل موته؟

 
الثلاثاء/ديسمبر/2019
   

إعداد: طارق عبده اسماعيل

باحث في الطب النبوي

لقد أعلن الشيخ عبد المجيد الزنداني: أن مخطوطات قمران قد تكون تسببت في موت بابا الفاتيكان يوحنا الثالث والعشرون1963م، عندما حاول الإعتراف والإعلان عن أن هذه المخطوطات قد بينت شخصية المسيح الحق كما يدين به المسلمون، وأن دين الإسلام هو الدين الحق، والمسلمون هم الفرقة الناجية، وحينها إعترض سفير إسرائيل لدى الفاتيكان على دعوة البابا، ثم ما لبثوا أن وجدوا البابا ميت على فراشه، وبعد ذلك عاد الفاتيكان لسابق عهده في عداوته للحق والإسلام، وإخفاء حقيقة المخطوطات .


مقطع فيديو يعلن فيه الشيخ الزنداني أمر بابا الفاتيكان مع مخطوطات البحر الميت.

ولكن ما هي مخطوطات البحر الميت بقمران؟
في التاسع من أغسطس عام 1947 كان صبيان من بدو التعامرة، هما محمد الذيب (10 سنوات) ومحمد حامد (12 سنة) يرعيان الأغنام في خربة قمران، حين عثرا في إحدى الكهوف على لفائف من الجلد العتيق عليها كتابة ما، وهي المجموعة الأولى لما عُرف فيما بعد بمخطوطات البحر الميت؛ ولأن الصبيين لا يعرفان القراءة، فقد ذهبا إلى شيخ مسلم في سوق بيت لحم أدرك أن الكتابة سريانية، وأشار إليهما بمراجعة التاجر خليل اسكندر شاهين، الذي اتصل بدوره بالتاجر السرياني جورج شعيا، الذي بادر بإعلام المطران يشوع صموئيل في دير مار مرقص للسريان الأرثوذكس بالقدس القديمة، وقد أدرك يشوع صموئيل أن الكتابة سريانية، وإشتراها بمبلغ زهيد، ثم ترك القدس متوجهاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وما إن ذاع نبأ اكتشاف هذه المخطوطات حتى بدأت أعمال التنقيب في سفوح التلال المكشوفة على البحر الميت عام 1949 لسنوات عدة، كانت بطرق شرعية وغير شرعية. وفي عام 1960 تجمع في المتحف الفلسطيني جزء مهم من المخطوطات المكتشفة، وعكف على دراستها مجموعة مهمة من الباحثين؛ منهم العالم الفرنسي الأب رولان ديفو، وكانت مؤلفاته حول الموضوع مرجعاً أساسياً، وعالم الآثار الإسرائيلي أهارون كمبيسكي الذي قال: إذا قبلنا بيهودية جماعة قمران، فهذا يعني بطلان اليهودية الحالية.
تم إكتشاف ما لا يقل عن 600 مخطوط، تقارب أربعين ألف صفحة ووثيقة معظمها باللغة العبرانية القديمة والآرامية وقليل باليونانية، وهي مكتوبة على أوراق البردى وجلد الغزلان والماعز، ويعود زمن تدوينها إلى (200 ق.م – 70م) وهي تحوي على كل أسفار العهد القديم المعتمدة عند اليهود والنصارى، مع الكثير من التحريف، وحوالي ثلثي المخطوطات (خمسة عشر ألف صفحة) هي لكتب غير موجودة بالعهد القديم الآن.
يقول الله تعالى: (وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) [الأنعام آية 91].
ويقول تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ) [المائدة آية 15].
أخفيت هذه الكتب من ألفي عام، ولم تظهر الا في قمران البحر الميت!!
والأدهى أن أمر إخفاء كتبهم المقدسة لازال يحدث حتى الآن!! مصدقا لقول الله تعالى العالم بالسر وأخفى:
(فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [المائدة 13].
عندما ظهرت هذه المخطوطات بدأ المحققون والعلماء بنشرها على هيئة سلسلة منDJD  DISCOVERIES IN THE JUDAEAN DESERT

