الأدلة الفلسفية والعلمية على بطلان فكرة أزلية الكون ووجوده بلا خالق

 
الخميس/أكتوبر/2024
   

في خضم النقاش الفلسفي والعلمي حول أصل الكون، برزت مسألة مهمة: هل للكون بداية أم أنه أزلي؟ وهل هذا الكون يمكن أن يوجد بدون سبب أو خالق؟ هذا السؤال يُعتبر محوريًا في علم الفلك والفلسفة، حيث إن الأبحاث الحديثة ونظريات الانفجار العظيم وقوانين الديناميكا الحرارية تُشير إلى أن الكون لم يكن موجودًا منذ الأزل، بل له نقطة بداية واضحة. وعلى الجانب الفلسفي، تُبرز حجة الكالام الكونية أهمية وجود سبب أولي خارج نطاق الكون المادي لتفسير نشأة الكون. في هذا المقال، سنستعرض الحجج العلمية والفلسفية التي تدعم فكرة أن الكون له بداية، مما يفرض ضرورة وجود خالق وراء هذا الكون المترامي الأطراف.

سنحاول في هذا المقال تقديم رد يجمع بين الأدلة العلمية والحجج الفلسفية.

أولاً: من الناحية العلمية

نظرية الانفجار العظيم (Big Bang): تشير الأدلة العلمية الحالية إلى أن الكون له بداية محددة في الزمن، وهي ما يُعرف بالانفجار العظيم. الأدلة الداعمة لهذه النظرية تشمل تمدد الكون المرصود (قانون هابل)، والخلفية الإشعاعية الكونية الميكروية، وتوزيع العناصر الخفيفة في الكون. هذه الأدلة تدل على أن الكون لم يكن موجودًا منذ الأزل، بل له نقطة بداية في الزمن.

القانون الثاني للديناميكا الحرارية: ينص هذا القانون على أن الإنتروبيا (العشوائية) في نظام مغلق تزداد مع الزمن. لو كان الكون أزليًا، لكان قد وصل إلى حالة من التوازن الحراري حيث لا يمكن حدوث أي عمليات حرارية. ولكن بما أن العمليات الحرارية ما زالت تحدث، فهذا يشير إلى أن الكون ليس أزليًا.

ثانيًا: من الناحية الفلسفية

مبدأ السببية (Causality): ينص هذا المبدأ على أن كل حدث له سبب. إذا كان الكون قد بدأ في الوجود، فيجب أن يكون هناك سبب لوجوده. وهذا السبب لا بد أن يكون خارج نطاق الكون المادي وغير مقيد بالزمان والمكان.

حجة الكوسمولوجيا الكالامية (Kalam Cosmological Argument): هذه الحجة، التي نشأت في الفكر الإسلامي، تقول:

كل ما يبدأ في الوجود له سبب.
الكون بدأ في الوجود.
إذن، الكون له سبب. هذا السبب يُنظر إليه على أنه الخالق.
مفهوم الوجود الضروري والممكن: الفلاسفة مثل ابن سينا تحدثوا عن الفرق بين “الوجود الممكن” و”الوجود الضروري”. الكون يُعتبر وجودًا ممكنًا لأنه يمكن أن يوجد أو لا يوجد، وبالتالي يحتاج إلى سبب لوجوده. أما “الوجود الضروري” فهو الذي لا يمكن أن لا يوجد، وهو السبب الأول أو الخالق.

استحالة التسلسل اللانهائي للأسباب: إذا افترضنا سلسلة لا نهائية من الأسباب، فلن نصل أبدًا إلى سبب أولي يفسر وجود الكون. لذا، من المنطقي وجود سبب أولي غير مسبوق بأي سبب آخر، وهو ما يُسمى بـ “المحرك الأول” عند أرسطو.

الخلاصة

من خلال الأدلة العلمية، يبدو أن الكون له بداية وليس أزليًا. ومن الناحية الفلسفية، حتى لو افترضنا أن الكون أزلي، فإن وجوده يحتاج إلى تفسير. الوجود نفسه، سواء كان له بداية أو كان أزليًا، يتطلب سببًا أو مسببًا خارج نطاقه لتفسير لماذا يوجد شيء بدلاً من لا شيء.

لذلك، القول بأن الكون ليس له خالق وهو موجود منذ الأزل يتعارض مع الأدلة العلمية الحديثة ومع العديد من الحجج الفلسفية التي تشير إلى ضرورة وجود سبب أولي أو خالق للكون.

المراجع العلمية : 

  •  The Kalam Cosmological Argument | Reasonable Faith
    العنوان بالعربية: حجة الكالام الكونية
    يناقش هذا المصدر حجة الكالام الكونية التي تقرر أن كل ما يبدأ في الوجود له سبب، والكون بدأ في الوجود، وبالتالي يجب أن يكون له سبب خارجي. يستعرض الحجة الفلسفية التي تعزز فكرة أن التسلسل اللانهائي للأحداث الزمنية غير ممكن في الواقع، مما يعني أن الكون له بداية وبالتالي له سبب (الخالق)​
    HUMANITIES LIBRETEXTS   REASONABLE FAITH REASONABLE FAITH
  • A Philosophical Argument against an Eternal Universe | Stand to Reason
    العنوان بالعربية: حجة فلسفية ضد الكون الأزلي
    يوضح هذا المقال الاستحالة الميتافيزيقية للكون الذي لا بداية له، إذ إن وجود عدد لا نهائي من الأحداث السابقة يقود إلى تناقضات منطقية. يشير المقال أيضًا إلى أن الكون، بناءً على الأدلة الفلسفية والعلمية، بدأ في الوجود، مما يعني أنه يحتاج إلى سبب خارجي​
    STAND TO REASON
  • Three Big-Picture Philosophical Perspectives on the Origin of the Cosmos | Reasons to Believe
    العنوان بالعربية: ثلاث رؤى فلسفية كبيرة حول أصل الكون
    يناقش هذا المصدر كيفية رفض النظريات الطبيعية التي تدعي أن الكون نشأ من لا شيء بدون سبب، ويؤكد أن نظرية الانفجار العظيم تدعم فكرة البداية المطلقة للكون، مما يتماشى مع مفهوم “الخلق من العدم” الذي يتطلب خالقًا ضروريًا


الوسوم:


مقالات ذات صلة