كان النشر بطيئا جدا، ثم حدث ما كان في الحسبان، فقد بدأت السلطات الإسرائيلية بمنع الاطلاع على المخطوطات، وبعد كثير من المحاولات سمحت السلطات الاسرائيلية بالاطلاع على المخطوطات فقط لمن تراه مناسبا ليطلع عليها من العلماء المؤهلين من وجهة نظرها!!! وكانوا ثمانية معظمهم من اليهود!! واشترطوا عليهم ألا يقوم بنشر أي أحد منهم صورة لمخطوطة أو عرض نصها، بل فقط يمكنه نشر استنتاجاته أو ترجمات بعض الفقرات، والتي توافق عليها السلطات الإسرائيلية.
وهذا يدل على أنهم يخفون وراء هذه المخطوطات ما لا يعلمه الا الله سبحانه، وبدأت الكتب تظهر مرة اخرى بالشروط المتفق عليها!! فلا يظهر من المخطوطات شيء إلا بإذن السلطات الإسرائيلية.
فمما سبق يتضح أن الحصول على بشارة واضحة من المخطوطات يكاد يكون مستحيل!! ولكن بفضل الله الحق ساطع مهما فعلوا، والله الموفق .
فالمخطوطات تحوي كتبهم المخفية والثانوية مثل: أخنون، وتهاليل، ووصايا الآباء الاثنتي عشرة، ووصية لاوي، إضافة إلى كتب طائفة الإيسينيين، وهي (كتاب النظام)، ويمثل عقائد هذه الطائفة اليهودية، ولهذا السفر ملحقان: الأول بعنوان (الحرب بين أبناء النور وأبناء الظلمة)، وبالمخطوطات أيضاً مايسمى (وثيقة دمشق)، وهي تتتكلم عن شدائد تحيق بمعلم الصلاح، ويُضاف إلى ذلك سفري الوصايا وتراتيل الحمد والشكر، وهما محور كتابنا هذا، وهناك بعض المخطوطات التفسيرية لسفر حبقوق والمزامير، وفيه ذكر للشدائد التي ستحل بالجيل الأخير، وهناك الكثير من جذاذات ومخطوطات أخرى منها مخطوط (لاماك)، وهو مكتوب باللغة الآرامية في تسعة عشر عموداً، تتضمن تعليمات إدارة الحرب بين أبناء النور والظلمة.
ويقول خبراء الآثار: إن هذه المخطوطات تعود أهميتها إلى أنها تحتوي على أقدم نص مدون للتوراة وللديانة اليهودية، كشف عن اختلافات جوهرية بينه وبين المعروف منها حالياً.
وهذا هو السر الذي جعل حكومة إسرائيل تعمل على إخفاء الكثير من المخطوطات، بالإضافة لإحتواء المخطوطات أيضاً على أمر ما سيهدم كل من اليهودية والمسيحية الموجودتان الآن معاً؛ وهو صفات معلم الصلاح المفترض أنه الشخصية المحورية لهذه الطائفة، وسيتضح أنه هو المسيح بن مريم مع إنجيله الأول بين طائفته الحوارية، وكشف هذا الأمر بالتالي سيظهر هيمنة الإسلام على كل الأديان السابقة، وأنه الدين الحق الخاتم.
لقد أكد إجماع الدارسين وعلماء الآثار على أن تجاراً ومسؤولين ورجال دين قد اشتركوا جميعهم في تهريب الكثير من هذه المخطوطات إلى الإسرائيليين، وحين استكملت إسرائيل احتلالها لفلسطين سيطرت على كل محتويات المتحف الفلسطيني المعروف باسم رُكفلر، وهو متحف دولي أُسس في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين، وكان يضم علماء آثار من مختلف بقاع العالم أتوا للتنقيب والدراسات والحفريات، فحينما استولت إسرائيل على الضفة الغربية نقلت المخطوطات إلى متحف إسرائيلي، هو متحف الكتاب المقدس في القدس الغربية، الذي أصبح يؤمه الناس من أنحاء العالم الآن؛ لمشاهدة بعض المخطوطات التي سمحت بها السلطات الإسرائيلية.

ولابد هنا أن نبين الحكمة العظيمة من ظهور هذه المخطوطات قدراً بفلسطين التي كانت أرض اليهودية فترة من الزمن، فهذه المخطوطات هي مكتبة لطائفة منهم عاشت أجيالها من قبل المسيح بمائتي عام، حتى عاصرت عهده، وظلت بعده أربعين عاما كما هو مذكور في مخطوطاتهم قبل تركهم لهذا المكان، وهي طائفة يهودية متدينة زاهدة مثالية في أخلاقها ومعاملاتها، قد اعتزلت القدس ومدن اليهودية بسبب فسادهم وبعدهم عن شريعة موسى عليه السلام، وأقامت وطن لها بوادي قمران أمام كهوف البرية التي على شاطئ البحر الميت، وأطلقت على مكان هجرتها هذا مسمى (دمشق)، وامتدت قرى أتباعها ببرية الشام حتى مدينة دمشق التي هي العاصمة السورية الآن، ولما أرسل الله سبحانه المسيح بن مريم آمنوا به وناصروه.
وجعلت الطائفة كهوف قمران مكان مكتبتها الدينية، وتركت هذه المكتبة بهذه الكهوف عندما غادرت أول موطنها بدمشق قمران إلى آخر موطن ببرية دمشق والمعروفة حالياً كما قلنا بدمشق العاصمة السورية، وذلك بسبب نفوذ الجيش الروماني بالمنطقة؛ لقربها من القدس عند حصاره لها، وتدميره الهيكل عام 70م.
وظلت هذه المخطوطات المقدسة محفوظة في قوارير ضخمة من الفخار مغطاة لمدة ألفين عام تقريباً، حتى تم العثور عليها -قدراً- كما ذكرنا، والرائع في هذه المعجزة أن هذه المخطوطات ظهرت بين سيطرة محتلين ليسوا من المسلمين إطلاقاً، وذلك حتى تقام الحجة الدامغة على اليهود والمسيحيين مما سوف تظهره هذه المخطوطات من بشارات بدين الإسلام، وأنه الدين الخاتم، وما عداه من يهودية ومسيحية هي بقايا أديان سماوية قد تغيرت إلى الوثنية.
فبداية ظهور المخطوطات كانت مع المحتل الإنجليزي، وتولى أمرها المسيحيين الكاثوليك الأجانب، ثم إنتقلت بعد ذلك للمحتل اليهودي الإسرائيلي، والأروع فيما مضى أن بداية الظهور لهذه المخطوطات كان عام 1947م حينما ادعى اليهود أحقيتهم بأرض فلسطين، وسخروا العالم أجمع لهم من خلال دول الإستعمار المسيحية وأخطبوط الصهيونية العالمية لإقامة هذا الوطن المغتصب، فجاءت هذه المخطوطات وهذا الإنجيل المكتشف بهذه الأرض المغتصبة في وقت إعلان قيام دولتهم إسرائيل؛ ليظهرهم على حقيقتهم المرعبة في أنهم شر قوم سكنوا هذه الأرض، ولا  حق لهم فيها بعد كفرهم وفسادهم .

صراع المخطوطات مع حكومة إسرائيل والفاتيكان:
لقد جعل الله سبحانه لليهود رغبة عارمة في الإعلان عن هذه المخطوطات، وذلك لإثبات أن لهم تاريخ قديم بهذه الأرض، وأحقية بها من وجهة نظرهم، ولولا هذه الرغبة ما خرجت هذه المخطوطات من رهن الإعتقال إلى النور أبداً، بإستثناء القليل منها الذي فر من قبضتهم عند بداية الإكتشاف، وتم نشره، لقد بدا لهم بعد أربعون عاماً من منع نشرها والإقتراب منها أن يظهروا أجزاء أخرى بسيطة من هذه المخطوطات، ولكن ما دار بالخفاء في هذه السنيين الطويلة لأمر عظيم سواء على يد المحتل الإنجليزي المسيحي أو المحتل اليهودي الإسرائيلي، فقد قال مايكل بيجنت وريتشارد لي في كتابهما الذي صدر بلندن: (خداع مخطوطات البحر الميت) عام 1991م: أن الإيكول بيبليك المسيطرة على أعمال اللجنة المسئولة عن المخطوطات تخضع لبابا الفاتيكان مباشرةً، الذي يتدخل في عملية النشر والترجمة، ويمنع ما يخالف العقائد المسيحية، وأن هذا الولاء سوف يهدد بضياع المخطوطات والمعلومات التي تتعارض مع الفاتيكان. وظهرت أقوال أخرى بأن الفاتيكان والحكومة الإسرائيلية إتفقتا على ألا تخرج هذه المخطوطات بما يزعزع العالم المسيحي والدولة الإسرائيلية.
لقد أثبتت المخطوطات أن المسيح لم يصلب ولم يقتل؛ كما أخبر القرآن الكريم، وأنه بشر، وليس إله، ولا إبناً لله .
ولذا فغالب الظن أن مدة الأربعين سنة هذه قد تم فيها الحذف بتفتييت الجمل والكلمات التي تتعارض مباشرة مع العقائد المسيحية واليهودية، وكذلك بالطبع حذف المواضيع والبشارات التي تصب في صالح النبي الخاتم والدين الإسلامي، وهذا ملاحظ في سياق المخطوطات وتفتيتها في مواضع معينة، وسقوط صفحات كاملة أحياناً، ويؤيد ذلك أن معظم المخطوطات إلى الآن ممنوع أن يقترب منه أي أحد مهما كان قدره غير أعضاء اللجنة الإسرائيلية وجلهم يهود، ثم ظهرت حملة إعلامية كبرى في عام 1991م في الصحف الأمريكية؛ مثل النيويورك تايمز والواشنطن بوست، تهاجم مجموعة الباحثين المسئولين عن مخطوطات قمران والبحر الميت، وتتهمهم بالإشتراك في مؤامرة يحيكها الفاتيكان لمنع نشر بعض ما ورد بنصوص هذه المخطوطات.
وأخيراً بعد أن انتهوا من تدبير أمرهم مع هذه المخطوطات بحذف وتفتييت المواضع التي تتعارض مع دين أربابهم وطواغيتهم كما سنرى، قام البعض من هؤلاء المسؤولين اليهود بترجمة بعض هذه المخطوطات من الآرامية والعبرانية القديمة إلى الإنجليزية، وبعض اللغات العالمية الأخرى، وكان أشهرها ترجمة غيزا فيرمز وأندريه سومر، ثم مؤخراً تم ترجمتها من الإنجليزية إلى العربية علي يد الدكتور سهيل زكار عن غيزا فيرمز، وقام موسى ديب خوري بترجمة كتاب مخطوطات قمران لأندريه سومر، وكانت كلتا الترجمتين منذ بضع سنوات قليلة قبل نهاية القرن العشرين، ولقد اعتمدت في معظم بحثي هذا على ترجمة الاستاذ الدكتور سهيل زكار عن المترجم غيزا فيرمز المعروفة بعنوان: (النصوص الكاملة لمخطوطات البحر الميت لغيزا فيرمز).
وتلك الترجمات كلها كانت للمخطوطات التي سمحت بها السلطات الإسرائيلية فقط، أو التي تسربت من سلطتها في بداية الاكتشاف، فمعظم ما تم نشره من مخطوطات بعد سماح الحكومة الإسرائيلية لا يتعدي واحد بالمائة مما تم الإعلان عنه وقت الاكتشاف على يد المحتل الإنجليزي عام 1947م، ولقد قامت الحكومة الإسرائيلية بعدة تمثيليات؛ منها الإيهام بتسرب صور المخطوطات كلها إلى إحدى الجامعات الكندية والتي بدورها أعلنت عنها، ولكن المهتمين بالأمر وجدوا أن الموضوع برمته ماهو إلا تمثيلية حقيرة للسطو على باقي المخطوطات، وعدم الإفصاح عنها، وأصبح معظم المخطوطات مخبأة ما بين أرشيف المتحف العبري أمام مبنى الكنيست الإسرائيلي، وأرشيف مكتبة الفاتيكان، ومحاطة بسريّة تامة حتى لا تر النور أبداً!!!

ولقد قامت بعد ذلك حوارات ومؤتمرات بصدد هذه المخطوطات، كان منها مؤتمر حدثت به مفاجأة عظيمة وبعيدة عن الإتجاه السائد لدى الباحثين المسؤولين عن المخطوطات، وهو المؤتمر الشهير الذي عقد في جامعة نيويورك عام 1993م ، بين العالمان الأمريكيان Robert Eiseman أستاذ الأديان في قسم الدراسات الشرقية في جامعة كاليفورنيا، والدكتور Michael Wise أستاذ اللغة الآرامية في جامعة شيكاغو.
قال الأستاذ الدكتور Robert Eisenman:
1- إن الفحص الكربوني لمعرفة تاريخ اللفائف فحص غير دقيق، ولهذا فإن الفحص بهذه الطريفة لم يستطع أن يعطي تاريخ وثيقة دمشق ‘Damascus Document‘ ولا تاريخCommunity  Rule ، ولم يعط أيضاً تاريخ الوثائق المعروفة باسم: “MMT ” وبجانب ذلك فإن من المعلوم أن فحص الكربون لا يعطي نتيجة دقيقة، ولهذا فلا بد من إعطاء مجال لاحتمال الخطأ من خمسين إلى مائة سنة، فبعد ذلك تكون النتيجة صحيحة وهي أن اللفائف جاءت بعد الميلاد.
2- إن صورة عيسى في الأناجيل تختلف عن صورته في لفائف البحر الميت، فاللفائف تعطي الصورة الحقيقيـة لما حدث في القرنين الأول قبل الميلاد والأول بعد الميـلاد، وإذا قارنا بين محتويات لفائف قمران مع محتويات الأناجيل نجد أن الأناجيل لسيت تاريخاً، ولكنها شيء آخر، فهي نوع من الرومانسيات اليونانية، ومهما يكن عيسى فلم يكن كالصورة التي وجدناها في الأناجيل، ولكن أقرب بكثير للصورة التي جاءت في لفائف قمران. وصحيح أن المسيحية التي نراها اليوم فهي مسيحية سلام بينما ما ورد في لفائف قمران فإنها تتحدث عن حركة مسيحية مسلحة في فلسطين تدعو إلى الحرب ضد الشر الذي على الأرض، وهذا يتناقض كلياً مع الصورة التي أمامنا عن المسيحية الحالية.
وبعد ذلك رد الدكتور Lawrence بغضب وبصوت مرتفع أمام الحضور بقوله: “هذا يعني أنك تنطلق من منطلقات إسلامية، فأنت إذن مسلم؟” فرد عليه بغيظ وقال له: “نعم أنا مسلم” .
وهنا يتضح أن معظم القائمين على هذه المخطوطات من باحثين يهود ومسيحيين قد بذلوا محاولات مضنية للبحث في هذه المخطوطات عن شخصية المسيح التي رسمتها الأناجيل الحالية وطال البحث ولم يجدوه، فليس هناك وصف بهذه المخطوطات لمحاكمة ابن الله، وليس هناك ذكر لعملية الصلب والقتل، وليس هناك هذا الإله المتجسد كما تحكي الأناجيل الحالية، وليس هناك قيامة من القبر، وليس هناك دعوة لنشر المسيحية بين العالم كدين عالمي يخص بني إسرائيل وغيرهم… إلى غير ذلك من إختلافات كثيرة مع مبادئ المسيحية والأناجيل الموجودة الحالية، مما دفع هؤلاء القوم من يهود ومسيحيين قائمين على ترجمة وفحص هذه المخطوطات إلى القول بعدم وجود ذكر للمسيح وإنجيله بهذه المخطوطات إلا القليل منهم على استحياء، وقد تعرضوا لنقد لاذع في جو من السخرية والتهكم، وعلى النقيض قد ذهب بعضهم وشكك في وجود شخصية المسيح التاريخية، مثل (جون أليجرو) وهو بريطاني من جامعة مانشستر، وعضو من أعضاء اللجنة الثمانية المسموح لها فقط بالإطلاع على المخطوطات، واعتبر هذا أن قصة المسيح برمتها مجرد وهم، وهذا الاعتقاد الأخير فيه جانب من الحق والصدق؛ لإنه بالفعل شخصية المسيح ابن الله المصلوب، وخروجه من القبر.. وغيرها من معالم المسيحية الحالية هي مجرد وهم مخالف للحقيقة، فبالفعل قد تم تزييف التاريخ المسيحي في هذه القصة المهمة.
ولقد كان قول المسؤولين عن المخطوطات مكرر كثيراً بأن الشخصية المحورية التي قامت عليها المخطوطات (معلم الحق والصلاح) كانت قبل الميلاد، وكان لهذا القول تأثير قوي جداً لإبعاد أي محاولات لإثبات أن هذه الشخصية هي بعينها المسيح عيسى ابن مريم؛ لإن ذلك الإثبات سيهدم العقيدة الدينية والسياسية لكيان دولة إسرائيل، ودولة الفاتيكان، ومايتبعهما من تداعيات على اليهود والمسيحيين في العالم أجمع، فشخصية معلم الحق والصلاح تمثل محور المخطوطات، وقاعدة وهيكل البناء كله وماعدا ذلك مجرد تفاصيل داخلية وكماليات لهذا الصرح الذي يمثل هذه الطائفة. ولذا نجد في أقوال الكثير من هؤلاء المسؤولين عن المخطوطات؛ تأكيدهم المتواصل بأن معلم الحق والصلاح كان تاريخ ظهوره قبل الميلاد بقرن أو قرنيين من الزمان، أو أنه يمثل أول معلم لهذه الطائفة عند بداية ظهورها قبل الميلاد بمائتي عام، في حين أن قانون الطائفة نفسها الموجود بهذه المخطوطات يبين أن معلم الحق والصلاح هو آخر معلمي هذه الطائفة، ففي الترجمة العربية للاستاذ الدكتور سهيل زكار بالطبعة الأولى نجد في قانون الطائفة بيان للقواعد التي يجب أن يسير عليها معلم الصلاح:
(يجب أن تنسق كل معارفه المكتشفه خلال العصور ويقومها مع مبادئ عصره.. عليه أن يخفي تعاليم الشريعة عن رجال الكذب، ولكن عليه أن يفضي بالمعرفة الصحيحة والحكم والعدل لأولئك الذين اختاروا الطريق القويم، وعليه أن يرشدهم إلى كل المعارف حسب روح كل منهم وطبقاً لقوانيين العصر)..

قانون الطائفة:
إن هذه المواد القانونية عندهم تعني بلا شك أن شخصية معلم الحق والصلاح هي الشخصية الأخيرة التي بعثت من عند الله لبني إسرائيل؛ لأنه سيقوم بتعديل وتقويم الشريعة والمعارف الدينية لأبناء جيله، وطبقاً لمبادئ عصره، وهذا سلوك إيماني سليم، فكل نبي سيأتي بوحي من عند الله تعالى يعدل به التفاسير الخاطئة والتعاليم الدخيلة على الشريعة التي أحدثها أحبار بني إسرائيل بالتحريف والتأويل، وهذا بالتالي يعني أن الشخصية المحورية لشريعة وقوانيين الطائفة هي شخصية آخر نبي من أنبياء بني إسرائيل، وهذا سيكون بلا شك وبلا اختلاف المسيح عيسى ابن مريم. ثم أنهم قد حددوا آخر وجود لهذه الطائفة في عام 70م. وحتى ذلك الوقت لم يبعث الله سبحانه أحد كمجدد ومقوم للشريعة اليهودية من بعد المسيح ابن مريم؛ الذي رفعه الله سبحانه للسماء عام 33م على أرجح تقدير، أضف إلى ذلك أن المخطوطات قد حددت وبينت أن تدمير القدس على يد الرومان كان بعد أربعين عام من ظهور معلم الحق والصلاح، ممايعني أن التوافق التاريخي أيضاً يثبت أن هذا المعلم هو المسيح ابن مريم عليه السلام.
فهل البابا يوحنا الثالث والعشرين قد ضحى بنفسه وقتلته اليهود ومن حوله عندما قرر الاعتراف إلى العالم بأن المسيح ابن مريم هو عبد الله ورسوله، وأن الإسلام هو الدين الحق؟؟؟

مقطع للشيخ الزنداني، وحديثه عن مخطوطات قمران البحر الميت، وموت البابا يوحنا الثالث والعشرين:


صفحتنا على الفيس بوك باسم: (مخطوطات قمران).
كتاب: (إنجيل قمران) موجود ببحث جوجل بهذا الاسم (إنجيل قمران)، وهو يقص قصة المسيح عليه السلام وتعاليمه، كما هي مذكورة في القرآن الكريم.


الوسوم:


مقالات ذات صلة